"ينبغي علينا أن نتغلّب على تجربة الديانة "الإستعراضيّة" التي تبحث دائمًا عن إلهامات جديدة كالألعاب الناريّة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد الحبر الأعظم أن ملكوت الله ينمو إن حافظنا على الرّجاء في حياتنا اليوميّة.
استهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من إنجيل لوقا (17/ 20 -25) والذي نقرأ فيه جواب يسوع للفريسيين الذين سألوه "متى يأتي ملكوت الله؟" فأجابهم " لا يَأتي مَلَكوتُ ٱللهِ عَلى وَجهٍ يُراقَب. وَلَن يُقال: ها هُوَذا هُنا، أَو ها هُوَذا هُناك. فَها إِنَّ مَلكوتَ ٱللهِ بَينَكُم". قال البابا إن ملكوت الله هو كالبذرة التي تُزرع في الأرض وتنمو وحدها مع مرور الوقت، إن الله هو الذي ينمّيها ولكن بدون أن يلفت الإنتباه والإهتمام.
ملكوت الله ليس ديانة "استعراضيّة" تبحث دائمًا عن أشياء وإلهامات ورسائل جديدة... إن الله قد كلمنا بيسوع المسيح، وقد كان يسوع آخر كلمة لله، أما الباقي فهو كالألعاب الناريّة تضيء للحظات ومن ثمّ ماذا يبقى منها؟ لا شيء، ليس هناك نمو ولا نور ولا شيء أبدًا: إنها مجرّد لحظة.
وكثيرًا ما تسحرنا وتجرّبنا ديانة "الاستعراض" هذه فنبحث عن إلهامات غريبة بعيدة عن وداعة ملكوت الله الذي يقيم بيننا وينمو. وهذا البحث ليس رجاء وإنما هو الرغبة بالحصول على ضمانات بين أيدينا.
أما خلاصنا فيأتينا بواسطة الرجاء، رجاء الرجل الذي يزرع حبّة القمح أو المرأة التي تحضّر الخبز؛ تمامًا كما يمتزج الدقيق بالخميرة هكذا أيضًا ينمو الرجاء. أما هذا الإشعاع الإصطناعي فهو مجرّد لحظة ويغيب كالألعاب الناريّة التي لا تُفيد في إضاءة البيت، لأنها مجرّد استعراض!
لكن ماذا ينبغي علينا أن نفعل فيما ننتظر مجيء ملكوت الله بملئه؟ علينا أن نحرس بصبر في العمل وفي الآلام... أن نحرس كما يحرس الرجل الذي زرع البذرة ومن ثمّ يحرس النبتة ولا يسمح بأن تنمو الأعشاب الضارة بقربها لكي تنمو النبتة جيّدًا.
وبالتالي علينا أن نحرس الرجاء. وهنا يأتي السؤال الذي سأطرحه اليوم عليكم: إن كان ملكوت الله في وسطنا وإن كنا جميعًا نحمل هذه البذرة في داخلنا ولدينا الروح القدس فكيف نحرسه؟ كيف أميّز، كيف أعرف القمح من الزؤان؟ إن ملكوت الله ينمو في داخلنا فماذا ينبغي علينا أن نفعل؟ أن ننمو في الرجاء ونحرس الرّجاء، لأننا بالرّجاء خُلِّصنا والرّجاء هو خيط تاريخ الخلاص، الرّجاء بلقاء الرّبّ بشكل نهائي. فملكوت الله يتقوّى بالرّجاء!
ليسأل كل منّا نفسه: هل لدي رجاء؟ أم أنني أسير بدون أن أميّز الخير من الشرّ، والقمح من الزؤان، ونور الروح القدس الوديع من وهج الأمور الاصطناعيّة؟ لنسأل أنفسنا عن رجائنا في هذه البذرة التي تنمو في داخلنا وكيف نحرس رجاءنا.
إن ملكوت الله بيننا ولكن ينبغي علينا من خلال العمل والراحة والتمييز أن نحرس رجاء ملكوت الله الذي ينمو إلى اليوم الذي سيأتي فيه الرّبّ وسيكون كلُّ شيء قد تحوّل، وفي تلك اللحظة وكما يقول القديس بولس لمسيحيي تسالونيقي سنقيم جميعنا معه!
إذاعة الفاتيكان.