دخل يسوع أورشليم مدينة السّلام في أبهى حُلَلِها وقمّة مجدها. نشر يسوع المَلِكْ، بدخوله أورشليم، روح السّلام والطمأنينة والفرح والبهجة وحبّ الحريّة. هذا الدخول الملوكي، الذي تفاعل معه الناس، أعطاهم قوّة التحرّر والأمان والحلم بالخلاص. ولكن أيّ خلاص كانوا ينتظرون؟ هل يعترف البشر بالمسيح ملك السماء والأرض؟
أعلن الناس في أورشليم إيمانهم بيسوع الملك، فارتفعت الصيحات “هوشعنا هوشعنا”، أيّ يا ربّ تعال وخلّصنا. لمدّة طويلة انتظر الشعب الخلاص، وعندما حلّ المخلّص بينهم، تراجع الكلّ ونادوا بصلبه وموته. أيُّ إنسانٍ هذا؟ أَوَلا يُشبه إنسان عصرنا إنسان تلك الحقبة؟ نعم، لم ندرك ولن نفهم حبّ الله لنا، لا بل ما فتئنا نحاول التنكّر والجحود والاستغلال لحبّ الله وملكوته السماويّ، الذي يحرّر الإنسان كلّ إنسان من خطيئته. يَهب ملكوت الله السماويّ، المحبّة والحياة والتحرّر، ويساعد على المحافظة على المواقف الثابتة، والمبادئ السّليمة، والشعارات المحقّة، والكلام الصّريح والصّحيح.
يقع إنسان هذا العصر في حالة من نكران الجميل، وعدم الوفاء والخيانة والتخلّي عن محبّة الله ورحمته، من أجل حُفنةٍ من الأوهام وحبّ السلطة والظهور، والاعتداء على حقوق الآخر.
يطلب البشر الخلاص من الربّ، من خلال الطلبات والتضرّعات، ولكن في الوقت عينه، نرى أنفسنا ونحن نبتعد يومًا بعد يوم عن نور الله وعيش الحقيقة والعدالة والرحمة، وما هذا إلاّ بسبب نزواتنا ودخولنا في عالم العنف واللاإنسانيّة من خلال إقصاء الآخر وإلغائه؛ والتعدّي على حقوقه الأساسيّة. هل يبشّر سلوكنا وأداؤنا اليوميّ على أنّنا طلاّب خلاص؟
لنعمل على تمجيد الله (وليس الإنسان) من خلال إعلان الإيمان الراسخ والفاعل، والمعَبَّر عنه بأعمال الرّحمة، الذي يوحّدنا بيسوع وروحه القدّوس. فهو يقودنا نحو درب الربّ، درب الخلاص والحياة والفرح أيّ الخلاص المنشود والموعود.
لنهتف معًا ليسوع المسيح الملك والمخلّص، ليس بالأقوال فقط، إنّما بالأعمال الحسنة المنظورة، فيُنعِمَ الربّ المخلّص، بالبركة والنعمة والفرح والأمان على عالمنا الذي يريد حقًّا الخلاص.
لندعم سلام الربّ، أيّ السلام الحقيقيّ، فيعمّ البشر أجمعين، “لا تخافي يا صهيون… في وسطكِ الربّ… الذي يخلّص ويُسَرُّ بكِ فرحًا، ويجدّدُكِ بمحبّته، ويبتهج بكِ بالتهليل، كما في أيّام العيد”، نبوءة صفنيا (3: 14 و77).
امنحنا يا ربّ قلبًا نقيًّا مثل قلب أطفال الشعانين، الذين يفرحون ويعبّرون عن فرحهم بصيحات التسبيح والتمجيد والفرح، والتي تعبّر عن البراءة والتسامح والعفويّة والصدق، “بأفواه الأطفال والرضّع أسّست لكَ تسبيحًا” (مز 8: 2، ومتى 21: 16).
لنشكر الربّ على خلاصه من خلال مغفرته خطايانا، التي عبّر عنها بآلامه وصلبه وموته وقيامته. تلك القيامة العطيّة التي تُشرِكُ الإنسان المؤمن والتائب بالحياة الأبديّة. نعم، سينتصر الإنسان المتألّم والخاطئ بيسوع على الذلّ والهوان والضعف والعبوديّة، “أنا هو القيامة والحياة، مَن آمن بي وإن مات فسيحيا” (يو 11: 25-26).
لنهتف لكَ يا مخلّصنا “هوشعنا هوشعنا”، بكلّ قوّة وإيمان وتقوى. خلّصنا يا ربّ من الرذائل، والآلام ومن الكآبة والقلق والتشاؤم من الغد، بإعطائنا الأمان والطمأنينة والعمق الروحيّ والارتياح النفسيّ، لكيّ نحقّق خلاصنا؛ (أي سعادتنا “الممكنة” و”المعقولة”).
لنعلن إيماننا بكَ وانتماءنا لملكوتكَ، ولنبحث عن خلاصنا. أنتَ الحاضر من أجل عودتنا إليكَ أيّها المخلّص. نعم، “هوشعنا”، الخلاص لنا
الأب نجيب بعقليني
أخصائي في راعويّة الزواج والعائلة
رئيس جمعيّة عدل ورحمة