"ها أَنا مُسَيِّرٌ أَمامَكَ مَلاكا، يَحفَظُكَ في الطَّريق، ويأَتِيَ بِكَ إِلى المَوضِع الَّذي أَعدَدْتُه" هذه هي كلمات من سفر الخروج (23/ 20 -23) والتي شكّلت محور تأمل البابا فرنسيس في عظته في القدّاس الذي ترأسه صباح يوم الثلاثاء في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان في تذكار الملائكة الحرّاس، وقال إنّ الملائكة الحراس هم المساعدة الخاصّة التي يعد بها الرّبّ شعبه ويعدنا بهم نحن أيضًا الذين نسير على دروب الحياة.
هذه هي الحياة، مسيرة ينبغي أن يساعدنا فيها رفقاء درب ومحامين يحرسوننا من الأخطار ومن الأشراك التي قد نواجهها. هناك خطر عدم السّير، وكم من النّاس يراوحون مكانهم ولا يسيرون فتصبح حياتهم هامدة بدون حركة وبدون فعل أي شيء... هذا أمر خطير. إنّهم كذلك الرّجل الذي يخبرنا عنه إنجيل متى (25/ 14 -30) والذي خاف ولم يستثمر وزنته ودفنها قائلاً في نفسه: "هكذا أكون بسلام، إذ لا أرتكب خطأ ولا أخاطر". من ثمَّ هناك العديد من الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يسيرون أو يخافون من المخاطرة فيتوقّفون. ولكنّنا نعرف القاعدة بأنّ من يتوقّف في الحياة مصيره هو الفساد، تمامًا كالمياه عندما تركد تأتي الحشرات وتضع بيضها ويفسد كلَّ شيء. وبالتالي فالملاك الحارس هو الذي يساعدنا ويدفعنا لكي نسير.
ولكن هناك شركان آخران على دروب حياتنا خطر أن نسير في الدرب الخاطئة وهذا الأمر يسهل إصلاحه في البداية فقط وخطر ترك المسيرة للتلهّي في ساحة ما، فنسير من جهّة إلى أخرى كمن يسير في متاهة تحبسه ولا يمكنه الخروج منها أبدًا. ولذلك يساعدنا الملاك لكي لا نسير في الدرب الخاطئة ولكن علينا أن نصلّي وأن نطلب منه المساعدة. يقول لنا الرّب "تَحَفَّظْ لَه"، لأنّ الملاك يملك السُّلطة ليقودنا؛ "امْتَثِلْ قَوْلَه، ولا تَعْصِه" أي أصغِ إلى إلهاماته التي تأتي على الدوام من الرّوح القدس، ولكن الملاك هو الذي يلهمنا إيّاها. أريد أن أطرح عليكم سؤالاً: "هل تتحدّثون مع ملاككم الحارس؟"، "هل تعرفون اسمه؟"، "هل تصغون إلى ملاككم؟"، "هل تسمحون له بأن يمسككم بيدكم خلال المسيرة أو أن يدفعكم لتتحرّكوا؟".
لكن حضور الملائكة ودورهم في حياتنا هو أهمُّ من ذلك أيضًا، لماذا؟ هم لا يساعدوننا في المسيرة وحسب وإنّما يُظهرون لنا أيضًا إلى أين يجب أن نصل. نقرأ في إنجيل متى (18/ 1 -5، 10) قول الربّ: "إِيّاكُم أَن تَحتَقِروا أَحَدًا مِن هَؤُلاءِ الصِّغار. أَقولُ لَكُم إِنَّ مَلائِكَتَهُم في السَّمَوات، يُشاهِدونَ أَبَدًا وَجهَ أَبي الَّذي في السَّمَوات". وبالتالي في سرِّ حراسة الملاك نجد أيضًا مشاهدة وجه الله الآب التي يجب أن نطلب من الربِّ نعمة أن نفهمها.
إن ملاكنا الحارس ليس معنا وحسب، بل هو يرى الله الآب وهو على علاقة به. إنّه الجسر اليوميّ الذي يرافقنا ويربطنا بالله الآب من اللحظة التي نستيقظ فيها إلى اللحظة التي نخلد فيها إلى النوم. الملاك الحارس هو الباب اليومي نحو العلى، ونحو اللقاء مع الآب؛ أي أنّه يساعدني على المضيِّ قدمًا لأنّه يشاهد الآب ويعرف الدّرب. فلا ننسينَّ أبدًا إذًا رفقاء الدرب هؤلاء!
إذاعة الفاتيكان.