اعلن غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي ظهر يوم السبت 6 تموز 2019، في الصرح البطريركي في بكركي، ان قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس قرر تثبيت عيش بطولة الفضائل من قبل البطريرك مار الياس بطرس الحويك (1843-1931) واعلنه مكرمًا.
تحدث غبطته في مؤتمر صحافي عقد للمناسبة في قاعة القديس البابا يوحنا بولس الثاني في الصرح البطريركي حضره طالب الدعوى المطران حنا علوان النائب البطريركي العام، راعي ابرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله، رئيس اللجنة المتابعة لتحضيرات مئوية لبنان الأولى المطران سمير مظلوم، المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الحبري الماروني في روما المطران رفيق الورشا، الرئيسة العامة لراهبات البطريرك الحويك راهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري انطوانيت سعادة مساعدة طالب الدعوى وراهبات من رهبنة العائلة المقدسة، امين سر البطريرك الأب شربل عبيد، والمرسل اللبناني الأب فادي تابت.
وقال غبطته:" في وقت تسود فيه الخلافات والناس لا يتحدثون مع بعضهم البعض ونشهد تراجعًا على مستوى القيم والوطن سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وأمنيًا واجتماعيًا ها هي السماء تحاكينا من جديد، البطريرك الكبير الياس الحويك اب لبنان الكبير قد أعلنه قداسة البابا انه عاش ببطولة الفضائل الإلهيّة والإنسانيّة والأخلاقيّة والإجتماعيّة.
ونحن كنيسة ومؤمنين ولبنان وبطريركية وراهبات العائلة المقدسة التي اسسها نفتخر به وها هو المرسوم الذي وقعه قداسته، أي إن الكنيسة انهت مسار التحقيق في قداسته واعلنت ان هذا المسار بلغ خاتمته يبقى علينا نحن في هذه الفترة طلب شفاعته حتى يظهر ربنا قداسته من خلال اعجوبة ما تكون ضرورية كخطوة تالية وأساسية من أجل الوصول إلى التطويب وإعلانه على مذابح الكنيسة."
وتابع غبطته:" يسعدنا اليوم ان نبث الخبر ليس فقط للبنان وللموارنة وإنما لكل اللبنانيين ولكل الموارنة في العالم لا بل لكل المسيحيين فالأبرار الذين تعلنهم الكنيسة مكرمين وطوباووين وقديسين يكونون لجميع الناس. فكما نرى ان القديس شربل لا يميز بين طائفة او مذهب وانما هو يوزع الخير والنعم. نحن نتأمل من خلال هذه الإلتفاتة الجديدة من السماء الى ارضنا ان تكون لنا حافزا لكي نعيش الرجاء وايماننا ومحبتنا ويكون حافزا لكل اللبنانيين والموارنة والمسيحيين وخاصة لكل السياسيين لأن البطريرك الحويك هو الذي ناضل في سبيل لبنان هو الذي كتب عن مفهوم الوطن وهو اليوم الذي شاءت فيه العناية الإلهيّة ان يتزامن فيه قرار الكنيسة مع بداية المئوية الأولى للبنان الكبير الذي كان هو بطله وكان مترئسًا في مؤتمر السلام في فرساي 1919 الوفد اللبناني وناضل من اجل الحصول على لبنان الكامل بكافة اراضيه بما فيها الأراضي التي سلختها الدولة التركية عن لبنان وكانت السبب الأساسي في المجاعة الكبرى. نحن ايضا سنصلي ونطلب شفاعته لكي من خلاله تظهر النعم ويظهر الرب قداسته ويعلن على المذابح. صلواتنا تتواصل باستمرار على هذه النية ويبقى لبنان وطن القديسين."
ثم كانت كلمة للمطران منير خيرالله بصفته راعيًا لابرشية البترون المارونيّة التي ولد فيها المكرم الحويك قال فيها:" ابن أبرشية البترون، أبرشية القديسين التي تحتضن ذخيرة مار مارون في دير مار يوحنا مارون كفرحي، وضريح القديسة رفقا في جربتا، وضريحي القديس نعمة الله والأخ اسطفان في كفيفان.
