يواصل غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الراعي والى جانبه صاحبا السيادة المطرانان عبدالله زيدان وجوزف نفاع، المنتخبين من السينودس الماروني، والمونسنيور توفيق بو هدير المعيّن خبيرًا، مشاركتهم في أعمال الجمعية العامة العادية الخامسة عشرة لسينودس الأساقفة، وموضوعها "الشباب، والإيمان وتمييز الدعوات"، والتي ستُختتم الأحد 28 تشرين الأول الجاري بقداس احتفالي يترأسه قداسة البابا فرنسيس في ساحة بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان.
ويقوم الاباء خلال الاسبوع الأخير بمناقشة كل من مشروع الوثيقة الختامية ومسودة الرسالة الموجهة من السينودس إلى شباب العالم بأسره. وقد تميزت الايام الاخيرة من هذا الاسبوع بقيام قداسة البابا فرنسيس بإهداء الشباب المشاركين كمستمعين ملخص العقيدة الاجتماعية للكنيسة "دوكات" وهو ثمرة مشروع أراده البابا فرنسيس كدليل للالتزام الاجتماعي معد خصيصا للشباب وموجه إليهم ووثيقة اعتبرها قداسته خلال تقديمه لهذا الإصدار: "تساعدنا بعون الإنجيل على تغيير أنفسنا أولا، ثم محيطنا، ومن ثم العالم بكامله".
ويُذكر ان الوثيقة الختامية المذكورة قد سُلمت لآباء السينودس ليتمكنوا من قراءتها واقتراح إضافات أو تعديلات عليها، على ان الوثيقة الختامية توجّه الى قداسة البابا، ليصدر على ضوئها ارشاده الرسولي للكنيسة بشكل عام وللشباب بشكل خاص.
الى ذلك يقوم الاباء بعد ظهر اليوم الجمعة 26 الجاري بانتخاب اللجنة المركزية لصياغة النص النهائي والاعداد للسينودس القادم.
وكان لغبطة البطريرك الراعي مداخلة في الجمعية العمومية حول الكنائس الشرقية خاطبت الكرسي الرسولي من جهة، والسلطات اللاتينية في بلدان الانتشار من جهة أخرى بهدف التذكير بما أوصى به المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني في القرار "حول الكنائس الشرقية"، وهو ان يحافظ أبناء هذه الكنائس، أينما وجدوا، على هويتهم وتراثهم الليتورجي والروحي واللاهوتي والتنظيمي وعلى تقاليدهم، بحيث يغنون المجتمعات التي هاجروا اليها. واوضح غبطته ان هذا الأمر يقتضي وجود هيكليات كنسية وراعوية: رعايا، رسالات، زيارات رسولية، اكسرخسيات وابرشيات مشيرًا الى "اننا نجد في الواقع صعوبات عندما نريد انشاء زيارات رسولية واكسرخسيات وابرشيات، ولذلك نصل دائمًا متأخرين كما هي الحال في العديد من بلدان اميركا الجنوبية وسواها".
واظهرت المداخلة أهمية وجود هذه الهيكليات، بالإضافة الى التعاون مع السلطات اللاتينية المحلية من اجل تسهيل وتشجيع عمليات تسجيل وقوعات الأحوال الشخصية (الولادة والزواج) لدى البعثات الديبلوماسية من اجل الحصول والإبقاء على الجنسية اللبنانية، وبالتالي من اجل المحافظة على الحقوق المدنية في البلد الأم. كما ان هذه التسجيلات تحفظ انتماء المنتشرين الى كنائسهم الشرقية مع التشديد على وجوب الانتماء الى المجتمعات المستضيفة (integration) من دون الذوبان فيها (assimilation).
كما كانت لنيافة الكردينال الراعي مداخلة اخرى في الفريق المصّغر اللغوي تناولت وجود المسيحيين الشرقيين، ومنهم الموارنة بالطبع في المجتمعات المتعددة الثقافات والديانات والاثنيات، ومنها لبنان مثلاً، والبلدان الأوروبية والغربية عامة. فاعتبر ان هناك "خطران يواجهان هذا الوجود: إما الانغلاق على الذات (كما في ghetto)، واما اعتبار جميع الديانات متساوية، واضاف: "كان لا بدّ من التركيز على تربية الشباب من أبناء كنائسنا وبناتها على ايمانهم المسيحي وعقيدتهم المسيحية وعلى تراثهم الروحي والأخلاقي، وعلى معرفة الآخر المختلف في ايمانه وعقيدته، من اجل بناء مجتمع سلام وتكامل واغناء متبادل. فالمطلوب من المسيحي ان يشهد لمسيحيته ولقيمه الانجيلية في افعاله وتصرفاته ومبادراته واخلاقيته، بحيث يدرك الآخرون من خلالها انه مؤمن بالمسيح والله الذي يعبده، بل يعرفون وجه المسيح ووجه إلههم."
كما شدد نيافته على "وجوب تربية شبيبتنا على المفهوم الصحيح للمواطنة والالتزام الاجتماعي والسياسي. ان لبنان يتميّز منذ نشأته، عن بلدان المنطقة، بأن الولاء اليه قائم على مبدأ المواطنة. لكننا نشهد اليوم انحرافًا نحو الولاء الى الدين والطائفة والمذهب والحزب و"الزعيم" على حساب الوطن.
هكذا ظهر في السنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، وحاليًا من عدم تأليف الحكومة منذ خمسة أشهر، والبلاد على شفير الهاوية الاقتصادية والمعيشية والمالية والاجتماعية ونزيف الهجرة مميت، وتعاظم الدين العام مخيف.
فلا بدّ من تربية شبابنا على الولاء للوطن من خلال مبدأ المواطنة، وعلى دورهم في بناء البلاد، وعلى تأمين مستقبلهم فيه، ولا بدّ من مطالبتهم بالانخراط في مؤسساته الإدارية والعسكرية والأمنية والقضائية، والاستفادة مما تقدمه لهم من فرص عمل وامكانيات عيش بكرامة.
هذا ما كنا ننتظره من الأحزاب السياسية، وما زلنا ننتظره. فالأوطان تبنى بسواعد مواطنيها وليس بيد الغرباء ولو كانوا من أقرب الأصدقاء، "فما حكّ جسمك مثل ظفرك!" والأوطان تبنى بالتضحيات والاعمال لا بالراحة والكلام".
من جهة اخرى كانت مداخلة للمونسينيور توفيق بو هدير مُنسق مكتب راعوية الشباب في الدائرة البطريركية المارونية فتمحورت حول التواجد في الضواحي، والذي يعني اتباع يسوع دائما وفي أي مكان. فتحدث عن الشباب باعتبارهم حمَلة البشرى السارة ورواد الحوار بين الأديان، وأضاف أنهم يرغبون في أن يكونوا أبطال عالم جديد. هذا وأشار المونسنيور بو هدير إلى انعقاد لقاء مسكوني دولي للشباب في لبنان من 22 حتى 26 آذار مارس 2019.
موقع بكركي.