تلا البابا فرنسيس ظهر يوم الأحد صلاة التبشير الملائكيّ مع وفود الحجّاج والمؤمنين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان. وتوقف البابا في كلمته عند المثل الذي تحدّث عنه السيّد المسيح في الفصل الثالث عشر من إنجيل القدِّيس متّى البشير وتناول فيه الكنز المخبّأ، واللؤلؤة النفيسة وشباك الصيد.
وسلّط البابا الضّوء على بطلَي المثلَين الأوّلين اللذين قرَّرا أن يبيعا كلّ شيء من أجل الحصول على الكنز واللؤلؤة. وأشار فرنسيس إلى أنّ المثل الأوّل يحدّثنا عن مزارع وجد الكنز في الحقل الذي كان يعمل فيه، من باب الصدفة، وبما أنّه لا يملك الحقل كان يتعين عليه أن يبيع ما لديه ليشتري الحقل ويحصل على الكنز ولا يضيّع على نفسه هذه الفرصة. أمّا المثل الثاني فيحدّثنا عن تاجر وجد لؤلؤة غالية الثمن فباع كلّ ما يملك ليشتريها.
هذين المثلين يسلّطان الضّوء على ميزتين تتعلّقان بالحصول على ملكوت الله ألا وهما البحث والتضحية، وأكّد البابا فرنسيس أن ملكوت الله مقدّم للجميع، إنّه هبة ونعمة، لكنّه ليس متوفرًا على طبق من فضة، إنّه يتطلّب البحث والسَّير والجهد، كما لا بدّ أن يكون القلب راغبًا في الحصول على هذا الكنز الثمين أي ملكوت الله المتمثل في شخص يسوع المسيح.
يسوع هو الكنز المخبّأ واللؤلؤة النفيسة: إنّه الاكتشاف الأساسيّ الذي يمكن أن يشكّل نقطة تحوّل جذريَّة في حياتنا، ويُعطيها مغزى. وأشار البابا فرنسيس إلى ضرورة التضحية بكلّ شيء آخر من أجل الحصول على هذا الكنز، تمامًا كما فعل المزارع والتاجر في المثلين، وهذا الأمر يعني وضع شخص الرَّبّ يسوع في المقام الأوّل.
تلميذ المسيح ليس شخصًا يحرم نفسه من كلّ شيء أساسيّ، بل هو شخص وجد شيئًا أثمن بكثير، إنّه وجد الفرح التام الذي يُمكن أن يعطيه الرّبّ وحده، الفرح الإنجيليّ للمريض الذي شُفي وللخاطئ الذي غُفر له وللصِّ الذي فُتح له باب السّماء.
وتابع البابا فرنسيس مؤكّدًا أنّ فرح الإنجيل يملأ القلب والحياة الداخليّة للأشخاص الذين يلتقون بالرَّبِّ يسوع، مشيرًا إلى أنّ الأناس الذين يتركونه يخلصهم يُحرّرون من الخطيئة والحزن ومن الفراغ الداخليّ والعزلة.
وحثّ قداسة البابا فرنسيس في ختام كلمته المؤمنين على التأمل بفرح المزارع والتاجر في المثلين الوارد ذكرهما آنفا، وقال إنّ هذا الفرح هو فرح كلّ واحد منّا عندما نكتشف قرب وحضور المسيح المعزي في حياتنا. إنّه حضور يبدّل القلب ويفتحنا على احتياجات الآخرين وقبول الإخوة لاسيّما الأشخاص الأكثر ضعفـًا.
بعد تلاوة صلاة التبشير الملائكيّ أشار البابا فرنسيس إلى الإحتفال هذا الأحد باليوم العالميّ ضدّ الاتّجار بالأشخاص الذي شاءته منظمّة الأمم المتحدّة. وقال إنّ آلاف الرِّجال والنساء والأطفال يذهبون كلّ سنة ضحيّة الاستغلال في عالم العمل وفي المجال الجنسيّ وعلى صعيد الاتجار بالأعضاء البشريّة ويبدو أنّنا اعتدنا على اعتبار هذا الأمر شيئًا طبيعيًّا مع أنّه أمر قبيح وقاسٍ وإجرامي!
وبعد أن حثّ البابا فرنسيس الجميع على الالتزام كي تتمّ مواجهة هذه الظاهرة المقيتة، التي هي شكل من أشكال العبوديّة المعاصرة، وجّه تحية إلى وفود الحجّاج والمؤمنين القادمين من روما وإيطاليا ومناطق أخرى من العالم وتمنى للجميع أحدًا سعيدًا وغداءً شهيًّا.
إذاعة الفاتيكان.