ليكون فرحي فيكم

متفرقات

ليكون فرحي فيكم



ليكون فرحي فيكم


إلتقى قداسة البابا فرنسيس حركة الشّبيبة الإفخارستيّة صباح اليوم الجمعة في قاعة بولس السّادس بالفاتيكان في إطار لقائهم السّنوي الذي يُعقد في روما حتى العاشر من آب أغسطس الجاري تحت عنوان "ليكون فرحي فيكم" وللمناسبة استمع الأب الأقدس إلى شهادات حياة بعض الشباب ومن ثم وجّه إليه ستة منهم بعض الأسئلة حول العائلة والشّباب في عالم اليوم وحول حضور الله في حياتنا اليوم وصداقتنا مع يسوع ومعنى الافخارستيّا، وحول الصّعوبات التي واجهها في مسيرته الرّهبانيّة وأخيرًا حول علامات الفرح في الكنيسة في القرن الحادي والعشرين.


إنطلق الأب الأقدس في إجابته على السؤال الأوّل من كلمتين: توتّر ونزاع، وقال إنهما كلمتان تُعاشان يوميًّا في المجتمع وفي العائلة، ولكن ماذا يكون المجتمع والعائلة ومجموعة الأصدقاء بدون توتّرات ونزاعات؟ هل تعلمون ماذا سيكونون؟ مجرّد مقبرة. لأنّ التوتّرات والنّزاعات تغيب فقط في الأمور الميتة، أمّا عندما يكون هناك حياة فهناك تكون أيضًا التوتّرات والنّزاعات. لذلك من الأهميّة بمكان أن يُصار إلى تطوير هذا المبدأ وأن أبحث في حياتي عن التوتّرات الحقيقيّة وعن مسبّباتها لأنها توتّرات تشير إلى أنني حيّ.


وهذه النّزاعات والتوتّرات ستختفي فقط في الفردوس! حيث سنتّحد جميعًا بالسّلام مع يسوع المسيح. على كلّ منّا أن يحدّد التوتّرات في حياته، لكن التوتّرات تجعلنا ننمو وتنمّي الشّجاعة في الإنسان، وعلى كلّ شاب أن يتحلّى بفضيلة الشّجاعة هذه، لأنّ الشّاب بدون شجاعة هو كشخص مسنّ. وتابع البابا يتساءل كيف يمكننا أن نحل هذه التوتّرات؟ بواسطة الحوار، فعندما يوجد الحوار في العائلة والقدرة على التحدث بعفويّة تُحلّ جميع التوتّرات.


من هنا، تابع الأب الأقدس يقول، تأتي دعوتي لكم: لا تخافوا من التوتّرات. فالتوتّرات تساعدنا في مسيرتنا نحو التناغم. بمعنى آخر لا ينبغي علينا أوّلاً أن نخاف من التوتّرات لأنّها تجعلنا ننمو، وثانيًا ينبغي علينا حلّها بواسطة الحوار لأنّ الحوار يجمع في العائلة وما بين الأصدقاء من خلال إيجاد درب لنسيره معًا بدون أن يفقد كلّ فرد هويّته. وفي إشارة إلى النّزاعات قال البابا أنّ النزاعات بإمكانها أيضًا أن تفيدنا لأنّها تجعلنا نفهم الإختلافات وتُفهِمنا أنّنا إن لم نسعَ لإيجاد حلول لهذه النّزاعات فهي ستقودنا إلى الحرب.


وبالتّالي ينبغي أن توجّه النّزاعات نحو الوحدة لاسيّما في مجتمع يجمع ثقافات مختلفة حيث ينبغي البحث عن الوحدة في إطار احترام هويّة كلّ فرد، فالنزاعات تُحلّ من خلال احترام هويّة الآخر، وبهذا الاحترام تُحلّ جميع النّزاعات، وحتى النّزاعات الإجتماعية والثقافيّة تُحلّ أيضًا بواسطة الحوار وإنّما أوّلاً باحترام هويّة الشّخص الآخر.


وفي جوابه على السّؤال حول أكبر تحدّ ٍ واجهه في حياته الرّهبانيّة قال البابا ينبغي على الدّوام أن يسعى المرء ليجد السّلام في الرّبّ، ذلك السّلام الذي وحده يسوع يمكنه أن يعطينا إيّاه. فالتحدّي هو على الدّوام إيجاد هذا السّلام الذي يعني أن الرّبّ يرافقك وأنّ الرّبّ قريب. ولكن هناك أيضًا تحدّ ٍ آخر وهو أن نعرف كيف نميّز سلام يسوع من أي سلام آخر، فالتّمييز هو تحدّ ٍ آخر. إن السّلام الحقيقيّ يأتينا من يسوع، لكنّه يأتي أحيانًا مُغلّفًا بصليب، لأنّ يسوع هو الذي يعطينا السّلام في تلك المحنة.


