يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ

متفرقات

يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ

 

 

 

"بالإفخارستيا يعلّمنا يسوع المحبّة وبغسل أقدام التلاميذ يعلّمنا الخدمة ويقول لنا أن العَبد ليس أَعظمَ مِن سَيِّدهِ ولا الرَّسولُ أَعظَمَ مِن مُرسِلِه" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح يوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

 

 

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من إنجيل يوحنا والذي نقرأ فيه كلمات يسوع بعد غسله لأقدام التلاميذ وقال في العشاء الأخير يودّع يسوع تلاميذه بخطاب طويل وجميل ينقله إلينا القديس يوحنا، ويقوم بتصرُّفين تأسيسيين؛ تصرُّفان للتلاميذ والكنيسة الناشئة وأساسيّان لعقيدتها. يسوع يعطي جسده لنأكله ودمه لنشربه ويؤسس هكذا الإفخارستيا ومن ثم يغسل أقدام التلاميذ. من هذين التصرُّفين تولد وصيّتان ستجعلان الكنيسة تنمو إن كنا أمناء لهما.

تابع البابا فرنسيس يقول الوصيّة الأولى هي وصيّة المحبّة: إذ لم تعد فقط "أحبب قريبك حبَّك لنفسك" وإنما أصبحت "أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم"؛ أي محبّة بلا حدود، وبدون هذه المحبّة لا يمكن للكنيسة أن تسير قدمًا ولا يمكنها أن تتنفّس. بدون المحبّة لا تنمو وتتحول إلى مؤسسة فارغة، تقوم على المظاهر والتصرفات العقيمة. وبالتالي يعلّمنا يسوع أنّه علينا نحن أيضًا أن نحبَّ إلى أقصى الحدود: أحبّوا بعضكم بعضًا كما أنا أحببتكم!

 

 

ومن ثم هناك وصيّة جديدة تولد من غسله لأقدام التلاميذ: إخدموا بعضكم بعضًا؛ إغسلوا بعضكم أقدام بعض كما أنا غسلت أقدامكم. وبالتالي هناك وصيّتان وتحذير: يمكنكم أن تخدموا ولكن لأنني أرسلتكم، إذ لستم أعظم مني كما يوضح يسوع: "ما كانَ العَبدُ أَعظمَ مِن سَيِّدهِ ولا كانَ الرَّسولُ أَعظَمَ مِن مُرسِلِه". هذا هو التواضع البسيط والحقيقي ولا التواضع المزيّف.

 

 

علينا أن نتيقّن على الدوام أنَّ يسوع هو أعظم منا جميعًا وأننا خدّام ولا يمكننا أن نتخطّاه، ولا يمكننا استعماله؛ هو الرب ولسنا نحن. وهذه هي وصيّته، يعطينا ذاته مأكلاً ومشربًا ويقول لنا أحبّوا بعضكم بعضًا هكذا، يغسل أقدام التلاميذ ويقول لنا أخدموا بعضكم بعضًا هكذا ولكن تنبّهوا لأنَّ العَبد ليس أَعظمَ مِن سَيِّدهِ ولا الرَّسولُ أَعظَمَ مِن مُرسِلِه. إنها كلمات وتصرّفات قويّة: إنها أساس الكنيسة، وإن سرنا قدمًا بها فلن نخطأ أبدًا. هكذا سار القديسون والشهداء، ولكن مُدركين بأنّهم خدّام.

 

 

ولكنَّ يسوع يضيف تحذيرًا آخرًا "أَنا أَعرِفُ الَّذينَ اختَرتُهم" ولذلك علينا أن نسمح للرب بأن ينظر إلينا، لنسمح لنظر يسوع أن يدخل فينا وسنشعر بأمور كثيرة: سنشعر بالحب، وربما سنشعر بالخجل... ولكن علينا أن نسمح ليسوع أن ينظر إلينا بتلك النظرة عينها التي نظر بها إلى تلاميذه في العشاء الأخير ونقول له: يا رب أنت تعرف كلَّ شيء تمامًا كبطرس على شاطئ بحيرة طبريا: "يَا رَبّ، أَنْتَ تَعْلَمُ كُلَّ شَيء، وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنِّي أُحِبُّكَ".

 

إذاعة الفاتيكان.