"قبل أن ندين الآخرين ونحكم عليهم علينا أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة لنرى ذواتنا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وشدّد الأب الأقدس أن ما يميّز حكم الله عن حكمنا هو الرحمة.
إن الحكم لله فقط ولذلك إذا كنا لا نريد أن يُحكم علينا فعلينا ألا نحكم على الآخرين وندينهم، استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من إنجيل متى (7/ 1-5) وقال جميعنا نريد في يوم الدينونة أن ينظر الرّبّ إلينا برأفة وأن ينسى جميع الأمور السيئة التي فعلناها.
إن كنت تحكم باستمرار على الآخرين فسيكال لك بما تكيل. فالرّبّ يطلب منا أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة. أنظر إلى نفسك في المرآة لا كي تتزيّن أو لكي تخفي التجاعيد في وجهك. فهذا ليس هدف النصيحة! أنظر إلى نفسك في المرآة لكي ترى ذاتك؛ فكما يقول لنا يسوع "لِماذا تَنظُرُ إِلى القَذى الَّذي في عَينِ أَخيك؟ وَالخَشَبَةُ الَّتي في عَينِكَ، أَفَلا تَأبَهُ لَها؟ بَل كَيفَ تَقولُ لأخيكَ: دَعني أُخرِجُ القَذى مِن عَينِكَ؟ فَها هِيَ ذي ٱلخَشَبَةُ في عَينِكَ. أَيُّها ٱلمُرائي، أَخرِجِ الخَشَبَةَ مِن عَينِكَ أَوَّلاً، وَعِندَئِذٍ تُبصِرُ فَتُخرِجُ القَذى مِن عَينِ أَخيك".
يمكننا أن نرى في هذا المقطع من الإنجيل أن الرّبّ قد غضب قليلاً ويصفنا بالمرائين عندما نضع أنفسنا مكان الله. هذا ما فعلته الحيّة أيضًا عندما أقنعت آدم وحواء أنهما "لن يموتا، ولَكِنَّ اللهَ يعرِفُ أنهما يومَ يأكُلانِ مِنْ ثَمَرِ تِلكَ الشَّجرَةِ تنفَتِحُ أعينُهُما ويصيرانِ مِثله يعرفانِ الخيرَ والشَّرَّ" وهما كانا يريدان ذلك.
إن الحكم على الآخرين هو أمر سيِّئ، لأن الحكم هو لله فقط ولنا المحبّة والتفهّم والصلاة من أجل الآخرين عندما نرى أنهم يقومون بأمور سيئة، لكن يمكننا أيضًا أن نتكلّم معهم ونقول لهم: "اسمع، أنا أرى هذا وذاك ربما عليك أن تتنبّه..." ولكن لا يجب عليّ أن أحكم أبدًا، فالحكم هو رياء.
عندما نحكم على الآخرين نضع أنفسنا مكان الله، لكنَّ حكمنا هو حكم بائس ولا يمكنه أبدًا أن يكون حكمًا حقيقيًّا. ولماذا لا يمكن لحكمنا أن يكون كحكم الله؟ هل لأنّ الله هو ضابط الكلّ ونحن لا؟ لا!! وإنّما لأنَّ حكمنا يفتقر للرَّحمة، أمَّا الله فعندما يحكم ويدين هو يقوم بذلك برحمة.
لنفكِّر بما يقوله الرّبّ لنا اليوم: "لا تَدينوا لِئَلا تُدانوا. فَكَما تَدينونَ تُدانون، وَيُكالُ لَكُم بِما تَكيلون" وثالثًا لننظر إلى أنفسنا بالمرآة قبل أن نحكم على الآخرين. وإن قمتُ بعكس ذلك فسأكون مرائي لأنني أضع نفسي مكان الله وحكمي هو حكم بائس، ينقصه مكون مهمّ جدًا لا نجده إلّا في حكم الله وهو الرَّحمة. ليساعدنا الرّبّ لنفهم جيدًا هذه الأمور.
إذاعة الفاتيكان.