ترأس البابا فرنسيس صباح يوم الثلاثاء الإحتفال بالقدّاس في كابلة بيت القدَّيسة مرتا بدولة حاضرة الفاتيكان وتوقّف في عظته عند مرتا ومريم اللّتين يتحدّث عنهما إنجيل لوقا (10/ 38 -42)، وتعلماننا كيف ينبغي أن يعيش المسيحيّ حياته، وكيف يحبّ الرّبّ.
شدَّد البابا على ضرورة أن يحبّ المسيحيّ الرّبّ ويستلهم منه كلّ ما يقوم به من أفعال، وهذا الأمر انطبق على القدِّيس بولس الرَّسول الذي تحدَّث عن حياته في الرِّسالة إلى أهل غلاطية (1/ 13 -24) . كما لا بُدَّ من تحقيق توازن في حياة المسيحيّ بين التأمّل والخدمة، اللّذين يتحدّث عنهما القدّيس لوقا البشير في إنجيل اليوم متناولاً شخصيَّتيّ مرتا ومريم، شقيقتيّ لعازر، واللّتين حلّ عندهم الرّبّ ضيفًا. أكّد البابا أن هاتين الشقيقتين تعلّماننا من خلال تصرفاتهما كيف ينبغي أن تكون حياة المؤمن المسيحيّ. فكانت مريم تصغي إلى كلام الرّبّ، فيما كانت شقيقتها مرتا منشغلة في الخدمة.
ولفت فرنسيس إلى أنَّ مرتا كانت امرأة قويَّة، وقد لامت الرّبّ لاحقاً على عدم وجوده في بيت عنيا عندما مات لعازر. كانت امرأة شجاعة، لكنّها كانت تفتقر إلى التأمّل، وإلى تمضية الوقت للنظر إلى الرّبّ. وأشار البابا إلى وجود العديد من المسيحيِّين الذين يتردَّدون إلى الكنيسة يوم الأحد، لكنّهم منهمكون على الدوام، وليس لديهم الوقت للأبناء وللعب معهم. وتوجَّه فرنسيس إلى هؤلاء داعيًا إيّاهم إلى التوقف للحظة والنظر إلى الرّبّ والإصغاء إلى كلمته وفتح القلب. قد يقوم هؤلاء بأعمال الخير، لكنَّهم يفتقرون إلى التأمل، كما كانت مرتا.
بعدها انتقل البابا إلى الحديث عن مريم، وقال إنَّ هذه الأخيرة كانت تنظر إلى الرَّب، لأنّه لمس قلبها، ومن هذا الإلهام الذي يقدمه الرّبّ، يأتي العمل لاحقًا. وذكّر البابا فرنسيس بشعار القدِّيس بندكتس "صلّ واعمل" وهذا ما يميّز الرُّهبان والراهبات في الأديرة المحصنة الذين لا يمضون أيّامهم ناظرين إلى السماء، لأنهم يصلّون ويعملون. ولفت إلى أن القدّيس بولس الرَّسول، وعندما اختاره الرّبّ لم يذهب مباشرة لإعلان الإنجيل، بل ذهب للصَّلاة، وللتأمّل بسرِّ يسوع المسيح الذي كُشف له. وأكّد البابا فرنسيس أن كلّ شيء كان يفعله بولس كان مرفقًا بروح التأمّل والنظر إلى الرَّب.
وفي هذا السياق شجَّع البابا المؤمنين على أن يطرحوا على أنفسهم السؤال التالي: هل أحبّ الرَّب؟ هل أنا واثق بأنّه اختارني؟ أم أعيش مسيحيَّتي أعمل أمورًا كثيرة، لكن القلب بعيد عن الله؟
في ختام عظته قدّم البابا مثالاً لامرأة تحبّ زوجها، الذي – وعندما يعود من العمل – تستقبله بحفاوة وتقبله، وتمضي بعض الوقت معه، والعكس صحيح. هكذا لا بُدّ أن يمضي المسيحيّ وقتًا في التأمّل وواضعا نفسه في خدمة الرّبّ والآخرين. التأمّل والخدمة: هذه هي درب حياتنا، ولا بُدَّ أن يتماشى العمل مع الإيمان ويكون بمثابة خدمة نابعة من الإنجيل.
إذاعة الفاتيكان.