كلمة البابا للمشاركين في مؤتمر حول أخلاقيات الإشراف على الصحّة

متفرقات

كلمة البابا للمشاركين في مؤتمر حول أخلاقيات الإشراف على الصحّة

 

 

 

استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الاثنين في قاعة الكونسيستوار في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في مؤتمر حول أخلاقيات الإشراف على الصحّة وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال:

 

 

إنَّ عالم الصحّة بشكل عام ولاسيما في أمريكا اللاتينيّة يعيش مرحلة تطبعها الأزمة الاقتصاديّة، ويمكنها أن تجعلنا نقع في إحباط الصعوبات في تطوير علم الطب والحصول على العلاجات والأدوية الملائمة.

 

 

 

 قد يقول لي مسؤولو مؤسسات الرعاية أنّه من المستحيل تحقيق المعجزات وأنّه يجب أن نفترض أن معادلة التكلفة-الفائدة تعني توزيع الموارد، وأن التخصيصات ترتبط بعدد كبير من المسائل الطبية والقانونية، الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وكذلك الأخلاقية. وبالتالي فالمعجزة لا تعني القيام بالمستحيل وإنما هي أن نرى في المريض والمعوز اللذين نراهما أمامنا أخًا لنا.

 

 

نحن مدعوون لنرى في الشخص الذي نساعده القيمة الكبيرة لكرامته ككائن بشري وكابن لله. هذا الإدراك سيسمح بخلق البنى القانونيّة والاقتصاديّة والطبيّة الضرورية لمواجهة المشاكل التي قد تواجهنا. لا ينبغي للحلول أن تكون متشابهة في جميع الأوقات والحالات ولكن يمكن إدارتها والاشراف عليها من خلال الجمع بين العام والخاص، بين القانون وآداب الطب، بين العدالة الاجتماعيّة والإدارة. وبالتالي فالبحث عن الخير هو المبدأ الملهم لهذا العمل، وهذا الخير ليس مثالاً مجرّدًا بل هو شخص ملموس ووجه غالبًا ما يتألّم.

 

 

 

 

أما الكلمة الثانية فهي العناية. إن العناية بالمرضى ليست مجرّد استعمال عقيم لأدوية وعلاجات ملائمة؛ لا! إن فعل "اعتنى" باللغة اللاتينية يعني: التعهّد بشخص ما والسهر عليه والاهتمام به، أي ان يصبح المرء مسؤولاً عن أخاه. إنَّ هذا الاستعداد للعامل الصحي لمهمٌّ جدًّا في جميع الحالات، ولكن غالبًا ما نراه بقوّة في العناية المخففة. نعرف جيّدًا أنّه عندما تكون هناك مرافقة إنسانيّة وتشاركيّة يمكن للمريض المزمن أو للمريض المشارف على الموت أن يشعر بهذه العناية. وفي هذه الأوضاع القاسية بالذات، إن شعر المرء بأنّه محبوب ومُحترم ومقبول يختفي ظلُّ الموت الرحيم السلبي ويزول، لأنَّ قيمة حياته تقاس بقدرته على منح الحب ونواله ولا بقدرته على الإنتاج. لذلك من الأهميّة بمكان أن يلتزم جميع أخصائيي الصحة والعاملين في إطار العناية الصحيّة بتحديث مُستمر لكي يتمكنوا من الإجابة على الدوام على دعوتهم كخدام للحياة.

 

 

 الكلمة الثالثة هي الثقة والتي يمكننا أن نميّزها في أُطر متعدّدة. أولاً وكما تعلمون هي ثقة المريض بنفسه، وبإمكانية الشفاء إذ هناك يقوم الجزء الأكبر من نجاح العلاج. لذلك ينبغي على هذا اليقين أن يقوم على نظام عناية صحيّة مستمر تكون فيه جميع العناصر التي تكوّنه مستندة على بعضها البعض للإجابة على احتياجات المجتمع بشكل عام واحتياجات المريض بشكل خاص.

 

أن نضع أنفسنا بين يدي شخص آخر ولاسيما عندما تكون حياتنا على المحك هو أمر صعب جدًا ولكن مع ذلك وجدت العلاقة بين الطبيب والمريض أساسها على الدوام في المسؤولية والإخلاص. لذلك علينا أن نجاهد للحفاظ على هذا الرباط البشري العميق كاملاً إذ لا يمكن لأي مؤسسة رعاية أن تحلَّ مكان القلب البشري والشفقة البشريّة. لذلك فالعلاقة مع المريض تتطلّب احترامًا لحريّته واستعدادًا وتنبّهًا وتفهُّمًا وحوارًا كتعبير لهذا لالتزام الذي نأخذه على عاتقنا كخدمة.

 

 

 أشجعكم لكي تحملوا في رسالتكم للعديد من الأشخاص وعائلاتهم الرجاء والفرح اللذين ينقساهم. لترافقكم العذراء القديسة، شفاء المرضى، في عملكم ومُثلكم، ولتكن لكم، هي التي عرفت كيف تستقبل يسوع، الحياة، في أحشائها، مثالاً في الإيمان والشجاعة.

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.