ماذا تُريدان؟

متفرقات

ماذا تُريدان؟

 

 

ماذا تُريدان؟

 

 

بدأت عصر أمس الأحد الرّياضة الرّوحيّة لزمن الصَّوم للأب الأقدس وأعضاء الـ "كوريا" الرّومانيّة في بيت المعلّم الإلهيّ في أريتشا والتي يقدِّم تأملاتها هذا العام الأب إرميس رونكي من رهبنة خدّام مريم. وتُختتم هذه الرّياضة الروحيّة يوم الجمعة المقبل الموافق الحادي عشر من آذار مارس الجاري.

 

تحمل الرّياضة الروحيّة عنوان "أسئلة الإنجيل الجوهريّة والواضحة"، وقد تمحور السؤال الأوّل في التأمل الأوّل عصر أمس الأحد حول آية من إنجيل القدِّيس يوحنَّا "فَالتَفَتَ يسوعُ فرآهُما يَتبَعانِه فقالَ لَهما: "ماذا تُريدان؟"

 

قال الأب إرميس رونكي تدعونا هذه الأيّام معًا لنتوقّف للإصغاء إلى إله يسأل ولنسمح له بأن يسألنا، وبدلاً من أن نُسرع للبحث عن الجواب لنتوقّف لنعيش جيّدًا هذه الأسئلة، أسئلة الإنجيل الجوهريّة والواضحة، ونحبّها لأنّها تشكّل نوعًا من الإلهام وهي الإسم الآخر للإرتداد.

 

 يربّي يسوع على الإيمان من خلال الأسئلة ومن خلال الكلمات القاطعة والحاسمة. يقدّم لنا الإنجيليّون الأربعة أكثر من مائتين وعشرين سؤالاً للرّبّ، والسّؤال هو تواصل غير عنيف، لأنّه لا يُسكِت الآخر بل يجعله يسترسل في الحوار، فيطال كيانه ولكنّه يتركه حرًّا في الوقت عينه؛ ويسوع نفسه هو سؤال لأنّ حياته وموته يُسائلاننا حول المعنى الجوهري للأمور وحول ما يجعل الحياة سعيدة. وفي النهاية يبقى الجواب أيضًا يسوع.

 

يسوع يسألني ما هي رغبتي الأعمق والأقوى: فهو لا يطلب منّي تضحيات أو تنازلات، كما لا يطلب منّي أيضًا أن أبذل ذاتي في سبيل الواجب أو الجهود وإنّما يطلب منّي أوّلاً وقبل كلّ شيء أن أدخل إلى قلبي لأفهم وأعرف ما هي رغبتي الأعمق وما هو الأمر الذي يجعلني سعيدًا.

 

فالبحث عن السّعادة هو بحث عن الله وشغف لله يولد من اكتشافنا لجمال المسيح، فالله لا يجذبني لأنّه كلّي القدرة ولا يغويني لأنّه أزليّ وكامل وإنّما يجذبني ويغويني بوجه وقصّة المسيح ذاك الإنسان الذي عاش حياة صالحة وطوباويّة، وكان حرًّا وأحبّ كما لم يحبّ أحدٌ من قبل. إنّه البشرى السّارة التي تعلن لنا: يمكننا جميعًا أن نعيش بشكل أفضل والأسلوب نجده في الإنجيل.

 

 الإيمان هو بحث عن إله حسّاس على القلب ويجعل القلب سعيدًا، إله اسمه فرح وحريّة وكمال. إنّ الله جميل جدًا ورسالتنا هي أن نعلن إلهًا جميلاً ومشوِّقـًا. ولكن ربما وللأسف قد أفقرنا وجه الله من معناه وجعلناه بائسًا وحوّلناه إلى إله يُعبد ويكرّم ولكنّه لا يشارك في حياة أبنائه ولا يضحك ويلعب معهم.

 

كلّ إنسان يبحث عن إله يشاركه حياته. إنّ الله يضجر في كنائسنا، لنُعِد إليه إذًا وجهه البهيّ والمشرق فيجذبنا مجددًّا ونتذوّق حضوره في حياتنا. فيصبح جوابي على السّؤال: "ماذا تُريد ولماذا تسير؟" أبحث عن إله جذاب وأسير من أجل إله يسعد قلبي!

 

 

إذاعة الفاتيكان.