كلمة البطريرك الراعي في افتتاح القمّة الروحيّة المسيحيّة -الإسلاميّة

متفرقات

كلمة البطريرك الراعي في افتتاح القمّة الروحيّة المسيحيّة -الإسلاميّة

 

 

 

كلمة البطريرك  الراعي في افتتاح القمّة الروحيّة المسيحيّة -الإسلاميّة

 

 

أيّها الإخوة الأحبّاء.

 

 

     

1. يسعدني أن أرحّب بكم في هذه القمّة الروحيّة، التي تستضيفها جامعة سيّدة اللويزة بزوق مصبح، شاكرين رئيسها الأب وليد موسى ونائبه للشؤون الإدارية الأب بشاره خوري، ومحيِّين هيئة الإدارة والأساتذة والطلّاب الجامعيِّين وأهلهم. واني احيي شاكرًا منسق واعضاء اللجنة اللبنانية لمتابعة اعلان الازهر التي نظمت هذا المؤتمر.  

 

هذه القمّة الروحيّة هي في الأساس وليدة رغبة لدى الأشخاص الذين شاركوا في مؤتمر الأزهر الشريف المنعقد ما بين 28 شباط والاول من اذار 2017، بموضوع "المواطنة والحرية والتنوّع والتكامل". فاعتبروا من الضرورة عقد قمّة روحيّة مسيحيّة-إسلاميّة في لبنان تكمِّل هذا الموضوع بالخبرة اللبنانيّة، وتعطيه دفعًا جديدًا ومتجدِّدًا من هذا اللِّقاء الجامع.

 

      

2. فلبنان، بحكم ميثاقه الوطني 1943 ودستوره وصيغة الحكم فيه، يجعل العيش المشترك أساسًا لنظامه السياسي، بحسب مقدّمة الدستور التي تنصّ على أن "لا شرعيّة لسلطة تناقض العيش المشترك" (فقرة ي)، ويجسّده في المشاركة، المتوازية والمتوازنة بين مكوّناته الإسلاميّة والمسيحيّة، في الحكم والإدارة. ويقرّ أنظمة الأحوال الشخصيّة الخاصّة بكلّ طائفة من طوائفه. فيأتي بالنتيجة نظامه السياسي ديموقراطيًّا، قائمًا على الحوار الوطني والوفاق، وعلى إقرار جميع الحريات المدنيّة العامّة. وبالتالي، تبقى مصونة هوية كلّ مكوّن من مكوّناته، في إطار الانتظام العام، على قاعدة الوحدة في التنوّع والتكامل.

 

3. كلّ هذه الخصوصيّات اللبنانيّة تشكّل ثقافة لبنان الواحدة، وتجعل منه نموذجًا ورسالة في محيطه، على ما قال القدّيس البابا يوحنا بولس الثاني. ولا يخفى على أحدكم أن الأحداث المؤلمة والدامية التي تمزّق بلدان الشَّرق الأوسط، وأنّ استقبال لبنان لمليونَي لاجئ ونازح من فلسطين وسوريا والعراق، وهو عدد على تزايد بالولادات الجديدة، قد خلّفت وما زالت من تداعيات خطرة على لبنان وكيانه وشعبه، وعل اقتصاده وثقافته، فضلًا عن المخاطر التي تهدّد أمنه واستقراره، وبالتالي دوره ورسالته كعنصر استقرار وتلاقٍ في المنطقة.

 

وإنّنا بالتضامن مع شعوب المنطقة، نوجّه معًا من هنا نداء إلى الأسرتَين العربيّة والدوليّة العمل الجدّي على إيقاف الحروب الدائرة في سوريا والعراق واليمن والأراضي المقدّسة، وإيجاد الحلول السياسيّة لها، وعودة جميع اللّاجئين والنازحين والمهجَّرين والمخطوفين إلى أوطانهم وبيوتهم، وعلى إحلال سلام عادل وشامل ودائم.

 

4. تهدف هذه القمّة إلى وعي أهميّة لبنان في محيطه العربي، وإلى حمايته ومساعدته على تخطّي هذه المرحلة الصعبة التي تلقي بثقل نتائجها وتداعياتها عليه.

 

وإنّه من الواجب حفظ لبنان كواحة لقاء وحوار للأديان والثقافات والحضارات، بوجه السعي المغرض والمبرمج إلى تأجيج الصراع فيما بينها، كما بات ظاهرًا في الحروب الدائرة في المنطقة، وفي عدم إيجاد حلّ للقضيّة الفلسطينيّة بإنشاء الدولتَين وعودة اللاجئين الفلسطينيّين، وفي الاعتداءات على المسيحيِّين في مصر من منظَّمات إرهابيّة مدعومة، فضلًا عن تراكم النزاعات في بلدان أخرى.

 

5. نأمل، من خلال مداخلاتكم القيّمة، الوصول إلى خطّة عمل تقود خطانا جميعًا إلى تعزيز خير لبنان وبلدان المنطقة، وإلى حماية الحضارة التي بنيناها معًا مسلمين ومسيحيّين على مدى ألف وثلاثماية سنة.

 

عشتُم! عاش لبنان! عاش عيشنا المشترك!

 

 

موقع بكركي.