إننا في أبرشية البترون نحظى بنعمة مميزة لأن الله أعطانا أن نعيش على أرض مقدسة وأن نكون جيران القديسين في كفيفان وجربتا وكفرحي والبترون وحردين وتنورين. فلأي من الناس أعطيت هذه النعمة أن يكون لهم في محيط بضعة كيلومترات مربعة أربعة ضرائح قديسين أصبحوا منارةً للكنيسة الجامعة وللعالم ومراكز حج ومزارات دينية عديدة ؟
هذا بفضل أديارنا وكنائسنا ورهباننا وراهباتنا وكهنتنا ونساكنا، وبفضل عائلات تقيّة تربّينا فيها على يد آباء وأمهات وأجداد ساروا أمامنا على درب القداسة وارتضوا كل التضحيات ليربّوا الأجيال الطالعة على القيم المسيحية والمارونية بنوع خاص، ويعطوا قديسين وقديسات.
يُزاد عليهم اليوم إسم المكرّم البطريرك الياس الحويك والمواقع الأربعة التي طبعت حياته في الأبرشية.
أولاً: حلتا
ولد البطريرك الياس الحويك في بلدة حلتا في 4 كانون الأول سنة 1843 في عائلة تقيّة من عائلاتنا البترونية. والده تادروس عبود الحويك، الذي رُسم كاهنًا في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي في 18/11/1850 على يد البطريرك يوسف راجي الخازن وأصبح الخوري بطرس وخدم ضيعته حتى وفاته. والدته غُرّة طنوس الحويك؛ وهي أمرأة فاضلة تقيّة صاحبة إيمان قوي؛ عُرفت بمحبتها وتقواها؛ وكان لها فضل على إيمان وتقوى ابنها الياس؛ وهو البكر لسبعة أولاد: الياس، سعدالله، لاوون، مباركة، نورا، مارينا ومحبوبة التي أصبحت في ما بعد الرئيسة العامة لراهبات دير مار يوحنا حراش في كسروان.
تربى في عائلة كهنوتية، فقيرة متواضعة، على الاتكال على الله وعلى قيم الاحترام والعدالة والتضامن والطيبة والحقيقة.
ثانيًا: كفرحي
بعد ان تعلّم مبادئ القراءة العربية والسريانية في مدرسة تحت السنديانة في حلتا (1848-1851)، انتقل الياس بتشجيع من والده الخوري بطرس إلى مدرسة مار يوحنا مارون في كفرحي التي كانت تأسست سنة 1812 على يد البطريرك يوحنا الحلو والمطران جرمانوس تابت، لتنشئة الكهنة. وكانت المدرسةَ الثانية في لبنان بعد مدرسة عين ورقة (سنة 1789). ولعبت دورًا ثقافيًا وكنسيًا ووطنيًا في القرن التاسع عشر وتعلّم فيها كثير من كبار رجال الكنيسة والوطن، أمثال البطريرك الياس الحويك والبطريرك أنطون عريضه.
لبّى دعوة الرب إلى الكهنوت واعتبرها نعمة يغدقها الله عليه.
سنة 1859، التقى الياس البطريرك بولس مسعد وهو في زيارة إلى مدرسة مار يوحنا مارون، فطلب منه أن يتابع دروسه الإكليريكية. فأرسله الأخير إلى الإكليريكية الشرقية في غزير التي كان أسسها الآباء اليسوعيون سنة 1843.
سنة 1866، أنهى دروسه في غزير وتميّز بتقواه وبتكريمه للعذراء مريم وبذكائه وتعطّشه إلى المعرفة. فطلب من البطريرك مسعد أن يتابع دروسه في روما. فأرسله إلى معهد البروبغندا - معهد انتشار الإيمان – ليدرس الفلسفة واللاهوت. وتميّز هناك بسلوكه المثالي وبتقواه العميقة، وبذكائه واتّزانه ومثابرته. نقرأ عنه في سجل البروبغندا أنه « حاز بذكائه المتّقد درجةً سامية في تحصيل العلوم، وكان قدوة في صبره وطاعته وتدقيقه في القانون... إنه فتىً وُلد للعظائم».
في 5 حزيران 1870، اقتبل سرّ الكهنوت في روما على يد المطران يوسف جعجع وكان والده قد توفي في نيسان 1869. وتزامن حدث رسامته الكهنوتية مع مباشرة أعمال المجمع الفاتيكاني الأول برئاسة البابا بيوس التاسع.
وفي 19 آب 1870، نال شهادة الملفنة في اللاهوت وعاد إلى لبنان.
