نَشيدٌ مُدْهِش !
رَنيمُ نَشيدِكَ أذْهَلَني، يا ابْنَ الله !
أطْلِقْهُ فِيَّ ألْحاناً غَنِيَّةً مُذْهِلَة !
قِصَّتُكَ ألْهَمَتْني أنْ أنْقُلَها إلى السّامِعين،
هَبْ لِكَلِمَتي وَجْهَ نُورٍ يُظْهِرُ جَمالَها !
يَحارُ بِكَ العَقلُ، يَنْطِقُ بِكَ الفَمُ، يا مَنْ لا تُدْرَك !
يَتأمَّلُكَ الفِكْرُ، يُصَوِّرُكَ النَّشيدُ، أيُّها الجَمالُ كُلُّهُ !
أسْكُبْ مِنْ رَحْمَتِكَ على شَفتَيَّ، فتُحَدِّثا عَنْكَ،
أفِضْ مِنْ روحِكَ على لِساني، فيَتَرَنّمَ بِعَظَمَتِكَ !
سَهْلٌ عليكَ أنْ تَتَصاغَرَ، وَقديرٌ على أنْ تُعَظِّمَ مَنْ يُلازِمُكَ،
يا ابْنَ سَيِّدِ الكُلّ، عَظِّمْ كَلِمَتي بِمُلازَمَتي لِنَشيدِكَ !
لَكَ، رَبِّ، العَظَمَةُ، وَلَكَ الصِّغَر،
لأنّكَ الإلهُ والإنسانُ مَعاً، وإنّكَ الكُلُّ مَعَ الكُلّ !
إنَّكَ مَعَ والِدِكَ، لَهُ، وَنَظيرُهُ،
وَإنَّكَ مَعَنا، لَنا، وَنَظيرُنا.
ما أعْظَمَ تَجَلِّيكَ، ما أمْجَدَ أنْ تُنْشَدَ، وما أبْهى قِصَّتَكَ !
جَميعَ الأفواهِ، لو حَدَّثَتْ، لا يَسَعُها أنْ تُوَفِّيَكَ المَجْد !
قِصَّةُ الحُبِّ الأعْظَم
قِصَّةُ الابْنِ أرْفَعُ مِنَ التَّفْسير،
وَنَشيدُهُ المُدْهِشُ أسْمَى مِنَ الكَلِمَةِ وَاللِّسان !
الحُبُّ، الحُبُّ وَحْدَهُ يَجْرُؤُ على الكلام،
لِأنَّهُ يَسْتَطيعُ أنْ يُجاهِرَ بِكُلِّ شَيْء.
بالحُبِّ أسْلَمَ الآبُ ابْنَهُ، لِيَكونَ ذَبيحَة،
عَنِ الخَطَأة، وَتَلْقى فيهِ الغُفْرانَ الخَليقةُ كُلُّها.
الحُبُّ قادَ الابْنَ إلى القتْلِ والصَّلْب،
وبالحُبِّ رَضِيَ الابْنُ أنْ يَحْمِلَ آلامَ العالَمِ بأسْرِهِ !
والحُبُّ ألزَمَ الابْنَ أنْ يَأتيَ لِلتَّواضُعِ والهَوان،
وَيَتَحَمَّلَ الأوجاعَ وأهْوالَ الصَّلْب.
وبالحُبِّ شاءَ أنْ يُظْهِرَ مَجْدَهُ على الجَبَل،
فَيَمْلأَ تلاميذَهُ دَهْشَةً، ثُمَّ يَتَألّم !
كونُ رَبِّنا قد أظْهَرَ مَجْدَهُ على الجَبَل
حَرَّكَ فِيَّ النَّشيد، بِحُبٍّ عَظيمٍ، لِأُحَدِّثَ
عَنْ تَجَلّي موسى وَإيليّا مَعَ رَبِّنا،
وَعَنِ الكلامِ الذي قالَهُ لَهُ النَّبِيَّانِ هُناك !
ألمَجْدُ مِنْ خِلالِ الهَوان
طَريقُ رَبِّنا انْسابَتْ بَيْنَ الآلام،
وَسْطَ الضَّرَباتِ والأوجاعِ بَلَغَتْ إلى الدَّم !
بالتَّواضُعِ والبَساطَةِ والهَوان،
تَرَدَّدَ رَبُّنا على أرْضِنا.
