"علينا أن نتنبّه من خطيئة مقاومة الروح القدس ونكون أكثر انفتاحًا على مفاجآت الله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي تمحورت حول القراءة من كتاب أعمال الرسل (11/ 1 -18) حول المواجهة التي تمّت بين القديس بطرس والجماعة المسيحية الأولى حول انفتاح الكنيسة على الوثنيين أيضًا.
إن الروح القدس يحرّك الكنيسة ويحرّك الجماعة المسيحيّة. هذه الحقيقة التي نراها بوضوح في كتاب أعمال الرسل: إن الروح القدس يصنع العجائب وأمورًا جديدة وبالتأكيد كان البعض يخاف من هذه الحداثة في الكنيسة. الروح القدس هو عطيّة الله أبانا الذي يفاجئنا باستمرار. إنّه إله المفاجآت... ولماذا؟ لأنّه إله حيّ، إله يقيم معنا، إله يحرّك قلبنا، وإله في الكنيسة يسير معنا ويفاجئنا دائمًا خلال هذه المسيرة.
وكما كان مبدعًا في خلقه للعالم هكذا يُبدع يوميًّا في خلق أمور جديدة. إنّه الإله الذي يفاجئنا. وبالتالي يمكن لهذا الأمر أن يخلق بعض الصعوبات كما حصل مع بطرس الذي خاصمه الإخوة والرسل عندما سمعوا "أَنَّ الوَثَنِيِّينَ هُم أَيضًا قَبِلوا كَلِمَةَ الله". لقد اعتبروا أن بطرس قد تخطى الحدود وبالتالي وبّخوه معتبرين أن ما فعله هو سبب عار، لأنّه هو الصخرة التي بُنيت عليها الكنيسة وبالتالي لا يمكنه القيام بهذا الأمر.
لكن بطرس، شرح لهم رؤيته وأخبرهم عن العلامة التي أعطاه الله إيّاها ليقوم بهذا التصرّف الشجاع. لقد كان قادرًا على فهم مفاجآت الله. وإزاء العديد من مفاجآت الرب ينبغي على الرسل أن يجتمعوا ويتحاوروا للوصول إلى اتفاق كي يحققوا الخطوة التي يريدها الرّبّ في هذه المسيرة التي تحملهم إلى الأمام. منذ أيام الأنبياء وحتى يومنا هذا نجد خطيئة مقاومة الروح القدس، وهذه هي الخطيئة التي يوبّخ بسببها اسطفانوس أعضاء المجلس قائلاً: "يا صِلابَ الرِّقاب، ويا غُلْفَ القُلوبِ والآذان، إِنَّكُم تُقاوِمونَ الرُّوحَ القُدُسَ دائمًا أَبَدًا". ومقاومة الروح القدس تقوم على الرفض لأننا قد اعتدنا على التصرّف بطريقة ما ورفض كل حداثة؛ إنها انغلاق على صوت الله، والرب يكلّم شعبه في المزمور ويقول: "لا تقسّوا قلوبكم!"
يطلب منّا الرّبّ دائمًا ألا نُقسّي قلوبنا ويقول لنا في الإنجيل يوحنا (10/ 11-18): "لي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضًا لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد"؛ وبالتالي لا يمكن اعتبار الوثنيين الذين كانوا يؤمنون ويعتمدون كمؤمنين من الدرجة الثانية. الإنغلاق ومقاومة الروح القدس يترجمان في تلك الجملة التي تغلق الأبواب دائمًا: "لقد تصرّفنا دائمًا بهذا الشكل!" وهذا القول يقتل. يقتل الحريّة والفرح، يقتل الأمانة للروح القدس الذي يعمل دائمًا ليقود الكنيسة نحو الأمام. لكن كيف يمكنني أن أعرف إن كان هذا الأمر من الروح القدس أو من روح العالم والشيطان؟ عليّ أن أطلب نعمة التمييز الأداة التي يعطينا إياها الروح القدس عينه. وكيف نقوم بالتمييز؟ تمامًا كما فعل الرسل إجتمعوا وتشاوروا ورأوا معًا ما هي درب الروح القدس.
علينا نحن المسيحيين، بين العديد من الأمور الحديثة التي لدينا أن نتعلّم التمييز، أن نميّز الحداثة والخمرة الجديدة التي تأتينا من الرب وتلك التي تأتي من روح العالم والشيطان. إن الإيمان لا يتغيّر ابدًأ ولكنّه في حركة دائمة وينمو ويتوسّع، وإذ ذكّر بكلمات أحد رهبان القرون الأوائل القديس فينشنزو دي ليرينو قال إن حقائق الكنيسة تسير قدمًا وتترسّخ مع السنين وتتطوّر مع الزمن وتتعمّق مع العمر لتصبح أقوى وتتوسّع مع الزمن. لنطلب إذًا من الرّبّ نعمة التمييز لكي لا نخطئ الدرب ونسقط في الركود والقساوة وانغلاق القلب.
إذاعة الفاتيكان.