فعيّنه البطريرك مسعد معلّمًا للاّهوت الأدبي في مدرسة مار يوحنا مارون كفرحي.
فأعطى أفضل ما عنده وأفضل ما هو عليه لتلاميذه. وكان أستاذًا ومربيًا وراعيًا صالحًا يترأس صلوات الفرض، يقضي ساعات طويلة في كرسي الاعتراف، يتقاسم الغداء إلى الطاولة نفسها مع التلاميذ، ويبقى في صحبتهم ساعات الفراغ زارعًا في قلوبهم الفرح والرجاء.
ثالثًا: كفيفان
بعد سنتين في كفرحي، عيّنه البطريرك مسعد في حزيران 1872 أمين سرّ البطريركية في بكركي ومحامي الوثاق في الديوان البطريركي.
وفي 14 كانون الأول 1889 رُقّي إلى الدرجة الأسقفية، ورسم مطرانًا على عرقا شرفًا ونائبًا بطريركيًا. وكان ذلك بعد أشهرٍ من وفاة المطران يوسف فريفر النائب البطريركي ورئيس مدرسة مار يوحنا مارون- كفرحي.
كان الخوري ثم المطران الياس الحويك يحلم بتأسيس جمعية رهبانية نسائية رسولية تساعد في إصلاح وتنمية المجتمع المهدّد بتيارات الفساد والجهل. وكان يرى أن « مستقبل المجتمع متوقف على تربية الفتاة وترقيتها». « فالفتاة هي أم المستقبل، وركيزة العائلة، وبالتالي ركن المجتمع بأسره». فرأى في العلم والتربية الوسيلةَ الفضلى لمواجهة الفساد، وعَزَمَ على توفير العلم للفتاة اللبنانية مع التربية المبنية على القيم الإنسانية والإجتماعية والإنجيلية.
سنة 1893، التقى الأم روزالي نصر، من جمعية راهبات الوردية، القادمة من القدس إلى كفيفان لتأسيس دير ورسالة مع رفيقة لها الأخت ستيفاني كردوش. فعرض عليها الحويك فكرته بتأسيس جمعية رهبانية. وبعد إنجاز الإجراءات القانونية أسس « جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات» وسلّم بيتًا في جبيل هو وقفية من السيدة أورسلا لحود إلى الأم روزالي نصر. وفي 15 آب 1895 احتفل المطران الحويك بقداس التأسيس في دير جبيل.
أما الإسم، فأراده الحويك حافزًا لكي تتمثل الراهبات بالعائلة المقدسة في الناصرة وتعيش فضائلها وتنشرها بين العائلات. وطلب أن تكون العائلة المقدسة مثالاً لكل العائلات اللبنانية لبناء مجتمع سليم ومقدس، يلتزم « المبادئ التي تعمّر البيوت، وتحفظ العيال، وتصون الهيئة الإجتماعية من الفساد».
رابعًا: عبرين
بعد أشهر قليلة قضتها الأم روزالي والأخت ستيفاني في دير التأسيس في جبيل، اشترى المطران الياس الحويك بيتًا في عبرين وطلب من الراهبات الانتقال إليه ليكون الدير الأم للجمعية، وذلك سنة 1896.
وراحت الجمعية تزدهر وتتوسع وتفتح المدارس في كل لبنان وتحقق حلمَ المؤسس ورسالتَه.
وقبيل وفاة البطريرك الحويك المؤسس في 24 كانون الأول 1931، كانت الجمعية قد انتشرت في عمشيت وجبيل وعبرين، ثم في قرطبا (1902)، البترون (1910)، صورات (1912)، بيروت- مدرسة سيدة لبنان (1923)، تنورين (1923)، انطلياس (1924)، حارة حريك (1924)، الديمان (1930)، حصرون (1930)، مزياره (1930)، شكا (1931)، دير الأحمر (1931)، دوما (1931).
توفي البطريرك المؤسس ودفن في بكركي. وفي 12 أيار 1936، نُقل جثمانه إلى الدير الأم في عبرين. وأصبح ضريحه مركز حجّ وصلاة ودعوة إلى الاتكال على العناية الإلهية.
بعدها تحدث طالب الدعوى النائب البطريركي العام المشرف على المحاكم الروحية المطران حنا علوان عن مراحل دعوى التطويب منذ بدايتها حتى صدور الإعلان الحالي وقال:" إن دعوى التقديس تمر بثلاث مراحل أساسية. مرحلة المكرم، ثم الطوباوي، ثم القديس.