إخْتارَ الرُّسُلَ لِيَكْرِزوا بالإيمانِ بِهِ،
فساروا مَعَهُ، وَهُوَ يُثَبِّتُهُمْ على تَعْليمِهِ.
لَمْ يَشَأ أنْ يُظْهِرَ لَهُمْ عَظَمَة مَجْدِهِ، كما هُوَ،
لِأنَّ طَريقهُ كانَتْ مُتَواضِعَة.
كانَ كُلَّما اضْطُرَّ إلى صُنْعِ آيَة،
يَأخُذُهُمْ فيُثَبِّتُهُمْ على تَواضُعِهِ،
يُعَلِّمُهُمْ بالآياتِ وَيُثَبِّتُهُم،
لِيَفْهَموا وَيُؤمِنوا بِه، إنَّهُ الله !
قرَنَ الهَوانَ بالآياتِ أمامَ تَلاميذِهِ،
لِئلّا يَعْثُرَ التَّلاميذُ بِهَوانِ طَريقِهِ وَتواضُعِهِ.
بِالمَجْدِ والهَوانِ ، بالمَدْحِ والذّمّ،
كانَتْ طَريقُ رَبِّنا تَسْعى بَيْنَ الأرْضِيِّين !
أحَبُّوا في عَظَمَتِهِ هَوانَهُ
حَوَّلَ الماء، كَثَّرَ الخُبْزَ، طَهَّرَ البُرْصَ،
فَتَّحَ العُمْيَ، أسْمَعَ الصُّمَّ، أحْيَا المَوْتى،
فَدَعَوهُ مُخْتَلاًّ، مُجَدِّفاً، بِهِ شَيْطان !
حَسِبوهُ بَعْلَزَبوبَ، خارِقَ السَّبتِ، مُضَلِّلَ الشَّعْب !
ولمّا قَرُبَ زَمَنُ الآلامِ والصَّلْب،
أرادَ أنْ يُظْهِرَ لَهُمْ مَجْدَهُ العَظيمَ على جَبَلٍ عالٍ.
رأوا مَجْدَهُ، لِئلّا يعْثُروا بِتواضُعِهِ،
حتّى يُحِبّوا في عَظَمَتِهِ هَوانَهُ !
لقدْ تَجَلّى أمامَهُم فَشاهَدوا نورَهُ،
لِئَلّا يَأخُذَهُمُ الهَولُ، يَومَ يَلْبَسُ لَوْنَ المَوْت !
بَهَرَهُم بِضِياءِ مَجْدِهِ، فجَذَبَهُم
لِئلّا يَعْثُروا بِعُرْيِهِ على الصَّليب !
إسْتَحْسَنَ أنْ يُرْذَلَ وَيُشَهَّرَ، أنْ يُعَلَّقَ وَيُعَرَّى،
أنْ يَتَحَمَّلَ الآلامَ مُريداً لا مُكْرَهاً :
فَمِنَ الواضِحِ أنَّ مَنْ رَأينا جَبَرُوتَهُ على الجَبَل،
ما كانَ ذا ضُعْفٍ، لمّا صَلَبَهُ شَعْبُهُ !
نَبأٌ مُحْزِنٌ وَتَعْزِيَةٌ مُذْهِلَةٌ
لقدْ تَجَلّى فرَأى التَّلاميذُ مَجْدَهُ على الجَبَلِ العَظيم،
لِيَكونَ ذلِكَ الواقِعُ عِنْدَهُم حَقيقة !
وَدَنا يَومُ آلامِه، لِيَكونَ ذبيحاً،
فأنْبَأهُمْ بِمَوْتِهِ، وأرْهَبَ التَّلاميذَ الخَبَرُ :
إنّي سَأُسْلَم ! فَيَهْزَأونَ بي وَيُعَذِّبونَني،
وَيَصْلِبونَني وَيَقْتُلُونَني !
فارْتاعوا وتَشَوَّشوا، خافوا وَبُهِتوا،
فأظْهَرَ لَهُمْ مَجْدَهُ وَأذْهَلَهُم فعَزَّاهُم !
قالَ لَهُ سِمْعانُ الصَّفا : حاشَى لَكَ أنْ تَتألّم !
وخافَ الرُّسُلُ جَميعُهُم لِسَماعِهِمْ نَبأ يَسوعَ عَنْ مَوْتِهِ !
فأخَذَ يَسوعُ بُطرُسَ وَيَعْقوبَ وَيوحَنّا،
وأصْعَدَهُمْ إلى جَبَلٍ عالٍ وَحْدَهُم !
