هل أنا في مسيرة تقودني نحو اللقاء بالرّبّ

متفرقات

هل أنا في مسيرة تقودني نحو اللقاء بالرّبّ

 

 

 

هل أنا في مسيرة تقودني نحو اللقاء بالرّبّ

 

"شعب الله يسير على الدّوام لكي يعمّق إيمانه" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان والتي تمحورت حول القراءة  من أعمال الرسل (13/ 13-25) والتي يتحدّث فيها القدّيس بولس عن تاريخ الخلاص وصولاً إلى يسوع.

 

 الله قد أظهر نفسه في التاريخ وخلاصه يملك تاريخًا طويلاً. إنّ خلاص الله يسير نحو ملء الزّمن، وهو مسيرة قدّيسين وخطأة. فالرّبّ يقود شعبه في الأوقات الجميلة وفي الأوقات السيّئة، في الحريّة وفي العبوديّة، لكنّه يقوده نحو الملء ليلتقي به. وبالتالي في النهاية نجد يسوع، ولكن لا ينتهي الأمر هنا لأنّ يسوع قد ترك لنا الرّوح القدس، والرّوح القدس هو الذي يذكّرنا برسالة يسوع ويُفهمنا إيّاها وهنا تبدأ مسيرة ثانية؛ وهكذا تسير الكنيسة قدمًا مع العديد من القدّيسين والخطأة وبين النعمة والخطيئة.

 

 هذه المسيرة هي لفهم شخص يسوع في العمق وتعميق الإيمان وفهم الأخلاق والوصايا؛ وما كان يبدو سابقـًا عاديًا ولم يكن يُعتبر خطيئة أصبح اليوم خطيئة مميتة. لنفكّر بالعبوديّة على سبيل المثال: عندما كنّا في المدرسة كانوا يخبرونا كيف كانوا يتصرّفون مع العبيد ويأخذوهم من مكان ويبيعونهم في آخر، وكيف كان يتمّ بيعهم وشراءهم في أمريكا اللاتينيّة... إنّها خطيئة مميتة وهذا ما نقوله اليوم.

 

لكن في ذلك الوقت لم يكن يعتبر خطيئة لا بل كان طبيعيًا لاسيّما وأنّ هؤلاء الأشخاص كانوا يعتبرون بلا نفس! لذلك وجب علينا أن نسير قدمًا كي نفهم الإيمان بشكلٍ أفضل والأخلاق أيضًا. قد يقول لي أحدكم: "نشكر الله يا أبتِ أن العبوديّة قد زالت في أيّامنا هذه!" لا، لا بل أصبحت أكبر ولكنّنا نعرف أقلّه أنّها خطيئة مميتة. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على عقوبة الموت التي كانت أمرًا طبيعيًّا في مرحلة من المراحل أمّا اليوم فنقول إنّها أمر غير مقبول.

 

 هذا الأمر ينطبق أيضًا على حرب الدّيانات. لكن وسط هذه التوضيحات في الإيمان والأخلاق نجد العديد من القدّيسين، نعرف البعض منهم ولكن هناك أيضًا بعض القدّيسين الخفيِّين، والكنيسة مليئة بهؤلاء القدّيسين الخفيِّين، وهذه القداسة هي التي تحملنا قدمًا نحو ملء الزمن الثاني عند مجيء الرّبّ في النهاية ليكون كلّاً في الكلّ. هكذا أراد الرّبّ الإله أن يكشف نفسه لشعبه: في المسيرة.

 

إنّ شعب الله يسير على الدوام، وعندما يتوقّف يصبح سجين إسطبل، تمامًا كالحمار، لا يفهم ولا يسير قدمًا ولا يتعمّق في الإيمان والمحبّة ولا يطهّر نفسه. ولكن هناك ملء زمان ثالث وهو الملء الذي يسير نحوه كلّ فرد منّا لأنّنا في مسيرة نحو تحقيق ذواتنا. كلّ منّا سيصل إلى تلك اللّحظة التي ستنتهي بها حياته ويلتقي الرَّبّ، وهذه اللّحظة تخصّنا وهي شخصيّة، حتى وإن كنّا نسير نحو ملء الزمن الثاني لشعب الله. كلٌّ منّا هو في مسيرة، ولنفكّر بهذا الأمر: إنّ الرّسل والمبشّرين والأوائل قد اجتهدوا ليُفهموا الناس أنّ الله قد أحبّ وأختار شعبه الذي يسير على الدوام.

 

 يسوع قد أرسل الرّوح القدس لكي نتمكّن من السَّير قدمًا والرّوح القدس بالذات هو الذي يدفعنا لنسير: هذا هو عمل رحمة الله الكبير وداخل هذه المسيرة يسير كلّ فرد منّا نحو ملء زمنه الخاصّ. ينبغي على كلٍّ منّا أن يسأل نفسه إن كان يؤمن أنّ وعد الله كان يسير وأن الكنيسة تسير اليوم أيضًا. وإن كنّا نفهم عندما نعترف بخطايانا أنّ الخطوة التي نقوم بها هي خطوة في المسيرة نحو ملء الزّمن، لأنّ طلب المغفرة من الرّبّ ليس أمرًا أوتوماتيكيًّا.

 

لذلك عليّ أن أفهم أنّني في مسيرةٍ وسط شعبٍ يسير وأنّني يومًا ما – ربّما اليوم أو ربّما غدًا أو بعد ثلاثين عامًا – سألتقي وجهًا لوجه بالرّبّ الذي لا يتركنا أبدًا بل يرافقنا في مسيرتنا. ليسأل كلّ منّا نفسه: هل أفكّر بهذه الأمور؟ هل أنا في مسيرة تقودني نحو اللقاء بالرّبّ ونحو تحقيق ملء زمني الشخصيّ؟ هذا هو عمل رحمة الله الكبير!

 

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.