تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة إفرحي يا ملكة السماء مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها
يروي الإنجيل الذي تقدّمه الليتورجيا الظهور الثالث ليسوع القائم من بين الأموات للرسل. إنه لقاء يتمُّ بالقرب من بحيرة الجليل ويطال بشكل خاص سمعان بطرس. بدأ الأمر كله بقوله للتلاميذ الآخرين: "أَنا ذاهِبٌ لِلصَّيد". لا شيء غريب، لقد كان صيادًا، لكنه كان قد تخلى عن هذه المهنة منذ أن، وعلى شاطئ تلك البحيرة بالذات، ترك شباكه ليتبع يسوع. والآن، بينما كانوا ينتظرون القائم من بين الأموات، اقترح بطرس، الذي ربما كان محبطًا بعض الشيء، على الآخرين أن يعودوا إلى حياتهم السابقة. وقبل الآخرون فقالوا له: "ونَحنُ نَذهَبُ معَكَ". ولكِنَّهم لم يُصيبوا في تِلكَ اللَّيلَةِ شَيئًا.
يمكن أن يحدث لنا أيضًا، بسبب التعب، وخيبة الأمل، وربما بسبب الكسل، أن ننسى الرب ونهمل الخيارات العظيمة التي اتخذناها، لكي نكتفي بأشياء أخرى. على سبيل المثال، لا نكرّس وقتًا لكي نتحدث مع بعضنا البعض في العائلة لأننا نفضِّل تسلياتنا الشخصية؛ ننسى الصلاة، ونسمح لاحتياجاتنا أن تتحكّم بنا، ونهمل أعمال المحبّة بحجة الأمور الطارئة اليومية. ولكن، بفعلنا ذلك، نجد أنفسنا محبطين: وشباكنا فارغة، على مثال بطرس.
وماذا فعل يسوع؟ عاد مرة أخرى إلى شاطئ البحيرة حيث اختار بطرس وأندراوس ويعقوب ويوحنا. هو لا يوبخ التلاميذ بل يدعوهم بحنان قائلاً: "أَيُّها الفِتْيان". ثم دعاهم، كما في السابق، لكي يرموا شباكهم مجدّدًا بشجاعة. ومرة أخرى امتلأت الشبكات بما يفوق الخيال. أيها الإخوة والأخوات، عندما تكون شبكانا فارغة في الحياة، لا يكون الوقت مناسبًا لكي نشعر بالأسف على أنفسنا، ونتلهّى، ونعود إلى تسالينا القديمة. وإنما يكون قد حان الوقت لكي ننطلق مجدّدًا مع يسوع، ولكي نجد الشجاعة لنبدأ من جديد، ونسير إلى العرضِ معه.
لقد كان بطرس بحاجة إلى تلك "الصدمة". عندما سمع يوحنا يصرخ: "إِنَّه الرَّبّ"، أَلْقى بِنَفْسِه في البُحَيرة وسبح نحو يسوع. إنها بادرة حب، لأن الحب يذهب أبعد من المفيد والملائم والواجب؛ الحب يولِّد الدهشة، ويلهم اندفاعات مبدعة ومجانيّة. وهكذا، بينما كان يوحنا الأصغر يتعرّف على الرب، ألقى بطرس الأكبر بنفسه في البحيرة ليذهب للقائه، وفي هذه القفزة نجد كل الحماس الذي استعاده سمعان المدعو بطرس.
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، نحن اليوم مدعوون إلى زخم جديد، لكي نغوص في الخير دون أن نخاف من فقدان أي شيء، ودون حسابات كثيرة، ودون أن ننتظر إلى أن يبدأ الآخرون. لأنه لكي نذهب للقاء يسوع، علينا أن نتخطّى أنفسنا. لنسأل أنفسنا إذًا: هل أنا قادر على بعض نوبات السخاء، أم أنني أكبح اندفاعات قلبي وأنغلق في العادة والخوف؟ علينا أن نلقي بأنفسنا ونغوص!
في نهاية هذا الحدث، وجّه يسوع لبطرس السؤال لثلاث مرات: "أتحبني؟". إنَّ القائم من بين الأموات يسألنا نحن اليوم أيضًا: أتحبني؟ لأنه في عيد الفصح، يريد يسوع أيضًا أن يقوم قلبنا من جديد؛ لأن الإيمان ليس مسألة معرفة وإنما هو مسألة حب. أتحبني؟ يسألك يسوع، أنت، أنت وأنا، نحن الذين شباكنا فارغة ونخاف من أن تبدأ من جديد؛ إلينا جميعًا، نحن الذين لا نملك الشجاعة لكي نُلقي بأنفسنا وقد فقدنا ربما الاندفاع، يتوجّه يسوع بالسؤال: أتُحبُّني؟ منذ ذلك الحين، توقف بطرس عن الصيد إلى الأبد وكرس نفسه لخدمة الله وإخوته، إلى أن بذل حياته هنا، حيث نحن الآن. ونحن، هل نريد أن نحب يسوع؟ وخلص البابا فرنسيس إلى القول لتساعدنا العذراء مريم التي أجابت بالـ"نعم" فورًا على الرب، لكي نجد مجدّدًا إندفاعنا إلى الخير.
إذاعة الفاتيكان.