تبدأ المرحلة الأولى في الأبرشية بعد الحصول على إذن الكرسي الرسولي حين يعيّن بعدها مطران الأبرشية هيئة تحقيق مؤلفة من محقق ومحامٍ عن العدل ومسجل كما يعين لجنة تاريخية من ثلاثة اختصاصيين في التاريخ والمكتبات والتأليف ولجنة لاهوتية من ثلاثة لاهوتيين. أثناء التحقيق وحتى نهاية المرحلة الأولى يسمى صاحب الدعوى "رجل الله" أو "أمة الله". هدف هذه المرحلة الأولى هو إثبات عيش الفضائل بشكل بطولي من قبل رجل لله.
يتم التحقيق بالاستماع إلى شهود وجمع المؤلفات ودراستها وتحليلها والتأكد من أنها خالية من الشوائب والأخطاء اللاهوتية من جهة، وهي من جهة أخرى، تظهر روحانية وقداسة كاتبها. عند انتهاء التحقيق والحصول على تقارير اللجان المذكورة أعلاه بعد حلفان اليمين من قبل الاختصاصيين أنهم قاموا بواجبهم بطريقة محض علمية وبحسب والضمير، ترسل الملفات على عدة نسخ إلى مجمع دعاوى القديسين في الكرسي الرسولي في روما، حيث يدرس أولا الملف من جهة الشكل وصحة الأعمال، ثم من حيث المضمون إذ يرسل من جديد لدراسته من قبل لجنة فاتيكانيه متخصصة بالتاريخ والكتابات، ثم يمر على لجنة فاتيكانيه أخرى مؤلفة من اللاهوتيين ليدرس من الناحية اللاهوتية والفكرية.
وفي حال مر الملف بنجاح على كل هذه اللجان يعرض أخيراً على لجنة من الكرادلة مؤلفة من حولي 18 عضواً يدرسون الملف مع كل تقارير اللجان يعطون قرارهم النهائي بقبول الدعوى والاعتراف بدرجة "المكرم"، ويرفعون قرارهم إلى قداسة البابا ليعطي قراره بإثبات بطولة الفضائل وإطلاق لقب مكرم على رجل الله صاحب الدعوى.
المرحلة الثانية تبدأ عندما يجترح المكرم أعجوبة. تعين عندها لجنة تحقيق في الأبرشية حيث جرت الأعجوبة لتقوم بدراسة الحدث علمياً والتحقيق في صحة الأعجوبة، فيكون ملف خاص بالأعجوبة ويرسل من جديد إلى الكرسي الرسولي لتعين له اللجان المختصة لدراسة صحة الأعجوبة من الناحية العلمية واللاهوتية. ويمر الملف من جديد على لجنة الكرادلة. وفي حال موافقة هذه الأخيرة على صحة الأعجوبة، يقرها قداسة البابا ويعلن معها أن المكرم أصبح طوباوياً.
المرحلة الثالثة هي كالمرحلة الثانية أي التحقيق بأعجوبة ثانية تنتهي بإعلان القداسة. يجرى التحقيق في الأبرشية ليرسل بعدها إلى روما لدراسته، على طريقة إثبات الأعجوبة مرحلة الطوباوي، ويعلن بعدها الطوباوي قديساً.
بالعودة إلى دعوى البطريرك مار الياس الحويك، إن قداسة البابا أطلق اليوم لقب "مكرم" على البطريرك الحويك لأنه ثبت على أثر انتهاء المرحلة الأولى والتحقيقات ودراسة اللجان أن الحويك عاش الفضائل بطريقة بطولية ومثالية يمكن الاحتذاء بها. وبهذا اللقب يمكن اليوم لمكرمنا أن ينتقل إلى المرحلة الثانية ليعلن طوباويا في حال حصلت أعجوبة بشفاعته.
