"إنّ العالم بأسره يعيش اليوم في حالة حرب لا يُمكن تبريرها. ورفض درب السّلام هو ما يجعل الله ويسوع يبكيان" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئّسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
قال الأب الأقدس يسوع قد بكى، بهذه الكلمات الثلاثة استهلّ الأب الأقدس عظته مردِّدًا صدى كلمات إنجيل القدّيس لوقا (19/ 41-44) والذي نرى فيه يسوع يقترب من أورشليم – وربما من مكان مرتفع يسمح له برؤية المدينة بأسرها – وها هو ينظر إليها ويبكي ويوجّه لها هذه الكلمات: "لَيتَكِ عَرَفتِ أَنتِ أَيضًا في هَذا ٱليَومِ طَريقَ ٱلسَّلام! وَلَكِنَّهُ حُجِبَ عَن عَينَيكِ".
يسوع يبكي اليوم أيضًا لأنّنا فضلنا درب الحروب ودرب الكراهية والعداوة. نحن نقترب من عيد الميلاد: سيكون هناك أضواء وأعياد وأشجار مُزيّنة ومغارات الميلاد.... كلّ شيء مُزيّن فيما يستمرّ العالم بصنع الحرب وشنّ الحروب. إنّ العالم لم يفهم درب السّلام بعد.
هذه هي مشاعر الأب الأقدس وهي تشبه المشاعر التي تنتاب عددًا كبيرًا من الناس في العالم في هذه الأيّام وفي هذه السّاعات، وفي هذا السّياق ذكّر الحبر الأعظم باحتفالات ذكرى نهاية الحرب العالميّة الثانية وذكرى سقوط قنابل هيروشيما وناكازاكي وزيارته إلى ريديبوليا في العام الماضي في ذكرى الحرب الكبرى، وقال مأساة لا نفع منها... حروب في كلّ مكان وكراهية وحقد! ولكن ماذا يبقى لنا من الحرب، هذه الحرب التي نعيشها اليوم؟
ماذا يبقى؟ دمار وملايين الأطفال بدون تربية، والعديد من الضحايا الأبريّاء والكثير من المال في جيوب تجّار الأسلحة. في أحد الأيّام قال يسوع للجموع: "ما مِن أَحَدٍ يَستَطيعُ أَن يَعمَلَ لِسَيِّدَيْن... لا تَستَطيعونَ أَن تَعمَلوا لِلهِ ولِلمال"، والحرب هي علامة اختيار المال، كمن يقول: "لنصنع الأسلحة فيتحسن الإقتصاد قليلاً ونسير قدمًا في تحقيق مصالحنا" وهناك كلمة سيّئة يستعملها الرّبّ: "إليكم عني أيّها الملاعين!" هو الذي قال أيضًا "طوبى للسّاعين إلى السّلام!"، وبالتالي فالذين يسعون إلى الحرب ويصنعون الحرب هم ملاعين، لأنّ الحرب لا يمكن تبريرها أبدًا، وعندما يكون العالم بأسره في حرب، تمامًا كما يحصل اليوم: إنّها حرب عالميّة تُحارب على مراحل وأجزاء وفي كلّ مكان... فهذه حرب أيضًا لا يمكن تبريرها ولذلك يبكي الله ويسوع يبكي أيضًا!
وفيما يتابع تجّار الأسلحة أعمالهم، نجد صانعيّ السّلام الفقراء الذين يبذلون حياتهم في مساعدتهم للأشخاص، تمامًا كما فعلت إحدى أيقونات عصرنا الأمّ تريزا دي كالكوتا، والتي قد يقول عنها مقتدرو زمننا بتهكّم: "ولكن ماذا فعلت تلك المرأة؟ بذلت حياتها في مساعدة الآخرين على الموت؟" فهم لن يتمكّنوا أبدًا من فهم درب السّلام...
سيساعدنا اليوم أيضًا أن نطلب نعمة البكاء من أجل هذا العالم الذي لا يستطيع أن يفهم درب السّلام، هذا العالم الذي يصنع الحرب ويقول بتهكّم بأنّه لا يصنعها. وبالتالي وعلى أبواب هذا اليوبيل لنطلب إرتداد القلب، فيكون يوبيلنا وفرحنا النّعمة لكي يستعيد العالم القدرة على البكاء بسبب جرائمه وما تسبّبه الحروب.
إذاعة الفاتيكان.