"لنعمل على بناء ثقافة لقاء حقيقية تتغلّب على ثقافة اللامبالاة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وسلّط الضوء على لقاء الله بشعبه محذّرًا المؤمنين من العادات السيئة، حتى في العائلة، والتي تُثنينا عن الإصغاء إلى الآخرين.
تحملنا كلمة الله اليوم لنتأمّل حول اللقاء، غالبًا ما تتقاطع دروب الأشخاص ولكنهم لا يلتقون أبدًا، لأن كل واحد وللأسف يفكّر بنفسه فقط، فينظر ولا يرى ويسمع ولا يصغي. أما اللقاء فهو أمر مختلف وهذا ما يعلنه لنا إنجيل لوقا (7/ 11 -17): لقاء بين رجل وامرأة، لقاء بين ابن وحيد حيّ وابن وحيد ميت، لقاء بين جمع سعيد لأنه التقى بيسوع وتبعه ومجموعة أشخاص يبكون وهم يرافقون تلك المرأة ويخرجون جميعًا من باب المدينة، لقاء بين مدخل المدينة ومخرجها، لقاء يجعلنا نتأمّل بالطريقة التي نلتقي بها ببعضنا البعض.
نقرأ في إنجيل لوقا(7/ 13): "َلَمّا رَآها الرَّبّ، أَخَذَتهُ ٱلشَّفَقَةُ عَلَيها"، إن شفقة الرب هذه ليست كالشعور الذي نشعر به عندما نسير في الطريق ونرى أمرًا يحزننا، لا، لأن يسوع يذهب أبعد من شعورنا هذا هو يشفق، وبالتالي يقترب من المرأة ويلتقي بها حقًّا ويصنع المعجزة. من هنا يمكننا أن نرى لا الحنان فقط وإنما خصوبة اللقاء أيضًا، لأن كل لقاء هو خصب وكل لقاء يعيد الأشخاص والأمور إلى مكانها الصحيح.
لقد اعتدنا على ثقافة اللامبالاة وعلينا أن نعمل ونطلب النعمة لنعيش ونطبّق ثقافة اللقاء، ذلك اللقاء الخصب الذي يعيد إلى كل إنسان كرامته كابن لله، كرامة الحيّ. لقد اعتدنا على هذه اللامبالاة وبالتالي عندما نرى مأساة هذا العالم أو حتى الأمور الصغيرة تكون ردة فعلنا: "يا للأسف! مساكين كم يتألمون"، ونتابع أمورنا وحياتنا. اللقاء. إن لم أتوقف أمام الآخر وأنظر إليه وألمسه وأكلّمه فلا يمكنني أن ألتقي به ولا يمكنني أن أساعد في بناء ثقافة اللقاء.
استَولى ٱلخَوفُ عَلَى الناس جَميعًا فَمَجَّدوا ٱلله، قائِلين: "قامَ فينا نَبِيٌّ عَظيم، وَافتَقَدَ ٱللهُ شَعبَهُ!" أي التقى الله بشعبه؛ وفي هذا السياق يطيب لي أن أرى أيضًا لقاء يسوع اليومي مع عروسته الكنيسة التي تنتظر عودته.
هذه هي رسالة اليوم: اللقاء بين يسوع وشعبه وبأننا جميعًا بحاجة لكلمة يسوع وللقاء به، كم مرّة على المائدة فيما يأكل أفراد العائلة نجد من يتابع برنامجه الخاص على التلفاز أو من يراسل أصدقاءه على الهاتف الجوال، ولا أحد يبالي بهذا اللقاء؛ حتى في نواة المجتمع أي في العائلة يغيب هذا اللقاء.
ليساعدنا هذا الأمر لكي نعمل من أجل بناء ثقافة اللقاء ببساطة كما فعل يسوع، وبالتالي فلا تتقاطع دروبنا وحسب بل نتوقّف ونلتقي ببعضنا البعض ولا نقول فقط: "يا للأسف! مساكين كم يتألمون" بل نسمح للشفقة بأن تحرّكنا فنقترب من الآخر ونلمسه ونحدثه بلغة القلب قائلين "لا تبكِ" ونعطيه قطرة حياة!
إذاعة الفاتيكان.