لِكَيْ يُزيلَ عَنْهُمُ الحُزْنَ، وَقدْ حَطَّمَهُم،
ويُفَرِّحَهُم بِتَعْزِيَةِ مَجْدِهِ العَظيم.
تَجَلّى أمامَ عُيُونِهِم، وصارَ لِباسُهُ أبْيَض،
وَوَجْهُهُ مُضِيئاً كالشّمْسِ فأذْهَلَهُم !
ألعَتيقُ والجَديد
جاءَ في الكِتابِ أنَّ أديمَ وَجْهِ موسى صارَ مُشِعًّا
غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يَتَجَلَّ، ولا أضاءَ وابيَضَّ مِثلَ مُخَلِّصِنا،
موسى رأى اللهَ فأشَعَّ وَجْهُهُ،
أمّا رَبُّنا فهُوَ اللهُ، هُوَ النُّورُ كُلُّهُ !
هُوَ وَأبوهُ، أشّعَّ في الجَبَلِ على موسى،
وَهُوَ أضاءَ، فرأى مَجْدَهُ سِمْعان.
أشَعَّ وَجْهُهُ على أعْيُنِ التَّلاميذ، وَصارَ لِباسُهُ أبْيَض،
فَرأوا مَعَهُ على الجَبَلِ موسى وإيليّا.
دَعا الرُّسُلَ وأتى بالأنْبياء، لِيُقابِلَ بَيْنَ الفَريقين،
فيَظْهِرَ لِلعالمِ كُلِّهِ تَعْليمَ الحَقِّ الواحِد.
جَمَعَ الجَديدَ والعَتيق، لِتَشْعُرَ الأرْضُ
بأنَّهُ سَيِّدُ الآخِرينَ والأوَّلين !
مِنَ العَهْدِ العَتيقِ أتى بِبَطَلينِ مُختارَينِ سامِيَين،
لِيَكونا شاهِدينِ لِتَعْليمِ العَهْدِ الجَديد.
أرادَ أن يُريحَ النّاموسَ الذي أعْطِيَ على يَدِ موسى،
فدَعا سِمْعانَ لِيُودِعَهُ الحَقَّ، وَيَمْضِي موسى ! ...
ألتَّوراةُ والإنْجيل
يَومَ كَتَبَ اللهُ المَهْرَ لِابْنَةِ شَعْبِهِ،
أصْعَدَ موسى مَعَهُ إلى الجَبَلِ سَبْعينَ شَيْخاً .
وَيَوْمَ خَطَبَ الابْنُ البيعَةَ بِصَلْبِهِ،
إصْطَحَبَ شُهوداً إلى الجَبَلِ لِلتَّوقيع !
مِنْ بَيْتِ عَنْيا دَعا لَعازَرَ المَيتَ فَخَرَجَ،
وَمِنْ جَبَلِ نَبُو أمَرَ موسى فأتى :
بَعَثَهُ وأدْخَلَهُ الأرْضَ، مِيراثَ آبائِهِ،
وكانَ قد حُكِمَ عليهِ بألّا يَدْخُلَها !
أظْهَرَ أنَّهُ قديرٌ على أنْ يَحُلَّ حُكْمَ الآب،
وَيُعيدَ المَطرُودينَ إلى ميراثِهِم، وَهُوَ آمِرُ الجَميع !
أدْخَلَ موسى لِيُعَرِّفَنا كَيْفَ يَدْخُلُ آدَم،
وقدْ حُكِمَ عليهِ وَطُرِدَ مِنَ الفِرْدَوس !
سُرَّتِ التّوراةُ مِثْلَ أليصاباتَ أمامَ مَرْيَم،
وَسَجَدَتْ لِلإنْجيلِ في بَيْتِ يوحَنّا !
إرْتَكَضَ إيليَّا مِنَ العَهْدِ العَتيقِ أمامَ رَبِّنا،
وَفَرِحَ مِثْلَ اللّاوِيِّ في حَشا أُمِّهِ !
ألأنبياءُ والرُّسُل
إقْتَرَبَ الإنْجيلُ مِنَ التَّوراة، فَشالَ عَنْها بالحِمْلِ،
لِيَملأَ الأرْضَ غِنىً ، وَقدْ فَرَغَتْ !
