كلمة البابا للمشاركين في الجمعية العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة

متفرقات

كلمة البابا للمشاركين في الجمعية العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة

 

 

 

 

 

 

إستقبل قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الاثنين في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في الجمعية العامة للأكاديمية الحبريّة للحياة وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال: 

 

 

 

 

نعرف جيّدًا الصعوبات التي يتخبّط فيها عالمنا. يبدو أن نسيج العلاقات العائلية والاجتماعية يضمحلُّ أكثر فأكثر فيما تنتشر نزعة الانغلاق على الذات وعلى المصالح الفردية مع تبعات خطيرة على مسألة وحدة العائلة البشريّة ومستقبلها؛ فيرتسم هكذا تناقض مأساوي: عندما امتلكت البشرية القدرة العلمية والتقنيّة لتنال رفاهية منتشرة بالتساوي، بحسب وصيّة الله، نلاحظ تزايدًا في النزاعات ونموًا في عدم المساواة. في الواقع لقد سمح لنا التطوّر التكنولوجي من جهة أن نحل مشاكل كانت تعجيزية لبضع سنوات خلت، ولكن ظهرت من جهة أخرى صعوبات وتهديدات أكثر خطورة من السابقة.

 

 

 

 

 

 نرى وللأسف الأذى الخطير الذي سببه للأرض، بيتنا المشترك، الاستعمال العشوائي للوسائل التقنية. ولذلك تشكّل الأخلاقيات البيولوجية العالمية مصدرًا مهمًّا يمكننا الالتزام به، فهي تعبّر عن الإدراك العميق لتأثير العوامل البيئية والاجتماعية على الصحّة والحياة.

 

 

 

 

 

تذكّر الرسالة "Humana communitas" بوضوح بموضوع التكنولوجيا الصاعدة والمتقاربة. إن إمكانية التدخّل على المادة الحيّة وصياغة مواد إعلامية واسعة النطاق، والتحكّم بالعمليات الدماغية والنشاطات المعرفية وتلك المتعلّقة باتخاذ القرارات تملك تبعات كبيرة إذ تطال عتبة الميزة الحيوية والاختلاف الروحي لما هو بشري. وبالتالي من الأهمية أن نعيد التأكيد على أنّه ينبغي على الذكاء الاصطناعي والآلي والابتكارات التكنولوجيّة الأخرى أن تُستعمل بشكل يساهم في خدمة البشريّة وحماية بيتنا المشترك لا العكس كما وللأسف تُظهر بعض الدراسات.

 

 

 

 

بهذا الصدد، من المناسب أن نلاحظ أنَّ التسمية "ذكاء اصطناعي" قد تكون خادعة نوعًا ما؛ لأن التعابير تخفي واقع أنَّ طَرِيقَة عَمل الأجهزة الآلية تبقى بعيدة عن الميزات البشريّة للمعرفة والتصرّف، وبالتالي يمكنها أيضًا أن تصبح خطيرة على صعيد اجتماعي. لذلك علينا أن نفهم في هذا الإطار بشكل أفضل معنى الذكاء والضمير والتأثُّر وحريّة التصرف الأخلاقي، لأنَّ الآلات الاصطناعية التي تقلِّد القدرات البشرية هي تفتقر في الواقع للمزايا البشرية. وبالتالي ينبغي علينا أن نأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار لكي نوجّه تنظيم استعمالها والبحث نفسه نحو تفاعل بنّاء ومتساو بين الكائنات البشريّة والنسخات الحديثة للآلات.

 

 

 

 

 

 إن النقاش الدائر بين الاختصاصيين يُظهر مشاكل خطيرة في السيطرة على المناهج التي تطوّر كميات هائلة من المعلومات، وكذلك أيضًا تطرح أسئلة أخلاقية خطيرة تكنولوجيات التلاعب بالإرث الجيني والوظائف الدماغيّة. إن الظاهرة البشريّة تتخطّى نتيجة التركيب المحسوب للعناصر الفرديّة. وبالتالي وفي هذا الإطار أيضًا تأخذ عمقًا وغنى جديدين القاعدة البديهية التي وبحسبها الكلُّ هو أسمى من الجزء.

 

 

 

 

 لا يمكننا بالتأكيد أن نستخرج استنتاجات ما ورائية من معلومات العلوم الاختباريّة؛ ولكن يمكننا أن نستخرج إرشادات تقود التأمل الأنتروبولوجي حتى في إطار اللاهوت، تمامًا كما حصل عبر التاريخ؛ وبالتالي نحن مدعوون لنضع أنفسنا على الدرب التي بدأ فيها المجمع الفاتيكاني الثاني بحزم والتي تطلب تجددًا في الدراسات اللاهوتية وتأملاً ناقدًا حول علاقة الإيمان المسيحي والتصرّف الأخلاقي.

 

 

 

 سيشكل التزامنا نقطة شرف لمشاركتنا في العهد الأخلاقي لصالح الحياة البشريّة، مشروع يصبح من الملحِّ اليوم أن نشاركه مع جميع الرجال والنساء الملتزمين في البحث العلمي والاستشفاء. أتمنى لكم أن تتابعوا الدراسة والبحث لكي يكون عمل تعزيز الحياة والدفاع عنها أكثر فعالية وخصوبة. لتساعدكم العذراء مريم ولترافقكم بركتي. وأسألكم من فضلكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.   

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.