إليكَ الفرائِضَ التي جاءَ الأبُ شربلُ يعملُ بِموجَبِها يومَ دخلَ المَحبَسة:
1- على مَن يشاءُ الانفرادَ في المَحبسة، ألّا يعملَ برأيِ نفسِه، بل عليه أن ينالَ إذنَ الرَّئيسِ العامِّ وبركتَهُ.
2- لِيَعلمْ أنّه لم ينفردْ لِيُفلِتَ مِنَ القوانينِ والفُروضِ الدَّيريَّة، بل لِيَزيدَ كمالا ً بِمُمارسَةِ الفضائِلِ والإماتة، وبكلِّ عَمَلٍ لا يُعيقُهُ عنِ الصَّمتِ والخُشوع، روحيًّا كان أمْ جسديًّا.
3- يَتبَعُ الحُبساء، في الأعمالِ المُشتركة، مِن حيثُ الرُّتبةُ والتَّقدُّم، ترتيبًا يَضعُهُ الرَّئيس العام.
أمّا في المُمارساتِ الخاصَّة، كالصَّومِ والسَّهر... فتُترَكُ المُبادرةُ لِفطنَةِ الحبيس. غيرَ أنَّ الأضمَنَ له اتِّباعُ مَشورَةِ مُرشِدِهِ الرُّوحيّ.
4- على الحبيسِ أن يَحتَرِمَ الجميعَ سواءٌ أكانوا أعلى منهُ رُتبة ً أو أدنى. وليُبْدِ الإكرامَ بالأكثرِ للمُتقدِّمِ كأنّهُ رئيسُهُ.
5- مَحظورٌ كُلُّ اجتماعٍ لأجلِ أحاديثَ غيرِ مُفيدَة. أمَّا في حالة المَرَض، فليُوجِّهِ الحَبيسُ إلى أخيهِ كلامًا مُعزِّيًّا وَمُسلّيًّا ومفيدًا خلاصَ نفسِهِ وازديادَ حُبِّهِ لله.
6- ألحبيسُ هو منَ طابَقَ اسمُهُ مُسَمَّاه، أي مَن لازَمَ الوحدَةَ وقمَعَ حواسَّهُ وأفكارَهُ، والذي لا يَخرُجُ مِنْ عُزلتِهِ إلّا لِضَرورةٍ قُصوى. ولا يَجوزُ أن تَكونَ لهُ صداقة ٌ معَ أحدٍ غيرِ إخوَتِهِ المُختَمرينَ بالفضيلة، القليلي الكلام، لأّنَّ بكثرةِ الكلام، وإنْ مُفيدًا، تعكيرًا لِجوِّ الصَّلاة.
7- لا يَقطُنِ الحَبيسُ في غُرفةٍ يُسمَعُ منها صوتُ بُكائِهِ وتنهُّداتِهِ في الصَّلاةِ أو ترنيمِهِ أوانَ الضَّجَر.
8- لا يُؤاكِلْ أحَدًا في قـَلَّايتِهِ. وليَحذرِ التَّذمُّرَ في أكلِهِ وشُربِهِ، لأنّهُ جاءَ المَحبَسَة للتَّعَرِّي عنِ اللّذةِ الحِسيَّةِ وللإستغراقِ في تَذوُّقِ المحبَّةِ الإلهيَّة.
9- لا يتناوَلِ الحَبيسُ طعامًا إلّا مرَّةً واحِدَةً في اليوم، السّاعة َ الرَّابعَة َ عشرة. ولا تَكُنْ وَجبَةُ طَعامِهِ إلّا شَكلا ً واحِدًا، يُمكِنُ أن يُضافَ إليهِ شَكلٌ آخرُ مِنْ بُقولٍ أو زيتونٍ وما أشبَه. ومَن أحبَّ إماتَة َ نفسِهِ فليتقيَّدْ برأيِ المُتَقدِّم.
10- لا يحتفظْ في قـَلَّايتِهِ بأيِّ طعامٍ أو شراب، إلّا بإبريقِ ماءٍ يَحولُ دون خروجـِهِ ليَشرَبَ فتتشتَّتُ أفكارُهُ.
11- كلُّ ما مِن شأنِهِ أن يَضُرَّ بِهِ مِن حيثُ المَسكن أو الملبس أو المأكل، فليُخبِرْ بِهِ الرَّئيسَ ويَعملْ بمشورتِهِ.
12- ليسَ لهُ أن يأكُلَ لحمًا ولو كان مريضًا إلّا بإذنٍ مِن الرّئيسِ العامّ.
وإن طالَ مرَضُهُ، فإمَّا يُعادُ إلى الدّير، وإمَّا ينقطِعُ عنِ أكلِ اللحمِ ويَقتبلُ الموتَ نَظيرَ حبيسٍ حقيقيّ.
13- مَنْ لم يتقدَّمْ في كمالِ الحياةِ النُّسكيَّة، بل يسترسل في الكسلِ وفي الأفكارِ الباطلة، عليهِ أن يعودَ إلى الدّير؛ إنّما الحُكمُ بذلكَ يَعودُ إلى الرّئيسِ أو المُتقدِّم.
إلى هذه الفرائضِ القانونيَّة الأساسيَّة يُضافُ قانونٌ تقليديٌّ يَقعُ في سِتّةِ بُنودٍ جاءَ فيها:
1- يُحظـَّرُ على النِّساءِ إطلاقـًا دُخولُ حِصنِ المَحبسة. يَجـِبُ عليهـِنَّ، لكي يَشترِكنَ في القدَّاسِ الإلهيّ، أن يمكُثنَ وراءَ "الشّعريَّةِ" المُنزلةِ في بابِ الكنيسَةِ الخارجيّ.
2- يَجـِبُ على الحبيسِ ألّا يَقُصَّ شَعرَ رأسِهِ، بل يترُكَهُ مُسترسِلا ً على غِرارِ إنسانٍ مَنذورٍ للرَّبّ.
3- عليهِ ألّا يذوقَ فاكهَة ً أو حلوى، وألّا يشربَ مُسكِرًا. أيَّامَ الصّوم، فليَكتَفِ بتناولِ البُقولِ المتبَّلةِ بالزّيت فقط.
4- ألصَّمتُ واجـِب. وإنْ دَعَتِ الضَّرورة، فليتكلّمْ بإيجازٍ وبصوتٍ خافت.
5- يَجـِبُ ألّا يَخطَفَ مَن النّومِ سِوى خَمسِ ساعات. وعليهِ أن يتلوَ صلاة الفرضِ في الشَّحيم ِ الكبيرِ على القرَّاية.
6- يَنبغي ألّا يُغادِرَ المحبسة َ إلّا بإذنٍ مِن الرَّئيس.
وما زادَ على هذه الفرائض، كلبسِ المِسح، أو حديدٍ شائكٍ على الجسم، أو باقي التقشُّفات، يقتضي إذنُ الرَّئيس.
من كتاب "شربل إنسان سكران بألله"
الأب بولس ضاهر