إلى هُنا أوْصَلَ الأنْبياءُ الكَنْزَ العَظيم،
وَاسْتَراحوا، لِيَخْرُجَ الآنَ إلى العالَمِ على أيْدي الرُّسُل.
ألأنْبياءُ يَمْدَحونَ الابنَ بِعُمْقِ تَواضُعِهِ،
يُسَبِّحونَهُ ذاهِلينَ لِعِظَمِ تَنازُلِهِ،
يَسْجُدونَ لَهُ، لِأنّهُ أتى وَكَمَّلَ رُؤاهُم،
وَفَسَّرَ جَميعَ أسْرارِهِمْ وَنُبوءَاتِهِم !
كانَ إيليّا وَموسى على الجَبَلِ
يُخاطِبانِ مُخَلِّصَنا بِهَذِهِ الأمور :
بِكَ يا رَبُّ يَليقُ أنْ تُتِمَّ النُّبوءَات،
وَتَنْتَهِيَ إليكَ جَميعَ الأسْرار !
بَهِيٌّ مَوتُكَ ، لِأنّكَ جَعَلْتَهُ لِلخَلاص،
وَشَهِيٌّ قتْلُكَ، لِأنَّكَ بِهِ قتَلْتَ خَطيئةَ آدَم !
جَميلٌ دَرْبُ آلامِكَ سِرْتَ فيهِ،
لِتَحْمِلَ بِآلامِكَ جَميعَ آلامِ آدَم !
صِهْيُونُ الصَّالِبَة
قالَ موسى : بِكَ، رَبِّ، يَليقُ أنْ تَتَحَمَّلَ
مِنِ ابْنَةِ العِبْرانيِّينَ، الافْتِراءَ وَالعار، الظُّلْمَ وَالهَوان !
يَوْمَ أرْسَلْتَني، وَوَالِدَكَ، مِنْ سِيناء،
وَقبِلْتُ مِنْكَ العَصا السِرِّيَّة، وَنَزَلْتُ إليها :
بِقُوَّتِكَ صَنَعْتُ القُوَّاتِ بَيْنَ المَصْرِيِّين،
فَلَقْتُ البَحْرَ، فَجَّرْتُ الصَّخْرَ، أنْزَلْتُ المَنَّ،
أصْعَدْتُ السَّلْوى، كَثَّرْتُ الخَيْرَ والفَرَح،
بَعْدَ هذِهِ كُلِّها، احْتَقرَتْنِي وأنْكَرَتْني وَعَذَّبَتْني !
وَها هِيَ الآنَ تُعِدُّ الصَّليب، تَسُنُّ الرُّمْحَ، تَسْتَلُّ السَّيْف،
تَضْفِرُ الإكْلِيلَ، تَمْزُجُ الخَلَّ، تَخْلِطُ المُرَّ،
تُهَيِّئُ السَّلاسِل، تَصوغُ المَساميرَ، تَحْتَقِرُكَ !
تَقودُكَ إلى الآلامِ حُرّاً لا مُكْرَهاً !
إنْزِلْ، رَبِّ، أكْمِلِ الطَّريقَ الذي نَهَجْتَهُ،
كَبِّلِ الخَطيئةَ بِصَلْبِكَ، وَفُكَّ آدَم.
إصْعَدْ إلى الصَّليب وَأخْزِ الرُّؤساءَ والسَّلاطين،
شَهِّرْهُمْ لِأنَّهُمْ صاروا أسْياداً في الضَّلال !
سِفْرُ الخُروج
عَطَفَ إيليَّا، قالَ لِلابْنِ على الجَبَل،
وَقدْ فَرَغَ موسى الصَّادِقُ مِنْ كَلامِهِ :
صِهْيونَ شِرِّيرَة، كما تَعْرِفُها،
أشْبَهُ بإيزابَلَ التي لَمْ تَسْتَرِحْ إلّا بَعْدَ أنْ قتَلَتْ !
إنَّها تُريدُ أنْ تَزْني، وَبِما أنَّكَ القُدُّوس، تَفِرُّ مِنْكَ !
إنَّها تُحِبُّ الأصْنام، وَبِما أنَّكَ الله، تَكْرَهُ أنْ تَراك !
على مائِدَةِ البَعْلِ سَمِنَتِ ابْنَةُ العِبْرانِيِّين،
نَسِيَتِ العَجوزُ أباكَ، وَهِيَ غَيْرُ راضِيَةٍ بِكَ !