لم يكن من السهل التحقيق بدعوى البطريرك الياس بطرس الحويك، وقد واجهتنا صعوبتين: الأولى كون الدعوى تاريخية، بحسب التعبير القانوني، أي أنه مر زمن طويل على وفاة صاحبها وبات مستحيلاً إيجاد شهود عيان يخبرون عن طريقة عيشه وأقواله وتصرفاته. ولكن مما ساعدنا في هذه المرحلة وعَوَّضَ عن شهود العيان وجود كتاب عن حياته كتبها في زمانه أمين سره الخاص، ووجود كُتب أخرى كتبت عنه في أيامه من أناس عايشوه. والصعوبة الثانية هي كون البطريرك ترك كمية هائلة من المسائل الخاصة والرسائل الراعوية ومن التقارير وغيرها بحكم مقامه على السدة البطريركية أكثر من ثلاثين سنة أضف إلى ذلك مهامه كأسقف ونائب بطريركي لمدة عشر سنوات. هذا التركة الكتابية أطالت المرحلة الأولى لأنها تطلبت سنين من التفتيش عنها وجمعها وترجمتها لدراستها من قبل خبراء التاريخ واللاهوت.
لقد بدأت جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات بالتفكير جدياً بإقامة دعوى تطويب مؤسسها البطريرك الحويك سنة 1996 عندما كتبت إلى الرئيسة العامة آنذاك الأم فيرونا زيادة تسأل عما يجب القيام به لتأسيس دعوى تطويب، ومن ذلك الحين بدأت عملية تجميع المؤلفات والتركة الكتابية وترجمتها. بعد الانتهاء من جمع المؤلفات قرر المجلس العام للجمعية المذكورة المباشرة بالدعوى سنة 2010 متخذتاً صفة الادعاء في الدعوى. وكان لي الشرف بتكليفي بمهمة طالب الدعوى مع مساعدة طالب الأم ماري أنطوانيت سعادة الرئيسة العامة حالياً لجمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات. وفتح الملف رسمياً بتاريخ 10 تشرين الثاني 2010، على عهد سيادة المطران بولس إميل سعادة على ابرشيه البترون حيث مولد المكرم في بلدة حلتا. وفي أول كانون الأول 2010 وافق مجلس المطارنة في لبنان على تقديم الدعوى، وفي 15 كانون الأول 2010 طلب سيادته بعدها من مجمع دعاوى القديسين في روما، بطلب الإذن بافتتاح الدعوى والسماح بنقل الصلاحية إلى أبرشية البترون لتقوم بالتحقيق بدل من الأبرشية البطريركية حيث توفى المكرم لأنها صاحبة الصلاحية المألوفة قانوناً.
بعد سنتين تقريباً وافق مجمع القديسين في روما بتاريخ 30 أيار 2012 على السير بالدعوى ونقل صلاحية التحقيق إلى أبرشية البترون. عين عندها راعي الأبرشية الجديد المطران منير خير الله، في 25 أيلول 2012 لجنة التحقيق وقوامها الأباتي مارون نصر محققاً مفوضاً والمونسنيور جورج القزي محامياً عن العدل والخوري إبراهيم إسطفان الخوري مسجلاً. وبالتاريخ عينه، عيّن خبراء لاهوتيين ثلاثة هم سيادة المطران غي بولس نجيم والأب أنطوان الأحمر والخورأسقف أنطوان مخائيل، كما عيّن أيضًا لجنة خبراء في التاريخ والأرشيف، برئاسة حضرة الأب كرم رزق وعضوية الدكتور عصام خليفة والدكتور أنطوان حكيِّم.
افتتحت الدعوى رسمياً في 5 تشرين الأول 2012 بجلسة قانونية في دير العائلة المقدسة في عبرين، وجرى فيها قبول المهام وحلفان اليمين القانونية من قبل جميع المُعَيَّنين، وانطلقت بعدها جلسات الاستجوابات وجمع البيّنات.
عَقَدت المحكمة سبعة عشر جلسة استمعت فيها إلى ثلاثين شاهداً -من أصل 64 كانت قد قُدِّمت مع الملف- من آباء وكهنة ورهبان وراهبات وعلمانيين من الذين عاشوا خبرة روحية خاصة مع رجل الله البطريرك الياس حويّك، أو الذين اعتادوا تكريمِه أو حصلوا على نِعَمٍ بشفاعته.
في 18 شباط 2014، بعد إنهاء المحكمة من الاستماع إلى الشهود وتسلُّم التقارير اللاهوتية والتاريخية العلمية، جرى كشف حسّي على الأماكن التي عاش فيها رجل الله، فزارت اللجنة بيتَه الأبوي في بلدة حلتا، حيث ولد وترعرع، ثم الكرسي البطريركي في بكركي وفي الديمان حيث عاش ومات، ودير العائلة المقدسة في عبرين حيث يحفظ جثمانه. على أثر هذا الكشف المكاني، أصدرت الهيئة المكلّفة بالتحقيق قراراً بإعلان انتفاء مظاهر العبادة وقراراً آخر يعلن فيه اختتام التحقيق، بعدما كان قد صرح طالب الدعوى باكتفائه بما قدَّم من بيّنات وشهود ووافق على ذلك أيضاً محامي العدل.
