تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الإثنين صلاة "إفرحي يا ملكة السَّماء" مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقبل الصَّلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:
يدعى الإثنين المصادف بعد عيد الفصح "إثنين الملاك" بحسب تقليد جميل يعود إلى مصادر بيبليّة حول القيامة. في الواقع تخبرنا الأناجيل أنّه عندما ذهبت النساء إلى القبر وجدنَه مفتوحًا، وسمعنَ صوتًا من الداخل يقول لهنَّ إنَّ يسوع ليس هناك بل قام.
إنّها المرّة الأولى التي تُلفظ بها كلمة "لقد قام". ويشير الإنجيليّون إلى أنّ هذا الإعلان الأوّل قد أعطاه الملائكة أي رُسل الله. هناك معنى لهذا الحضور الملائكيّ: إذ كما أعلن الملاك جبرائيل تجسُّد الكلمة، هكذا أيضًا ولإعلان القيامة للمرّة الأولى لم تكُن كافية الكلمات البشريّة. بعد هذا الإعلان الأوّل، بدأت جماعة الرُّسل تكرّر: "إِنَّ الرَّبَّ قامَ حَقاً وتَراءَى لِسِمعان"، لكنَّ الإعلان الأوّل كان يتطلّب ذكاء أسمى من الذكاء البشريّ.
اليوم هو يوم عيد ومخالطة اجتماعيّة يُعاش عادة مع العائلة. بعد الاحتفال بعيد الفصح نشعر بالحاجة للاجتماع مع أحبّائنا وأصدقائنا للاحتفال معًا؛ لأنَّ الأخوّة هي ثمرة فصح المسيح الذي بموته وقيامته قد غلب الخطيئة التي كانت تفصل الإنسان عن الله، والإنسان عن نفسه وعن إخوته.
لقد هدم يسوع جدار الفصل بين البشر وأعاد إحلال السّلام وبدأ بنسج شبكة أخوّة جديدة. من الأهميّة بمكان أن نكتشف الأخوّة مجدّدًا في زمننا هذا، كما كانت تُعاش في الجماعات المسيحيّة الأولى. إذ لا وجود لشركة حقيقيّة والتزام من أجل الخير العام والعدالة الاجتماعيّة بدون الأخوّة والمقاسمة، لأنّه بدون مقاسمة أخويّة لا يمكننا أن نحقق جماعة كنسيّة أو مدنيّة حقيقيّة.
لقد فجَّر فصح المسيح في العالم حداثة الحوار والعلاقة، حداثة أصبحت مسؤوليّة بالنسبة للمسيحيِّين. إنَّ يسوع قد قال في الواقع: "إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضاً عَرَف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تَلاميذي" ولذلك لا يمكننا أن ننغلق في مجموعاتنا بل نحن مدعوّون لنعتني بالخير العام وبإخوتنا لاسيّما الأشد ضعفًا وتهميشًا.
وحدها الأخوّة بإمكانها أن تضمن سلامًا دائمًا وأن تتغلّب على الفقر وتطفئ التوترات والحروب وتقتلع الفساد والإجرام.
لتعضدنا بصلاتها مريم العذراء التي ندعوها في هذا الزمن الفصحيّ بلقب ملكة السّماء لكي تصبح الأخوّة والشركة اللتين نعيشهما في أيّام الفصح هذه أسلوب حياتنا وروح علاقاتنا.
استفيدوا من كلِّ مناسبة لتكونوا شهودًا لسلام المسيح القائم من الموت لاسيّما تجاه الأشخاص الأكثر هشاشة وفقرًا؛ وبهذا الصدّد أرغب بأن أؤكِّد صلاتي الخاصة من أجل اليوم العالميّ للتوحّد الذي يحتفل به اليوم. لنطلب عطيّة السّلام من أجل العالم بأسره لاسيّما من أجل الشعوب المتألِّمة بسبب النزاعات القائمة.
أُجدّد ندائي بشكل خاص لكي يتمَّ إطلاق سراح الأشخاص المخطوفين أو الذين حُرموا ظُلمًا من حريّتهم فيتمكّنوا من العودة إلى بيوتهم.
إذاعة الفاتيكان.