هل أنا مسيحيٌّ أسير في درب الكذب

متفرقات

هل أنا مسيحيٌّ أسير في درب الكذب

 

 

هل أنا مسيحيٌّ أسير في درب الكذب

 

 

"الإيمان الحقيقيّ هو التنبّه للفقراء الذين يقيمون بقربنا، لأنّه من خلالهم يقرع يسوع على أبواب قلوبنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.

 

قال الأب الأقدس:

 

 في إنجيل لوقا (16/ 19 -31) يُخبرنا يسوع مثل الرّجل الغنيّ الذي كان "يَلبَسُ الأُرجُوانَ والكَتَّانَ النَّاعِم، ويَتَنَعَّمُ كُلَّ يَومٍ بِمَأدُبَةٍ فاخِرة" والذي لم يتنبّه لوجود فقير عند بابه اسمه لعازر ومغطّى بالقروح. ودعا البابا الجميع ليسأل كلّ فرد نفسه: "هل أنا مسيحيٌّ أسير في درب الكذب والقول فقط أم أنا مسيحيٌّ يسير في درب الحياة أي درب الأعمال والفعل"، هذا الرّجل الغنيّ كان قد حفظ الوصايا وكان يذهب كلّ سبت إلى الهيكل، لقد كان شخصًا متديِّنًا.

 

ولكنّه كان رجلاً منغلقـًا في عالمه الصغير - عالم المآدب والثياب والغرور والأصدقاء - إنّه رجل منغلق في فقاعة غرور وكبرياء ولم يكن قادرًا على الرؤية أبعد من عالمه الخاصّ وحياته الخاصّة. ولم يكن يتنبّه لما كان يحصل خارج عالمه المغلق، كما وأنّه لم يكن يفكِّر بحاجات العديد من الأشخاص وعوزهم وإنّما فقط بغناه وحياة الرفاهية التي كان يعيشها.

 

 لقد كان رجلاً متديّنًا في الظاهر ولكنّه لم يكن يعرف شيئًا عن واقع الضواحي لأنّه كان منغلقـًا على نفسه. حتى الضواحي التي كانت عند بابه لم يكن يعرفها. لقد كان يسير في درب الكذب لأنّه كان يثق فقط بنفسه وبأموره ولم يكن يثق بالله. إنّه شخص لم يترك إرثًا ولم يولِّد حياة لأنّه كان منغلقـًا على ذاته؛ وبالتالي فقد اسمه أيضًا.

 

فالإنجيل لا يقول لنا اسمه يقول لنا فقط إنّه رجل غنيّ، وعندما يكون اسمك مجرّد صفة فهذا يعني أنّك خسرت: خسرت المضمون وخسرت القوى. إنّه رجل غنيّ وقدير وبإمكانه القيام بكلّ شيء... كم من مرّة نحن أيضًا ننعت الناس بصفات معيّنة ولا ندعوهم بأسمائهم لأنّهم فارغون.

 

ولكنّني أتساءل: "ألم يرحم الله الآب هذا الرَّجل؟ ألم يقرع على باب قلبه ليحرّكه؟" بلى!! لقد كان عند بابه في شخص لعازر الذي كان يملك اسمًا، ولعازر هذا مع عوزه وبؤسه وأمراضه كان الرّبّ الذي يقرع على الباب، لكي يفتح هذا الرّجل قلبه وتدخل الرَّحمة إليه. ولكنّه لم يكن يرى هذا الأمر بسبب انغلاقه، فبالنسبة له لم يكن هناك شيء أبعد من الباب.  

 

 نحن في زمن الصَّوم وسيساعدنا جدًّا أن نسأل أنفسنا: ما هو الدّرب الذي نسيره. هل هو درب الحياة أم درب الكذب؟ ما هي الانغلاقات التي أحملها في قلبي؟ أين يكمن فرحي: في القول أم في الفعل؟ في الخروج من ذاتي للذهاب للقاء الآخرين ومساعدتهم - أي في أعمال الرّحمة؟ أم أنّ فرحي يكمن في أن أنظّـِّم كلّ شيء وأعيش منغلقـًا على نفسي؟ فيما نتأمل في هذه الأمور في حياتنا لنطلب من الرّبّ نعمة أن نرى الأشخاص الذين يقفون عند بابنا كـ "لعازر" والذين يقرعون أبواب قلوبنا فنخرج من ذواتنا بسخاء ورحمة لكي تتمكّن رحمة الله من الدّخول إلى قلوبنا!

 

 

إذاعة الفاتيكان.