كلمة البابا فرنسيس لمجلس أساقفة أمريكا اللاتينية

متفرقات

كلمة البابا فرنسيس لمجلس أساقفة أمريكا اللاتينية

 

كلمة البابا فرنسيس لمجلس أساقفة أمريكا اللاتينية

 

 

 

 

 

 

"آباريسيدا هي كنز لا يزال اكتشافه ناقصًا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس الخميس في لقائه باللجنة الإداريّة لمجلس أساقفة أمريكا اللاتينيّة في السفارة البابويّة في بوغوتا وقد تمحورت كلمته حول ما قاله لأربع سنين خلت في ريو دي جانيرو حول الإرث الراعوي لآباريسيدا وحول ضرورة التعلّم من أسلوبها القائم جوهريًّا على مشاركة الكنائس المحليّة والذي يتوسّع بعدها في الرسالة القاريّة.

 

رسالة لا تريد أن تكون مجرّد مبادرات منظّمة تملأ الأجندات وتصرف الطاقات الثمينة وإنما جهد لوضع رسالة يسوع في قلب الكنيسة عينها. وهذا الجهد شدّد الأب الأقدس ينبغي أن يصبح المعيار لقياس فعاليَّة الهيكليات وخصوبة الكهنة وفرحهم لأننا بدون الفرح لا يمكننا أن نجذب أحدًا.

 

هذا وذكّر البابا فرنسيس بالتجارب التي تطبع عصرنا كتحويل الرسالة الإنجيليّة إلى مجرّد إيديولوجيّة والخدمة الكنسيّة إلى مجرّد وظيفة وغيرها وبعدم القدرة على التحدّث إلى قلب الإنسان، وأكّد أنَّ الله يتكلّم مع الإنسان بأسلوب شخصي وبصوت أب يتوجّه إلى ابنه وبالتالي لا يمكننا تحويل الإنجيل إلى مجرّد برنامج خدمة أو رؤية الكنيسة كنظام بيروقراطيٍّ يعمل على تعزيز نفسه، وفي هذا السياق شدّد البابا على التتلمذ الإرسالي والخروج المستمر من الذات مع يسوع نحو الإخوة مستعملين أسلوب المسيح: القرب واللقاء.

 

أشار الحبر الأعظم بعدها إلى أنّه من الأسهل بالنسبة لنا أن نحوّل إرث الإيمان في الكنيسة إلى لحظات نحتفل بها لفترة وجيزة على سبيل المثال: "خمسون سنة في ميديلين وعشرة في آباريسيدا..." فيما ينبغي علينا أن نحافظ على هذا الغنى ونقوّي العلاقة مع الله لنجد مجدّدًا جوهر رسالة أمريكا اللاتينية، والذي يطلب منا أن نجد الوحدة مجدّدًا. إن الإنطلاق في الرسالة في القارة اليوم هو التغلّب على تعقيد علماء الشريعة والذهاب للقاء الناس على مثال يسوع الذي كان يلتقي بهم خلال مسيرته ويقترب منهم ويكلّمهم ويلمسهم ويشفيهم ويخلّصهم، فالرسالة تتحقق على الدوام في هذا اللقاء الشخصي.

 

هذا وتوقّف البابا فرنسيس عند التشتّت الذي يفكك القارة اليوم ويحذّر الكنيسة من عدم البقاء في أمريكا اللاتينية كمن ينتظر الرحيل بعد أن نهبها، كما فعل الكثيرون عبر التاريخ واحتقروا شعبها واستعمروا روحها ليغتنوا. إن الكنيسة تحترم تنوع القارة ولا تعتبره نقيصة بل غنى. وفي الإجابة على الذين يتذمّرون لنقص الرجاء في أمريكا اللاتينيّة طلب البابا من مجلس أساقفة أمريكا اللاتينية أن يسهر كي يجعل الرجاء ملموسًا في أراضٍ وبين شعوب لم يسيطر عليها اليأس بالرغم من كل شيء.

 

لذلك تابع البابا مؤكِّدًا أنّه لا ينبغي علينا أن نسمح أن تسيطر علينا الأخبار والإحصاءات التي ترسم عالم الشباب فريسة للمخدرات والعنف بل أن نستثمر الوقت والموارد في برامج تربويّة حازمة وموضوعيّة تفتح للشباب فسحات ملموسة في "برزخ" القلب حيث هناك درب يقودهم إلى الله.

 

ولم تخلُ كلمة الأب الأقدس من الإعجاب في إشارته إلى نساء أمريكا اللاتينيّة اللواتي وصفهنَّ بـ "صانعات الخير" اللواتي يشعلن على الدوام شعلة الإيمان في القلوب ويحافظنَ على روح الشعوب وبالتالي لا يمكننا أن نحوّلهن إلى مجرَّد عبيد لروح "الإكليروسيّة" لأنّهنَّ رائدات الكنيسة في أمريكا اللاتينيّة. هذا وأكّد البابا في هذا السياق أن روح "الإكليروسيّة" هي السبب في جعل العلمانيين في القارة "غير ناضجين".

 

وبالرغم مما تمّ القيام به لا يزال العلمانيّون في القارة ينتظرون تحقيق علمانيّة مسيحيّة مسؤولة ومؤهّلة قادرة على التأثير في السياسة فتساهم هكذا في الازدهار والعدالة والسلام. إن رجاء أمريكا اللاتينية يمرُّ عبر قلب وذهن ويدي العلمانيين وهذا الرجاء لا ينظر إلى الإنسان بعيني الغنى المكتفي وإنما بعيني البساطة المسيحية التي لا يعرفها إلا المتواضعون.

 

وختم البابا فرنسيس كلمته لمجلس أساقفة أمريكا اللاتينية بالقول إن أردنا أن نخدم أمريكا اللاتينيّة، كمجلس أساقفة أمريكا اللاتينية، علينا أن نقوم بذلك بشغف وذكّر بهذا السياق بمثال القديس توريبيو دي موغروفيخو الذي عاش ثمانية عشرة سنة من سنوات أسقفيّته في خدمة رعايا أبرشيّته. 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.