قبل توجهه إلى مطار "طوم جوبيم" في ريو دي جانيرو توقف البابا فرنسيس عند الساعة الخامسة والنصف بالتوقيت المحلي في مركز ريو للمؤتمرات حيث التقى بالمتطوعين الذين عملوا في تحضير وإنجاح اليوم العالمي للشباب وألقى كلمة استهلها بالقول:
لم أستطع المغادرة إلى روما من دون أن أشكركم شخصيًا ومن كلّ قلبي على كلّ العمل والتطوّع اللذين قمتم بهما بحيث رافقتم وساعدتم وخدمتم ملايين الشباب الحجّاج؛ على كلّ الأعمال الصغيرة التي جعلت من أيام الشبيبة العالمية خبرة إيمانية لا تُنسى. من أجل كلّ الابتسامات التي وزّعتموها ولطافتكم وجهوزيّتكم للخدمة، لقد أظهرتم "أنّ السعادة في العطاء أعظم منها في الأخذ" (أع 20:35).
إنّ الخدمة التي قمتم بها في هذه الأيام التي مضت ذكّرتني برسالة القديس يوحنا المعمدان الذي أعدّ الطريق ليسوع. كلّ واحد، على طريقته، كان وسيلة أمام آلاف الشباب حتى يقدروا أن يجدوا "الطريق المُعدّ" ليلتقوا بيسوع. وهذه هي الخدمة الأجمل التي يمكننا أن نقوم بها كرسل مبشّرين. أن نعدّ الطريق حتى يستطيع الجميع أن يتعرّفوا إلى الربّ ويلتقوه ويحبّوه. أريد أن أقول لكم، أنتم من لبّيتم نداء التطوّع بسخاء في خلال أيام الشبيبة العالمية: كونوا دائمًا كرماء مع الله ومع الآخرين: لن نخسر شيئًا بل على العكس فسنحظى بغنى أكبر في الحياة!
الله يدعونا لأن نقوم بخيارات نهائية؛ يخصّص مشروعًا لكلّ واحد منّا: أن نكتشف مشيئته وأن نعمل بها هما مسيرة نحو تحقيق ذاتنا بفرح. يدعونا الله كلّنا لكي نكون قديسين وأن نعيش حياتنا ولكنه يملك لكلّ واحد دربًا خاصًا له. فالبعض هم مدعوون إلى التكرّس بإنشاء عائلة من خلال سرّ الزواج بالرغم من أنّ بعض الأشخاص يقولون بإنّ الزواج أصبح "موضة قديمة"؛ كثيرون هم من يبشّرون بثقافة المؤقّت والنسبية وأنّ الأهمّ هو "الاستمتاع" بالوقت الحاضر فليس من الضروري الالتزام لمدى الحياة والقيام بخيارات نهائية "إلى الأبد" لأننا لا نعلم ماذا يخبّىء لنا الغد. إنما أنا، فعلى العكس أطلب منكم أن تثوروا وتسيروا عكس التيار؛ نعم، في هذا الأمر أطلب منكم أن تثوروا ضدّ ثقافة المؤقّت التي تؤمن في الأساس بأنكم عاجزون عن تحديد مسؤولياتكم وغير قادرين على الحبّ. أنا أثق بكم، أيها الشباب وأصلّي من أجلكم. لا تخافوا أن تسيروا "عكس التيار". لا تخافوا أن تكونوا سعداء.
إنّ الربّ يدعو البعض إلى التكرّس للكهنوت لكي يقدّموا ذاتهم له بشكل كامل ويحبّوا الجميع بقلب الراعي الصالح. كما يدعو آخرين لخدمة إخوتهم وأخواتهم في الحياة الدينية: في الأديرة من خلال تكرّسهم للصلاة من أجل العالم في مختلف قطاعات الرسالة بالأخص من هم الأكثر حاجة. أنا، لن أنسى يوم 21 أيلول عندما كان عمري 17 عامًا يوم وقفت أمام كنيسة سان خوسيه دي فلوريس من أجل الاعتراف، شعرت للمرّة الأولى بأنّ الرب يدعوني. لا تخافوا مما يطلب منكم الربّ! يستحقّ أن نقول "نعم" لله. وهو سيسعد بذلك كثيرًا!
أيها الشباب الأعزّاء، لربما البعض منكم لا يدري حتى الآن ماذا يفعل في حياته. إسألوا الرب وهو سيفهمكم الطريق. وكما فعل صموئيل الصبي عندما سمع صوت الرب يدعوه بإلحاح ولكنه لم يفهم ولم يعلم ما يقول ولكن مع مساعدة الكاهن إيليا أجاب في النهاية على دعاء الرب قائلاً:" "تكلّم فإنّ عبدك يسمع" (صم 3: 1-10). أنتم أيضًا اسألوا الربّ: ماذا تريد مني أن أفعل؟ أي طريق عليّ أن أختار؟
أيها الأصدقاء الأعزّاء، أشكركم مرّة أخرى على كلّ ما قمتم به في هذه الأيام الأخيرة. لا تنسوا كلّ ما عشتموه هنا! لطالما اعتمدتم على صلواتي وأنا أعلم أنه يمكنني الاعتماد على صلواتكم من أجلي.
موقع زينيت