سَمِعَ التَّلاميذُ الكلامَ الذي قيلَ هُناك،
فاسْتَناروا وَفَهِموا آلامَ الابْن.
سَمِعوا كَلامَ موسى وإيليَّا
عَنْ " خُرُوجِهِ "، فَفَهِموا واسْتَناروا.
وَلِئلَّا يُنْبِئ رَبُّنا وَحْدَهُ بِمَوتِهِ،
أتى بالنَّبِييَّنَ يُحَدِّثانِ عَنْهُ تَلاميذَهُ،
لِكَيْ يتَثَبَّتَ التَّلاميذُ مِنْ آلامِهِ وَصَلْبِهِ،
قبْلَ حُدُوثِها، فإذا حَدَثَتْ لَمْ يَعْثُروا !
مَظالٌّ ثَلاث
طابَ لِسِمْعانَ كَلامُ إيليَّا،
وَمَلأهُ دَهْشَةً كَلامُ موسى !
إرْتاحَ لِلنُّور، وَطابَتْ نَفْسُهُ بالمَجْدِ العَظيم،
فأحَبَّ المَكان، وسألَ ألَّا يَنْزِلَ مِنْ هُناك !
سَمِعَ النَّبِيَّينِ يَتَكَلَّمانِ عَنْ قِصَّةِ الصَّلْب،
فخافَ أنْ يَنْزِلَ لِيَلْقى البَلايا والدَّم !
ألنُّورُ وَرَبُّنا وإيليَّا وَموسى العَظيمُ
على الجَبَل، سِمْعانُ رَأى وَاشْتَهى :
رَبَّنا، إنْ شِئْتَ، فحَسَنٌ لنا أنْ نَمْكُثَ هُنا !
نَصْنَعُ ثَلاثَ مَظالّ، نُقيمُ فيها :
لَكَ وَاحِدةٌ وَلِموسى واحِدَةٌ يُكَرَّمُ فيها،
وَوَاحِدةٌ لإيليَّا، وَلِنَمْكُثْ هُنا !
لَمْ تَطِبْ كَلِمَةُ سِمْعانَ لِلآبِ المُحْتَجِب،
لِأنَّهُ قالَ : نَصْنَعُ لِلثَّلاثّةِ ثَلاثاً !
غَيْرةُ الآبِ وَبَّخَتْ سِمْعانَ لِأنَّهُ ساوَى
الوَحيدَ بِموسى وإيليَّا !
مِظَلَّةُ الابْنِ الوَحيد
سَمِعَ الآبُ فَغارَ لِكَرامَةِ وَحيدِهِ :
إنَّ الابْنَ وَحْدَهُ يَسْتَحِقُّ الكَرامَة !
بَسَطَ على الجَبَلِ غَمامَةً واحِدَة، مِظَلَّةَ مَجْد،
لِلكَريمِ وَحْدَهُ، وَتَرَكَ الإثْنينِ كما هُما !
عَلَّمَ الآبُ سِمْعانَ أنْ يَحُدَّ كلِمَتَهُ التي قال :
ألعَبْدُ عَبْدٌ، والرَّبُّ رَبّ !
أسْمَعَ صَوْتَهُ على حَبيبهِ أمامَ عُيونِ التَّلاميذ،
صاحَ : هذا هُوَ ابْني ، حَبيبي ، فَلَهُ اسْمَعوا !
رأى التَّلاميذُ أنَّ كُلَّ ما لِلآبِ هُوَ لِلابْنِ ،
ألقُدْرَةُ وَالمَجْدُ وَالنُّورُ العَظيم، كما لِوالِدِهِ،
بِالمِظَلَّةِ الواحِدةِ التي صَنَعَها، عَلَّمَ الآبُ سِمْعانَ
أنَّ البيعَةَ واحِدَة، والصَّليبَ فيها واحِد !
صَوَّرَ الآبُ البيعَةَ بِغَمامَةٍ واحِدَةٍ مِنَ النُّورِ العَظيم،
وَأمَرَها بِأنْ تَسْمَعَ لآبْنِهِ، في كُلِّ ما يَقولُهُ !
مِنَ الرُّسُلِ والأنْبياءِ ظَهَرَتْ واحِدَةً :
لِأنَّ العَروسَ واحِد، تَبارَكَ مَنْ بِسِرِّهِ أتَمَّ كُلَّ شَيْء !
(الملفان مارِ يَعْقوبَ السَّرُوجِيّ
من أباء الكنيسة توفي عام 521)