ولذلك ينبغي علينا أن نطلب على الدّوام نعمة التّمييز، نعمة أن نميّز سلام يسوع من سلام "العدوّ" الذي يخدعنا، فيرينا الأمور بشكل جميل ويخدعنا بأنّه سيعطينا السّلام ولكنّنا في النّهاية لن نجد السّعادة. لذلك ينبغي علينا أن نبحث عن سلام يسوع وهذا هو التحدّي الذي واجهني وسيواجه كلّ فرد منكم. وما هي علامة سلام يسوع هذا؟ العلامة هي الفرح، ذلك الفرح العميق الذي يمكن ليسوع وحده أن يمنحنا إيّاه بواسطة الرّوح القدس. وهذا هو التحدّي الذي نواجهه جميعًا – وهو التحدّي الذي واجهته أنا أيضًا – البحث عن سلام يسوع حتّى في الأوقات الصّعبة والمُظلمة.


بعدها أجاب البابا فرنسيس على السّؤال حول علامات الفرح في الكنيسة في القرن الحادي والعشرين وقال إنّ العلامات موجودة وهي علامات رجاء أن نرى شبابًا مثلكم يؤمنون بأنّ يسوع موجود في الإفخارستيّا، يؤمنون أنّ الحبّ هو أقوى من الحقد وبأنّ السّلام هو أقوى من الحرب، وبأنّ الإحترام هو أقوى من النّزاع والتّناغم أقوى من النّزاعات... هذا هو الرجّاء وهذا أمر يفرحني! هناك العديد من الحروب في عالمنا هذا ولكن هناك أيضًا علامات رجاء وعلامات فرح.


بعدها أجاب البابا على السّؤال حول الصداقة مع يسوع وإن كان علينا أن نتوقع منه شيئًا بالمقابل وقال إنّ الصّداقة هي دائمًا بين شخصين: أنا صديقك وأنت صديقي. ويسوع يظهر نفسه على الدّوام بواسطة سلامه كما قلت لكم سابقـًا.


فعندما تقترب من يسوع يعطيك السّلام ويعطيك الفرح. وعندما تلتقي بيسوع – في الصّلاة أو في عمل محبّة أو خدمة – فستشعر بالسّلام والفرح. وهذا هو ظهوره لنا... ولكن ينبغي علينا أن نبحث عنه في الصّلاة وفي الإفخارستيّا وفي الحياة اليوميّة، في المسؤوليّات والواجبات وفي الذّهاب بحثًا عن المعوزين ومساعدتهم: فهناك نجد يسوع! وتذكروا جيّدًا هذا الأمر! إنّ اللّقاء مع يسوع يمنحنا الدّهشة بحضوره ولكنّه يمضي بعدها ويترك فينا السّلام والفرح. لا تنسوا أبدًا: دهشة وسلام وفرح! وهذا ما يعطينا إيّاه يسوع بالمقابل.


ومن ثم أجاب الأب الأقدس على السّؤال حول معنى الإفخارستيّا وقال سيساعدنا على الدّوام أن نفكّر بالعشاء الأخير، والكلمات التي قالها يسوع عندما أعطى الخبز والخمر، جسده ودمه، إذ قال: "إصنعوا هذا لذكري"... إن ذكرى يسوع حاضرة هنا، ذكرى يسوع هي في كلّ ذبيحة إلهيّة يخلّصنا بواسطتها. إنّها ذكرى حبّ عظيم جعله يبذل نفسه من أجلي، وهذا الأمر يمكن لكلّ فرد منّا أن يقوله، لا بل ينبغي علينا أن نقوله ومع هذه الذكرى وفي كلّ مرّة ننال جسد ودم يسوع نحن نعمّق معرفتنا لسرّ الإفخارستيا، لأنّه في كلّ مرّة نشارك في الذبيحة نتذكّر أنّ يسوع قد بذل حياته من أجلنا، وهذه هي الذكرى وقد كانت وصيّة يسوع لتلاميذه: "إصنعوا هذا لذكري".


وختم البابا فرنسيس بالقول تذكّروا هذه الكلمات: توتّر- حوار، نزاع – إحترام – حوار، المقابل لحضور يسوع – الصّداقة مع يسوع: سلام وفرح، اللّقاء مع يسوع: دهشة، فرح وسلام ومسيرة إلى الأمام، تعميق معنى الإفخارستيّا: ذكرى ما فعله يسوع من أجلنا.


وهكذا يمكنكم أن تسيروا قدمًا! إنّ العالم مليء بالأمور السيّئة ولكن هناك أيضًا أمور جميلة وصالحة وهناك العديد من القدّيسين الذين يعيشون في الخفاء في شعب الله. فالله حاضر بيننا وهناك العديد من الأسباب التي تدعونا للرجّاء وللسّير إلى الأمام. 


إذاعة الفاتيكان.