كلمة البابا في إفتتاح جلسة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية

متفرقات

كلمة البابا في إفتتاح جلسة الصندوق الدولي للتنمية الزراعية

 

 

شارك قداسة البابا فرنسيس في مراسم افتتاح الجلسة الـ 42 لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعيّة، إيفاد، وذلك في مقرِّ منظمَّة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فاو، في روما.

 

 

وفي بداية كلمته أكَّد قداسته قبوله بسرور دعوة رئيس الصندوق للمشاركة، وتابع أنّه يرغب في أن ينقل إلى هذا المكان تطلّعات واحتياجات الكثير من أخوتنا الذين يعانون في العالم. وقال إنّه يعجبه التمكّن من أن ننظر إلى وجوه هؤلاء الأشخاص بدون خجل، وذلك لأنّنا استمعنا أخيرًا إلى صرختهم واهتممنا بمخاوفهم. ثمَّ توقّف قداسة البابا عند الأوضاع الصَّعبة التي يعيشونها، ما بين تلوث الهواء والأنهار وتضاؤل مواردهم الطبيعيّة وعدم توفّر المياه الكافية لأنفسهم وللزراعة، هذا إلى جانب ضعف البُنى التحتيَّة الصحيَّة وفقر وتردّي مساكنهم.

 

 

 

 

أشار الأب الأقدس بعد ذلك إلى أنَّ هذا الواقع يتواصل مع مرور الزمن، بينما توصَّلت مجتمعاتنا في المقابل إلى نتائج عظيمة في مجالات معرفة مختلفة، ما يعني أنّنا أمام مجتمع قادر على التقدم في مشاريعه من أجل الخير وسينتصر أيضا في المعركة ضدَّ الجوع والفقر إذا ما قصد هذا جدِّيًّا. وشدّد الحبر الأعظم على ضرورة العزم في هذا الكفاح وذلك كي يكون القضاء على الجوع لا مجرَّد شعار. ويستدعي هذا، حسب ما واصل قداسة البابا، مساعدة الجماعة الدوليَّة والمجتمع المدنيّ ومَن يملكون الموارد، وأكَّد قداسته أيضًا أنَّه لا يُمكن التهرّب من المسؤوليَّة وتحميلها واحد للآخر، بل يجب تحملّها من أجل تقديم حلول ملموسة وحقيقيَّة.

 

 

 

 

توقّف قداسة البابا فرنسيس بعد ذلك عند تشجيع الكرسيّ الرسولي الدّائم لجهود الهيئات الدوليَّة في مواجهة الفقر، وذكّر بدعوة البابا القدِّيس بولس السادس، أوَّلا سنة 1964 من بومباي في الهند ثم في مناسبات أخرى لاحقًا، إلى تأسيس صندوق عالمي لمحاربة الفقر ومنح دفعة هامَّة للارتقاء المتكامل للمناطق الأكثر فقرًا. وأكّد البابا فرنسيس أنَّ جميع مَن خلفوا البابا بولس السادس لم يتوقفوا عن تحفيز وتشجيع مبادرات شبيهة، وليس الصندوق الدوليّ للتنمية الزراعيَّة، إيفاد، سوى أحد الأمثلة على ذلك.

 

 

 

أمّا عن جلسة مجلس محافظيّ الصندوق التي تُفتتح اليوم في دورتها الثانية والأربعين فقال الحبر الأعظم إنَّ أمامها عملاً مثيرًا وهامًّا، ألا وهو خلق إمكانيّات غير مسبوقة وتفادي أي تردّد ووضع كلّ شعب في الظروف التي تمَكنه من مواجهة الاحتياجات التي تؤلمه. وتحدَّث البابا في هذا السياق عن برنامج التنمية المستدامة لعام 2030 والذي وضعته الجماعة الدوليّة ولا يزال عليها القيام بخطوات إضافية من أجل تحقيق فعليّ للأهداف السبعة عشر التي يتضمَّنها هذا البرنامج. وأكّد قداسته أهميّة إسهام الصندوق الدوليّ للتنمية الزراعيّة، إيفاد، الذي لا غنى عنه في تحقيق الهدفين الأولين المتعلقَين بالقضاء على الفقر ومحاربة الجوع وتعزيز السيادة الغذائيَّة.

