زار قداسة البابا فرنسيس صباح الخميس بازيليك القديسة مريم الكبرى للصلاة أمام أيقونة العذراء مريم كعادته عشيّة زياراته الرسوليّة، وانتقل من بعدها إلى بازيليك القديس يوحنا اللاتيران حيث التقى بكهنة أبرشيّة روما المجتمعين في لقائهم السنوي في بداية الصوم؛ وبعد أن منح البابا فرنسيس سرّ الاعتراف لبعض الكهنة، ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:
نحن كهنة ولسنا أمراء وبالتالي نحن خدام للناس.
الله يسامح على الدوام ويسامح كل شيء، عليكم فهم الناس ومنح المغفرة، هناك العديد من الأشخاص الذين يتألّمون بسبب المشاكل العائليّة وغياب العمل، كما وأن هناك العديد من الأشخاص الغير قادرين على التحرّر من الخطيئة وبالتالي ينبغي أن يجدوا على الدوام أبًا في كل فرد منا، حتى وإن كنّا في بعض الأحيان غير قادرين على منحهم الحلّة على خطاياهم، لكن علينا أن نُشعرهم بحضور والدي، فنقول لهم لا يمكنني أن أمنحك السرّ ولكني أمنحك البركة لأن الله يحبّك فلا تيأس وسرّ قدمًا! هكذا يكون الأب الذي لا يسمح بأن يبتعد ابنه عنه.
ينبغي أن نكون رحماء كالآب، لا أن نوبّخ الناس بل أن نمنحهم لمسة حنان الله. ينبغي علينا أن نضمّد جراحهم تمامًا كما يفعل الأطباء والممرضات في المستشفى، يمكن للكهنة أيضًا أن يخففوا من آلام الأشخاص، إن كلمة حنونة من الكاهن تساعد التائب كثيرًا وتصنع والمعجزات! كم من المرات التي تحدث فيها عن الرحمة البابا بولس السادس والبابا يوحنا بولس الثاني والبابا بندكتس السادس عشر،
الله قد أراد هذه السنة المقدّسة للرحمة، إذا كان الرب يريد يوبيل رحمة فلكي يكون هناك رحمة في الكنيسة ولكي تُغفر الخطايا، وهذا الأمر ليس سهلاً لأن القساوة والتصلّب غالبًا ما تأتيان منا.
ينبغي علينا أن نعالج الأمراض التي يتعرّض لها رجال الدين، جميعنا قد نُصاب بها، وبالتالي ينبغي علينا أن نفهم أننا لسنا أمراء ولسنا أسياد وإنما نحن خدّام للناس. يسوع هو الرحمة وأن الآب هو الذي أرسله، وإن كنت لا تؤمن أن الله قد تجسّد فأنت المسيح الدجال وهذا لا أقوله أنا وإنما يقوله لنا القديس يوحنا الرسول.
إن الرّبّ قد أوكل هذه الرسالة للكهنة ليذهبوا ويساعدوا الناس بتواضع ورحمة. الرحمة هي الله المتجسّد، إنها الحب وعناق الله الآب، إنها الحنان والقدرة على فهم الآخر في وضعه وظروفه؛ لذلك ينبغي علينا أن نكون أسخياء في منح المغفرة وأن نفهم أيضًا اللغات التي يعبّر الناس من خلالها، وكما نعلم هناك لغة الكلام ولغة التصرّف.
فعندما يأتي شخص إلى كرسي الاعتراف فهذا الأمر يعني أنه هناك شيء يزعجه وأنه يريد أن يغيّر حياته أو أن يطلب المغفرة ولكنه لا يعرف كيف يعبّر أو ماذا يقول ولذلك غالبًا ما يبقى صامتًا. لا يجب علينا أن نقول له: "إن لم تتكلّم فلا يمكنني أن أعطيك الحلّة"، لا! فقد تكلّم من خلال تصرّفه أي من خلال قدومه إلى كرسي الإعتراف لأنه لا يريد أن يكرر ما فعله.
كونوا رحماء كالآب، واغفروا كثيرًا! أشكركم على العمل الذي تقومون به لأنني أعتقد أنكم خلال هذه السنة ستعملون لساعات إضافيّة بدون أن تتلقوا أجرًا، لكن ليمنحكم الرّبّ الفرح خلال ساعات العمل الإضافية هذه لتكونوا رُحماء كالآب!
إذاعة الفاتيكان.