"لا يجب أن نكون سجناء مصالحنا بل رجال ونساء فرح وتعزية" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح يوم الإثنين في كابلة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أنَّ الفرح هو نفس المسيحيّ، فرح يقوم على السَّلام الحقيقيّ لا السَّلام المخادع كذلك الذي تقدّمه ثقافة اليوم التي تخلق العديد من الأمور لتسلّينا.
استهلَّ الأب الأقدس عظته انطلاقًا من رسالة القدِّيس بطرس الأولى (1/ 3 -9) ومن إنجيل القدِّيس مرقس (10/ 17- 27) الذي يخبرنا عن الشَّاب الغنيّ الذي لم يتمكّن من أن يتخلّى عن مصالحه وَانصَرَفَ حَزينًا؛ وشدّد البابا في هذا السِّياق على أن المسيحيّ الحقيقيّ لا يُمكنه أبدًا أن يكون حزينًا، ولذلك علينا أن نكون رجال ونساء فرح أي رجال ونساء سلام وتعزية.
الفرح المسيحيّ هو نفس المسيحيّ، والمسيحيّ الذي لا يحمل الفرح في قلبه ليس مسيحيًّا صالحًا. الفرح هو نفس المسيحيّ وطريقته في التعبير عن ذاته؛ كما وأنَّ الفرح ليس أمرًا يمكن شراؤه أو يمكنني أن أحقّقه بمجهودي بل هو ثمرة الرُّوح القدس، لأنَّ الرُّوح القدس هو الذي يصنع الفرح في القلب.
إنَّ الصَّخرة الثابتة التي يقوم عليها الفرح المسيحيّ هي الذاكرة، إذ لا يمكننا أن ننسى ما فعله الرَّبّ من أجلنا إذ وَلَدَنا لحياة جديدة؛ كذلك أيضًا الرَّجاء لما ينتظره أي اللقاء بابن الله. وبالتالي فالذاكرة والرَّجاء هما المكوِّنان اللذان يسمحان للمسيحيِّين بعيش الفرح، فرح يقوم على السَّلام. الفرح ليس أن نضحك طول النهار، كما وليس أيضًا أن نكون مرحين. لا! الفرح المسيحيّ هو السَّلام، السَّلام الموجود في الجذور، سلام القلب، السَّلام الذي وحده الله قادر على منحه. هذا هو الفرح المسيحيّ، وليس من السَّهل أن نحافظ على هذا الفرح.
للأسف إنّ العالم يكتفي بثقافة غير سعيدة، ثقافة تخلق العديد من الأمور لتسلّينا ولكنّها لا تُرضينا بشكلٍ كامل. إنَّ الفرح في الواقع ليس أمرًا يمكن شراؤه، بل هو عطيّة من الرُّوح القدس الذي يهبُّ وقت الاضطرابات والمحن. هناك قلق جيّد وهناك قلق آخر وليس جيّدًا وهو قلق البحث عن الضمانات والملذات في كلِّ مكان. كما كان الشاب الذي يحدِّثنا عنه الإنجيل يخاف من أنّه إن ترك المال فسيفقد سعادته؛ لكنَّ نفسنا كمسيحيِّين هو الفرح والتعزية!
إذاعة الفاتيكان.