تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود من المؤمنين احتشدوا في ساحة القديس بطرس، ووجه كلمة استهلها قائلاً
إن عيد عماد الرب الذي نحتفل به اليوم يختتم زمن الميلاد ويدعونا للتفكير في معموديّتنا. لقد أراد يسوع أن ينال المعموديّة التي بشَّر بها ومنحها يوحنا المعمدان في نهر الأردن. لقد كانت معموديّة توبة والذين كانوا ينالونها كانوا يعبِّرون عن رغبتهم بأن يتطهّروا من خطاياهم وبمساعدة الله كانوا يلتزمون في بدأ حياة جديدة.
نفهم إذا التواضع الكبير ليسوع، ذلك الذي كان بدون خطيئة، عندما وقف في صفِّ التائبين واختلط معهم ليعتمد في مياه النهر. ما أعظم تواضع يسوع! بهذه الطريقة أظهر ما احتفلنا به في عيد الميلاد: جهوزيّة يسوع للغوص في نهر البشريّة وليأخذ على عاتقه نواقص البشر وضعفهم وليتقاسم رغبتهم بالحريّة وبتخطّي كلَّ ما يبعدنا عن الله ويجعلنا غرباء عن الإخوة.
كما في بيت لحم هكذا أيضًا على ضفاف نهر الأردن يحافظ الله على الوعد بأن يأخذ على عاتقه مصير الكائن البشري، ويسوع هو العلامة الملموسة والنهائيّة.
يُشدِّد إنجيل مرقس (1 / 7 -11) على أنَّ يسوع "وبَينَما هو خارِجٌ مِنَ الماء رأَى السَّمَواتِ تَنشَقّ، والرُّوحَ يَنزِلُ علَيه كَأَنَّهُ حَمامةَ". إنَّ الروح القدس الذي عمل منذ بداية الخليقة وقاد موسى والشعب في الصحراء، ينزل الآن بملئه على يسوع ليمنحه القوّة ليتمِّم رسالته في العالم.
الروح القدس هو صانع معموديّة يسوع ومعموديّتنا أيضًا؛ هو الذي يفتح عيون القلب على الحقيقة؛ هو الذي يدفع حياتنا على درب المحبّة؛ وهو الذي ينقل لنا حنان المغفرة الإلهيّة، وهو أيضًا الذي يُردِّد صدى كلمة الآب: "أَنتَ ابنِيَ".
يدعو عيد عماد يسوع كل مسيحي لتذكُّر معموديّته. لا يمكنني أن أسألكم إن كنتم تتذكَّرون يوم عمادكم لأنَّكم كنتم لا تزالون أطفالاً، لقد اعتمدنا جميعًا فيما كنا لا نزال أطفالاً. ولكنني سأطرح عليكم سؤالاً آخر: هل تعرفون تاريخ عمادكم، هل تعرفون في أيِّ يوم نلتم سرَّ المعموديّة؟ ليفكِّر كلُّ فرد منكم بهذا الأمر.
وإن كنتم لا تعرفون التاريخ أو لا تذكرونه عندما تعودون إلى بيوتكم إسألوا أمهاتكم أو جداتكم أو عرابكم أو عرابتكم: ما هو تاريخ عمادي؟ ومن ثمَّ عليكم أن تحفظوا هذا التاريخ للأبد لأنّه تاريخ عيد، إنّه تاريخ قداستنا الأولى، إنه التاريخ الذي منحنا فيه الآب الروح القدس الذي يدفعنا لنسير، إنّه تاريخ المغفرة. لا تنسوا أبدًا هذا السؤال: ما هو تاريخ معموديّتي؟
لنطلب الحماية الوالديّة لمريم الكليّة القداسة لكي يتمكَّن جميع المسيحيين من فهم عطيّة المعموديّة ويلتزموا في عيشها بصدق ويشهدوا لمحبّة الآب والابن والروح القدس.
إذاعة الفاتيكان.