في 22 حزيران 2014 عقدت الجلسة النهائية في دير العائلة المقدسة في عبرين برئاسة سيادة مطران الأبرشية وتمّ خلالها حلفان اليمين القانونية من قِبل كلّ الذين اشتركوا في ملف التحقيق، وخُتِم الملف بالشمع الأحمر وسُلِم إلى طالب الدعوى ومساعدته لينقلاه إلى مجمع القدِّسين في روما.
في 30 حزيران 2014، تمّ تقديم الملف إلى مجمع دعاوى القديسين في الفاتيكان. في 13 شباط 2015 طلب المجمع إضافة وثائق أخرى لضمها إلى الملف. وبعد جمع ما يلزم من وثائق محفوظة في مجمع الكنائس الشرقية في روما وفي أرشيف الكرسي الرسولي أرسلت إلى روما في 28 حزيران 2015.
بين سنة 2015 و2018 لخص الملف في مجلد حاول فيه طالب الدعوى ومساعدته الأم ماري أنطوانيت سعادة رئيسة عام راهبات العائلة المقدسة إثبات بطولة الفضائل من قبل رجل الله البطريرك الحويك. عرض المجلد على اللجنة التاريخية في الفاتيكان وقُبِلَ بالإجماع في 17 نيسان 2018 ، ثم في 6 أذار 2019 صوتت اللجنة اللاهوتية في الفاتيكان بالإجماع أيضاً مع الثناء على بطولة عيش الفضائل. بعدها عرض على لجنة الكرادلة في 18 حزيران 2019 وكانت النتيجة إيجابية فرفع القرار إلى قداسة الحبر الأعظم واليوم وافق قداسته على إعلان البطريرك مار الياس الحويك مكرماً.
لا بد من التنويه بالجهود الجبارة التي قامت بها الأم ماري أنطوانيت سعادة وفريق من الراهبات في كل هذه المرحلة من التفتيش عن المخطوطات إلى الترجمة والسعي وراء الشهود والعمل المضنى في كتابة ملف الأثبات الأخير الذي عرض على الكرادلة. وهنا بصفتي طالب الدعوى أهنئ الجمعية واشكر جهود كل الذين ساهموا في إنجاح هذه المرحلة الأولى من الدعوى التي أوصلت مكرمنا إلى هذه الدرجة، كما أهنئ كنيستنا ولبنان بهذا الحدث الديني.
لا يجوز تقديم العبادات للمكرم، بل يجب الصلاة إلى الله لكي يظهر قداسته باجتراح أعجوبة، كما يمكن طلب شفاعته وطلب نعمة أعجوبة منه. أما الطوباوي فيمكن إقامة العبادات والصلوات له وتكريمه في الكنائس المحلية حيث يحدد مرسوم إعلانه، بحيث يبقى تكريمه محدداً في كنيسته فقط والأماكن التي وجد فيها وحيث قام برسالته. أما القديس فيصبح تكريمه على مستوى الكنيسة جمعاء في كل أصقاع المسكونة في الكنائس الكاثوليكية.
لذاك يطلب من كل المؤمنين طلب شفاعة المكرم البطريك الياس الحويك لكي يَمنّ الله بشفاعته باجتراح أعجوبة يجري تثبيتها، ليعلن على أثرها طوباوياً. ولذلك يُطلب إلى كل الذين نالوا بشفاعته أعجوبة أن يعلموا الرئاسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات ليُعمل على تثبيتها بالطرق القانونية.
بدورها القت الرئيسة العامة لراهبات العائلة المقدسة المارونيات الأم ماري انطوانيت سعادة كلمة جاء فيها:"
كل شيء وقت يقول سفر الجامعة وها هو قد جاء وقت الرضى الوقت الذي أراده زمن نعمة لوطننا لكنيستنا لمجتمعنا وعائلاتنا ولجمعيتنا، جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات، بإعلان أبينا المؤسس البطريرك الياس الحويك مكرما. إنه زمن الرضى الزمن المقبول الذي أعطاه الله لجميعنا.
