مطر في افتتاح السنة الطقسية

متفرقات

مطر في افتتاح السنة الطقسية

 

 

 

 

 

إفتتح رئيس أساقفة بيروت للموارنة المطران بولس مطر السنة الطقسية الجديدة، في قداس الهي احتفل به في كاتدرائية مار جرجس المارونية في وسط بيروت، يحيط به النواب الأسقفيون المونسنيور إغناطيوس الأسمر، المونسنيور انطوان عساف والمونسنيور شربل بشعلاني، رئيس مدرسة الحكمة “هاي سكول” الخوري كبريال تابت، وشارك فيه لفيف من كهنة الأبرشية والرهبان والراهبات واللجان الراعوية والخيرية ولجان الأوقاف والأخويات والحركات الرسولية والشبابية والكشفية.

 

 

 

وبعد الانجيل المقدس القى المطران مطر عظة من وحي المناسبة قال فيها:

 

 

“في مطلع السنة الطقسية الجديدة المباركة ، نجتمع معًا من كل مناطق االأبرشية من الرعايا المئة والثلاثين من الجامعات والمدارس ومن رابطات الأخويات والجمعيات الخيرية ومن الشبيبة والعائلات ممثلين عن كل هذا القطاعات لنصلي على نية هذه السنة الجديدة لتكون سنة خير عليكم جميعًا وعلى كنيستنا في لبنان وفي العالم كله وتأتي بالسلام للمنطقة المعذبة بأسرها.

 

 

هذا الاحد الذي نبدأ فيه السنة الطقسية والاستعداد لعيد الميلاد نسميه أحد تقديس البيعة أي الكنيسة، نتكلم عن تقديس للبيعة فيما الكنيسة مقدسة لأنها جسد المسيح. ونحن نقول في قانون الإيمان ونؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية، إلا أن هذه مقدسة بالكامل برأسها يسوع المسيح وبأعضائها. قد تكون فيها خطيئة لذلك تتوب الكنيسة وتصلي لمغفرة خطايا أعضائها. لذلك تطلب الكنيسة أن تتجدد بالإيمان والرجاء والمحبة. من أجل ذلك، نصلي لتقديس الكنيسة وتجديدها.

 

 

 

 

هذه الكنيسة هي أمنا جميعًا، هي سفينة تحملنا والأرض كلها في بحر العالم إلى شاطئ الرب شاطئ الأمان. هي الكنيسة التي تعمل من أجل تحقيق ملكوت المسيح. نقول في الصلاة الربية، الذي علمنا إياها الرب يسوع، ليتقدس اسمك ليأتِ ملكوت. ملكوت الله أسسه المسيح هو حاضرٌ في الأرض يكمل شيئا فشيئا حتى نهاية الدهر عندما يعود المسيح ويرد الملك إلى أبيه. خلال هذا الزمن كله، الكنيسة تسير مع الزمن حتى اكتمال ملكوت الله، وكل مؤمن فيها موظف يساهم في مجيء هذا الملكوت، الذي هو ملكوت الحق والرحمة والمصالحة والسلام والمحبة الشاملة جميع الناس وجميع الشعوب. متى يتم ذلك؟ الرب يسوع يقول ليس لكم أن تعرفوا الأوقات والأزمنة لكن اعملوا. نحن في سنة جديدة نعطى شكا أبيض، نكتب عليه ما نستطيع أن نحققه من أجل ملكوت الله إن كنا أهل خير وأهل سلامٍ وقلوبا نقية وأهل رحمة، شهودا ليسوع المسيح ومحبته للأرض، تصبح هذه السنة الجديدة فرصة لنا، أولا لتقديس نفوسنا ولشهادتنا لكي تكون شهادة حقة ليسوع المسيح وكنيسته.

 

 

 

 

الله يعطينا هذه السنة الجديدة حتى نسير مع المسيح، كلنا ساهرون مع المسيح، لسنا متروكين في هذه المسيرة والرب قال لنا قبل ذهابه، لن أدعكم يتامى، أولا أعطيكم جسدي ودمي يرافقكم مأكلا ومشربا. هذا هو قوتنا في السفر، إنه قوتنا وقوتنا، أعطيكم، يقول الرب، الروح القدس الذي يحل فيكم ويمنحكم مواهبه الكبرى من الإيمان إلى الحكمة إلى القوة إلى الموعظة والمشورة الحسنة، كل هذه النعم نُعطاها بالروح القدس حتى نسير مع المسيح فلا نضيع سواء السبيل.

