هل نحن كنيسة أو شعب متواضع وفقير؟

متفرقات

هل نحن كنيسة أو شعب متواضع وفقير؟


هل نحن كنيسة أو شعب متواضع وفقير؟


"على الكنيسة أن تكون متواضعة فقيرة وواثقة بالرّبّ" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئّسًا القدّاس الإلهيّ صباح الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أن الطوبى الأولى موجّهة للفقراء وأنّ الفقراء هم غنى الكنيسة الحقيقيّ وليس المال والسّلطة.


يسوع يوبّّخ بقوّة رؤساء الكهنة ويحذّرهم قائلاً بأنّ العَشَّارينَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَهم إِلى مَلَكوتِ الله. استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من الإنجيل الذي تقدّمه الليتورجيّة اليوم لينبّه المؤمنين من التجارب التي يمكنها اليوم أيضًا أن تُفسد شهادة الكنيسة. وقال حتّى في القراءة الأولى من سفر النبي صفنيا (3/ 1- 13) يمكننا أن نرى تبعات شعب أصبح دنسًا ومُتمرِّدًا لأنّه لم يصغِ إلى صوت الرّبّ.


 كيف يجب إذًا أن تكون الكنيسة الأمينة للرّبّ؟ إنّ الكنيسة التي تتّكل على الرّبّ يجب أن تتحلّى بهذه الصّفات: التواضع، الفقر والثقة بالرّبّ. كنيسة متواضعة لا تتباهى بالسّلطة والعظمة. فالتواضع لا يعني إنسانًا متخاذلاً... لا هذا ليس تواضعًا وإنّما تظاهر بالتواضع! التواضع هو أوّلاً أن يعترف المرء بأنّه خاطئ. فإن لم تكن قادرًا على القول أنّك خاطئ وأنّ الآخرين أفضل منك فأنت لست متواضعًا أبدًا.


وبالتالي فالخطوة الأولى للكنيسة المتواضعة هي أن تشعر بأنّها خاطئة تمامًا كالخطوة الأولى لكلّ واحد منّا في هذا الدّرب. وإن كان هناك بيننا من اعتاد النظر إلى نواقص الآخرين وتناقلها بالثرثرة فهذا ليس شخصًا متواضعًا وهو يعتبر نفسه ديًّانًا للآخرين.


 ينبغي علينا أن نطلب هذه النّعمة بأن تكون الكنيسة متواضعة ويكون كلّ فرد متواضعًا.


أمّا الخطوة الثانية فهي الفقر، وإليه تُوَجّه الطوبى الأولى: "طوبى لفقراء الرّوح" أي أن يكون المرء متعلّقًا فقط بالغنى الذي يأتي من الله، وبالتالي لا لكنيسة تعيش متعلّقة بالمال وتفكّر فقط بالمال وكيفيّة ربحه. كما علمتم أنّ في إحدى الأبرشيّات طُلب من الأشخاص أن يتركوا تقدمة ماليّة لدى عبورهم الباب المقدّس ولكن هذه ليست كنيسة يسوع وإنّما كنيسة رؤساء الكهنة المتعلّقة بالمال.


إنّ شماس هذه الأبرشيّة القدّيس لورنسيوس عندما طلب منه الإمبراطور أن يسلّمه مال الأبرشيّة وغناها ليعفي عنه، فذهب وأحضر إليه جميع فقراء الأبرشيّة، الفقراء هم غنى الكنيسة. قد تكون مدير مصرف كبير ولكن قلبك سيبقى فقيرًا لأنّه متعلّق بالمال وفي خدمته، أمّا الفقر فهو التخلّي وعدم التعلّق بالمال من أجل خدمة الفقراء والمعوزين.


لنسأل إذًا أنفسنا: هل نحن كنيسة أو شعب متواضع وفقير؟


وهنا نصل إلى النقطة الثالثة: على الكنيسة أن تثق باسم الرّبّ. أين هي ثقتي؟ هل أضعها بالسّلطة، في الأصدقاء أو في المال؟ ينبغي أن تكون ثقتي في الرّبّ. هذا هو الإرث الذي يعدنا به الرّبّ: "وأُبقي في ما بينكِ شَعبًا وَديعًا فَقيرًا فيَعتَصِمون باسمِ الرَّبِّ"، وديعًا ومتواضعًا لأنّه يشعر بأنّه خاطئ، فقيرًا لأنّ قلبه متعلّق بغنى الرّبّ فقط وإن كانت لديه خيور ماديّة فهو مجرّد وكيل عليها لإدارتها، يثق بالرّبّ لأنّه يعرف أنّ الرّبّ وحده بإمكانه أن يضمن له ما يفيده. إنّ رؤساء الكهنة الذين كان يسوع يتوجّه إليهم لم يفهموا هذه الأمور ولذلك اضطّر أن يقول لهم إنّ العَشَّارينَ والبَغايا يَتَقَدَّمونَهم إِلى مَلَكوتِ الله.


 في زمن انتظار الميلاد هذا لنطلب من الرّبّ أن يمنحنا قلبًا متواضعًا وفقيرًا ولاسيّما قلبًا يثق بالرّبّ لأنّ الرّبّ لا يخيّبنا أبدًا!  

     

إذاعة الفاتيكان.