زمن النعمة للبنان الرسالة: كزمن البطريرك الحويك معروفًا باسم بطريرك لبنان، اللقب الاحب الى قلبه، وهو القائل : "أنا بطريرك الموارنة، طائفتي هي لبنان، وأنا لجميع اللبنانيين". من أجل لبنان الرسالة ، رسالة الانفتاح والحوار والعيش معا، أعطانا الله البطريرك الياس الحويك مكرمًا.
زمن النعمة للعائلة والشبيبة والمجتمع: حماية العائلة من المخاطر المحدقة بها كانت دوما في قلب معارك الحويك الكاهن والراعي المطران والبطريرك. من أجل العائلة وإصلاح المجتمع أعطانا الله البطريرك الياس الحويك مكرما.
زمن النعمة لكنيستنا ولكهنتنا:من الكنيسة وللكنيسة، عمل الحويك على الاصلاح الرعوي والروحي. أحب الكهنة وكان يحفظ لهم هاطفة أبوية ممتازة، عارفا أن النهضة الانسانية والروحية لا تقوم من دونهم فالتزم بتنشئتهم. من أجل كنيستنا وكهنتنا أعطانا الله البطريرك الياس الحويك مكرما.
زمن النعمة للجمعية ولبناتها: وأخيرا إنه زمن النعمة لنا نحن بنات الجمعية اللواتي نعيش من روحانيته ونتنفس يوميا صلاته "الهي اجعلني أعيش وأموت برضاك"، ونعمل جاهدات على متابعة الرسالة التي أوكلنا إياها. من أجل جمعيتنا وكل بنت من بناتها أعطانا الله البطريرك الحويك مكرما.
احتفالا بهذا التكريم نعلن سنة ٢٠١٩ - ٢٠٢٠ سنة المكرم البطربرك الحويك وستكون لنا لقاءات متعددة. تفاصيل هذه الاحتفالات والنشاطات على الصفحة الالكترونية الرسمية للجمعية ومواقع التواصل الرسميةwww.saintefamille.orgfb: Patriarche Elias Hoyek.
ختامًا نشكر الله على هذه النعمة ونطلب شفاعة المكرم الجديد متذكرين كلمته الاخيرة لنا: "صلوا لاجلنا أيها الابناء الاعزاء لنؤهل ال ما نتوق اليه من نيل تلك السعادة الثابتة وهناك لا نتحول عن حب هذا الوطن وعن مواصلة طلب البركات له".
وفي الختام عرض البطريرك الراعي لآلية اصدار مرسوم اعلان البطريرك الحويك مكرما والذي تم بطلب من قداسة البابا فرنسيس وقرأ المرسوم الذي كتب فيه: ان البطريرك الياس الحويك بطريرك انطاكيا وسائر المشرق ومؤسس جمعية راهبات العائلة المقدسة المارونيات المولود في حلتا في 4 كانون الأول 1843 وتوفي في بكركي في 24 كانون الأول 1931.
وتابع غبطته :" الملفت ان سلفه البطريرك يوحنا الحاج توفي ايضا في 24 كانون الأول وايضا القديس شربل في 24 كانون الأول 1898 والملفت ان جميع القديسين والطوباويين الذين اعلنوا كلهم في العام 1800. 1808 مار نعمةالله، مار شربل 1828، القديسة رفقا1832، الطوباوي يعقوب 1875، الأخ اسطفان 1889، المسابكيين 1860 اي ان ال1800 كانت للقداسة بامتياز. ونحن نقول انها واكبت حياة المكرم الحويك التي تزامنت مع ولادة لبنان الكبير هذه العناية الإلهية التي تقود خطوات تاريخ البشر بالتزامن مع تحقيق تاريخ الخلاص للعالم. والمئوية ستبدأ في الأول من ايلول 2019 وتكمل حتى العام 2020 ومع اللجنة البطريركية برئاسة المطران سمير مظلوم سنواكب المسيرة التحضيرية للبنان الكبير الذي لم ينشأ بالصدفة وانما تهيأ منذ زمان.
المهم ان نقول ان لبنان ارض مقدسة وهي ارض القديسين ومبروك للجميع.
واختتم غبطته المؤتمر برفع صلاة من اجل اظهار قداسة المكرم الحويك.
موقع بكركي.