 

 

 

وشدَّد البابا فرنسيس على أهميَّة تحقيق تنمية زراعيَّة، فبدونها لن يكون أي من هذه الأمور ممكنًا، وواصل قداسته أن الحديث يدور منذ فترة عن هذه التنمية لكنها لم تتحقق بعد. هذا وأشار الأب الأقدس إلى تناقض عيش جزء كبير ممّا يزيد عن 820 مليون شخص يعانون من الجوع وسوء التغذية في مناطق ريفية، وإلى كون هذا العدد الكبير يتألف من مزارعين يعملون في إنتاج الأغذية. وأراد قداسته الإشارة إلى أمر آخر لا يمكن تجاهله، ألا وهو الرحيل عن المناطق الريفيَّة كتوجه عالميّ. أكّد البابا من جهّة أخرى أن التنمية المحليّة لها قيمتها في حدِّ ذاتها، لا من أجل تحقيق أهداف أخرى، وذلك لأنّها تعني أن يتمكّن كلّ شخص وكلّ جماعة من الاستفادة من قدراتهم بشكلٍ كامل ليعيشوا هكذا حياة كريمة.

 

 

ودعا الأب الأقدس بعد ذلك مسؤولي الدول والمنظمات ما بين الحكومات، وأيضا مَن يمكنهم الإسهام من القطاعين العام والخاص، إلى تطوير القنوات الضروريّة لتطبيق الإجراءات الملائمة في المناطق الريفيّة، كي يكونوا صانعين مسؤولين لإنتاج هذه المناطق وتقدمها.

 

 

 

 

 

وواصل الأب الأقدس مؤكدًا أن المشاكل التي تؤثر سلبًا على الكثير من إخوتنا لا يمكن حلّها بشكل منعزل أو عرضي أو مؤقت، بل علينا اليوم وأكثر من أي وقت سابق توحيد الجهود وإقامة روابط، فتحديات اليوم متشابكة ولا يمكننا مواصلة مواجهتها بحلول لحالات طوارئ. وتحدّث قداسته أيضًا عن ضرورة منح دور مباشر لمن يصيبهم الفقر، لا مجرّد أن نعتبرهم المستفيدين من مساعدة قد تقود إلى تبعية.

 

 

 

وشدّد البابا على التأكيد المستمرّ لمركزيّة الشخص البشريّ، وذكّر في هذا السياق بما كتب في الرسالة العامَّة "كن مسبَّحا": "لا يمكن إدماج المشاريع الجديدة، قيد التحضير، دائمًا داخل نماذج قد وُضِعَت من الخارج، بل يجب أن تنطلق من الثقافة المحليّة نفسها" (144). وأشار البابا هنا إلى ما وصفها بنتائج أفضل لعمل الصندوق الدولي للتنمية الزراعية خلال السنوات الأخيرة من خلال لامركزية أكبر وتعزيز التعاون بين الجنوب والجنوب وتنويع مصادر التمويل وأساليب العمل، وشجع قداسته على مواصلة السير على هذه الدرب.

 

 

 

 

وفي ختام مداخلته خلال مراسم افتتاح الجلسة الـ 42 لمجلس محافظي الصندوق الدولي للتنمية الزراعيّة، إيفاد، وذلك في مقر منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، فاو، في روما، أراد البابا فرنسيس تقاسم بعض التأملات حول موضوع هذه الجلسة ألا وهو التجديد ومبادرات قطاع الأعمال في العالم الريفي. وتحدّث قداسته عن ضرورة التركيز على التجديد وقدرات قطاع الأعمال ودور اللاعبين المحليِّين وكفاءة الأنظمة الإنتاجية، وذلك للقضاء على سوء التغذية ولتطوير المناطق الزراعية بشكل مستدام.

 

 

 

وشدّد البابا أيضًا على أهميّة تطوير العلم مع الضمير، ووضع التكنولوجيا بالفعل في خدمة الفقراء. هذا وأضاف قداسته أنّه يجب تفادي تعارض التقنيات الحديثة مع الثقافات المحليّة والمعارف التقليديّة، بل يجب أن تتكامل معها. ثمّ شجع قداسة البابا فرنسيس الحضور وجميع العاملين في الصندوق كي يكون عملهم لصالح ضحايا الإقصاء واللامبالاة والأنانيّة، وأعرب عن الرجاء في أن نرى الهزيمة الكاملة للجوع، وحصادًا وافرًا من العدالة والرخاء.  

 

 

إذاعة الفاتيكان.