"يسوع يدعونا لنغيِّر حياتنا ودربنا، يدعونا إلى الارتداد، وهذا الأمر يتضمّن كفاحًا ضدّ الشرّ حتى في قلبنا، كفاحًا مقلقًا ولكنّه يمنح السّلام" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها من إنجيل القدّيس لوقا (12/ 49 - 53) والذي نقرأ فيه قول يسوع: "جِئتُ لألقِيَ عَلى الأَرضِ نارًا، وَما أَشَدَّ رَغبَتي أَن تَكونَ قَدِ اشتَعَلَت!"
وشرح البابا في هذا السِّياق أنَّ النار التي سيلقيها يسوع على الأرض هي نار تطلب منّا تغيير: أن نغيّر أسلوبنا في التفكير، وأسلوبنا في الإصغاء، وبالتالي وبقوّة المسيح يصبح القلب الوثنيّ والذي يسيطر عليه روح العالم مسيحيًّا، وهذا التغيير هو الارتداد، وهو تغيير في التصرّف والأعمال.
هذا التغيير يطال الإنسان بكامله نفسًا وجسدًا، إنّه تغيير لا يتمُّ بالتبرُّج وإنّما هو تغيير يحدثه الرُّوح القدس في الدّاخل ولكن ينبغي عليَّ أن أقوم بدوري أيضًا لكي يتمكّن الرُّوح القدس من العمل وهذا الأمر يعني أنّه ينبغي علي أن أكافح وأجاهد. لا وجود لمسيحيِّين لا يكافحون، هؤلاء ليسوا بمسيحيِّين بل هم فاترون.
يمكنك أن تجد أقراصًا تساعدك كي تهدأ وتنام ولكن لا توجد أقراص للسَّلام الداخليّ، وحده الرُّوح القدس بإمكانه أن يعطي هذا السَّلام للنفس والقوّة في الوقت عينه وعلينا أن نساعد الرُّوح القدس ليقوم بعمله من خلال إفساح المجال له في قلوبنا، وفي هذا الأمر يساعدنا فحص الضمير اليوميّ لأنّنا من خلاله نكافح ضدَّ أمراض الرُّوح، تلك التي يزرعها العدو.
إنّ الكفاح الذي قام به يسوع ضدّ الشيطان، ليس أمرًا قديمًا بل هو أمر معاصر ويحدث اليوم أيضًا لا بل كلّ يوم لأنّ هذه النار التي جاء يسوع ليلقيها تقيم في قلوبنا ولذلك علينا أن نسمح له بأن يدخل ونسأل أنفسنا يوميًّا: كيف انتقلت من الخطيئة إلى النعمة، هل تركت المجال للرّوح القدس لكي يعمل في داخلي؟ لا يمكننا أن نحلَّ الصعوبات والمشاكل التي تواجهنا في حياتنا من خلال إضعاف الحقيقة. الحقيقة هي أنّ يسوع قد جاء ليُلقي نارًا وكفاحًا وبالتالي يأتي السؤال: "وأنا ماذا أفعل؟"
الارتداد يحتاج لقلب سخيٍّ وأمين، سخاء يأتي من المحبّة وأمانة تأتي من الأمانة لكلمة الله!
إذاعة الفاتيكان.