 

 

نحن مع المسيح نسير ومع الروح القدس، ونسير أيضًا مع القديسين الذين سبقونا وشكلوا خزانة نعمة نستفيد منها كلُنا، لأن القديسين هم شركة نحن فيها مشاركون لنأخذ من عندهم ونرتوي من محبتهم ومما أخذوه من الله في حياتهم. لسنا وحدنا وما من أحد وحده، مسيرتنا إلى المسيح، إلى الملكوت هي مسيرة جماعية، القداسة علامتها والأيمان نبراسها والروح القدس ملهمها والرب قبطانها حتى الرمق الاخير. نعم أيّها الإخوة الأحبّاء، في سنة جديدة نحن لسنا معزولين ولسنا بلا سلاح، سلاحنا المحبة. وهكذا إن فقهنا هذه الأمور عرفنا وأدركنا أننا نحن أبناء الكنيسة، من قال فيهم الرب يسوع إنكم خميرة الدنيا، إنكم ملح الارض، إنكم نور العالم. المسيحيون يُضطهدون لكن الله بيسوع المسيح قال لنا ذلك، سيكون لكم اضطهاد. المسيحيون يحملون قضية في العالم هي قضية المسيح، مهما كلفت نحملها، نسعى ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، أن نكون نسمة خير ومثال.

 

 

 

في لبنان لدينا مسيرة كبرى نحن الذين أبقانا يسوع على هذه الأرض لنشهد عليها بصليبه وبمحبته للناس جميعا. نناشدكم أيّها الأحبّاء، أن تسألوا وهذا حقٌ لكم عن حقوق المسيحيين وعن شراكتهم وهذا أمر ضروري، لكني أناشدكم أن تسألوا عن واجباتكم كمسيحيين، لا حقوق من دون واجبات. واجباتكم أن تحملوا نور المسيح وحبه لجميع الناس من دون استثناء. الرّبّ يريد هذا الوطن اختبار تلاقٍ بين أناس من ديانات مختلفة ولكن نحن كلُنا إخوة نعيش معًا ومعًا نسعى للرزق الحلال ونصنع وطنا زينة أوطان الدنيا.

 

 

 

في هذا القداس وطيلة هذه السنة فلنصلِ على نية هذا الوطن ودوره ليكون وطنًا مجددًا بالنعمة والحق، وطنًا يخرج من مشاكله بقوة الروح وقوة المسيح الصاعد من القبر والذي قال: أنا غلبت العالم لا تخافوا! أطلب منكم أن تصلوا بخاصة على نية السلام في كل منطقتنا، ليبنى هذا السلام على أسس الخير والعدل لجميع الناس واحترام حقوق الجميع، نضع كل هذه الافكار وكل هذه الصلوات في قلوبنا حتى يستجيب الله طلباتنا وطلبات كل الناس ذوي الإرادات الصالحة. وداخل الأبرشية علينا أن نصلي أيضًا، على نية عائلاتنا لتكون عائلات متماسكة، نصلي على نية شبابنا الذي يسعى لأن يؤمن له مستقبل في أرضه بدل أن يكون مستقبل تحت سماوات أخرى. نصلي على نية كل أبنائنا وبناتنا حتى يكونوا متضامنين كبارًا وصغارًا فلا يُترك إنسان يعاني ويقاسي وحيدًا فيما الآخرون متخمون، بل نتقاسم الخبز حتى نكون كلنا كافين بعضنا لبعض مسالمين بعضنا لبعض، صلواتنا هي أن تُقرن بالأفعال وأن تتغير الدنيا بواسطة هذا الإيمان العامر في قلوبكم.
هذه السنة الجديدة نسأل الله أن تعطينا شيئا جديدا وإيمانا قويا حتى يتغير ويتم ملكوت الله في هذا الوطن العزيز الغالي.

 

 

 

على كل هذه النوايا أيّها الإخوة الأحبّاء، نرفع الكأس ونبارك الخبز والخمر ونتناول جسد الرب كلنا مناولة مؤمنة، تعطينا قوة دافعة من أجل مستقبل أفضل وحياة أفضل لكل واحد منا فنتقدس عندئذ وتصبح الكنيسة أكثر قداسة، هكذا نحيا هذه السنة، فلتكن علينا وعليكم سنة مباركة وليعطنا الرب كل نعمه حتى نكسب رضاه ويكتشف كل منا دعوته في سبيل هذه القداسة وما عليه أن يفعل ليكون مرضيا عند الرب وفاعلا في ملكوته متكلين في كل ذلك على إيماننا وعلى شفاعة العذراء مريم أمنا أم الكنيسة، نسألها أن تكون معنا، كما نصلي لها صلاتك معنا يا اطهر العباد كوني عوننا حسب المعتاد”.

 

 

 

 

المركز الكاثوليكي للإعلام