إنّ الأناجيل الأربعة بأسرها تؤكّد أنّ يسوع وقبل أن ينطلق في خدمته أراد أن ينال المعموديّة من يوحنّا المعمدان (متى ٣، ١٣-١٧؛ مر ١، ٩-١١؛ لو ٣؛ ٢١-٢٢؛ يو ١، ٢٩-٣٤). هذا الحدث يرسم توجُّهًا قاطعًا لرسالة المسيح بأسرها.
في الواقع، هو لم يقدّم ذاته للعالم في بهاء الهيكل: لكن كان بإمكانه أن يفعل ذلك. لم يعلن عن ذاته بأصوات الأبواق: لكن كان بإمكانه أن يفعل ذلك.
ولا بصفة ديّان: لكن كان بإمكانه أن يفعل ذلك. وإنّما وبعد ثلاثين سنة من حياة خفيّة في الناصرة، ذهب يسوع إلى نهر الأردنّ مع العديد من شعبه ووقف في صفوف الخطأة ليعتمد؛ لم يخجل بل وقف هناك مع الجميع ومع الخطأة.
لذا ومنذ بداية خدمته، ظهر يسوع كالمسيح الذي يأخذ على عاتقه الحالة البشريّة بدافع التضامن والرأفة؛ كما يؤكّد هو نفسه في هيكل الناصرة إذ يمتثل بنبؤة أشعيا: "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ لأنَّهُ مَسَحَني لأُبَشِّرَ الفُقَراء وأَرسَلَني لأُعلِنَ لِلمَأسورينَ تَخلِيَةَ سَبيلِهم ولِلعُميانِ عَودَةَ البصَرِ إِلَيهِم وأُفَرِّجَ عنِ المَظلومين وأُعلِنَ سَنَةَ رِضاً عِندَ الرَّبّ" (لو ٤، ١٨-١٩).
للمزيد....إضغط هنا