الإنجيل، كلمة الرّبّ هو الخمرة الجديدة التي أُعطيت لنا، ولكنَّ قبوله لا يكفي لكي نكون مسيحيِّين صالحين، بل يتطلّب منّا تصرّفًا جديدًا وأسلوبًا جديدًا، هو الأسلوب المسيحيّ والتي وحدها التطويبات تعرف كيف تدلّنا إليه. وهذا هو معنى الآية التي تختتم إنجيل مرقس (2/ 18 -22): "لِلخَمرَةِ الجَديدَةِ زِقاقٌ جَديدَة" والتي انطلق منها قداسة البابا فرنسيس في تأمّله الصباحي في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ في كابلّة بيت القدِّيسة مرتا بالفاتيكان.
لكي نفهم ما هو الأسلوب المسيحيّ من الأفضل أوَّلاً أن نفهم ربّما مواقفنا التي لا تنتمي للأسلوب المسيحيّ ومنها أسلوب الاتّهام والأسلوب الدنيويّ والأسلوب الأنانيّ: إنّ أسلوب الاتّهام هو أسلوب أولئك المؤمنين الذين يسعون دائمًا لاتّهام غيرهم ولكنّهم لا يتنبّهون أنّه أسلوب الشيطان، إذ أن الكتاب المقدّس يسمّي الشيطان "المتّهم الأكبر" الذي يتّهم الآخرين على الدوام. إنّها موضة فيما بيننا وكانت كذلك أيضًا في أيَّام يسوع الذي وفي حالات عديدة كان يوبِّخ المتّهمين: "أَخرِجِ الخَشَبَةَ مِن عَينِكَ أَوَّلاً، وعِندَئذٍ تُبصِرُ فتُخرِجُ القَذى الَّذي في عَينِ أَخيك" وأيضًا "من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بأوَّل حجر"، وبالتالي تابع البابا شارحًا أنَّ العيش في اتّهام الآخرين والبحث عن نواقصهم ليس أمرًا مسيحيًا وليس "زقاقًا جديدًا".
وكذلك أيضًا بالنسبة للأسلوب الدنيويّ، وهو أسلوب أولئك الكاثوليك الذين يتلون قانون الإيمان ولكنّهم يعيشون الكبرياء والغرور متعلِّقين بالمال ومكتفين بذواتهم. إنَّ الربَّ قد قدّم لك الخمرة الجديدة ولكنّك لم تغير الأزقّة أي لم تتغيّر. الدنيويّة وروح العالم هما ما يدمّر العديد من الناس. أشخاص صالحون ولكن يدخل فيهم روح الكبرياء والغرور وحبُّ الظهور... وبالتالي فهم لا يتحلّون بالتواضع الذي يشكّل جزءًا من الأسلوب المسيحيّ. وبالتالي علينا أن نتعلّم التواضع من يسوع والعذراء والقدِّيس يوسف الذين كانوا متواضعين.
هناك أيضًا أسلوب آخر نراه في جماعاتنا وليس أسلوبًا مسيحيًّا، وهو روح الأنانيّة وروح اللامبالاة، فأقوم بأموري بدون أن أهتمّ لمشاكل الآخرين والحروب والأمراض والأشخاص المتألمين. هذا هو الرِّياء الذي كان يسوع يوبّخ بسببه علماء الشريعة، فما هو إذًا الأسلوب المسيحيّ الحقيقيّ؟
الأسلوب المسيحيّ هو أسلوب التطويبات: وداعة وتواضع وصبر في الألم، محبَّة للعدالة وقدرة على تحمّل الاضطهادات، وعدم إدانة الآخرين... هذا هو الرُّوح المسيحيُّ والأسلوب المسيحيّ. فإن أردت أن تعرف كيف هو الأسلوب المسيحيّ اقرأ التطويبات. فهذا هو أسلوبنا، التطويبات هي الأزقة الجديدة والدرب للوصول!
إذاعة الفاتيكان