كلمة البابا فرنسيس في المؤتمر الكنسي الأبرشي

متفرقات

كلمة البابا فرنسيس في المؤتمر الكنسي الأبرشي

 

 

 

كلمة البابا فرنسيس في المؤتمر الكنسي الأبرشي

 

 

"العائلة غير المتأصِّلة هي عائلة بلا تاريخ وذكرى وجذور" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في كلمته مفتتحًا أعمال المؤتمر الكنسيّ الأبرشيّ مساء أمس الإثنين في بازيليك القدّيس يوحنّا اللاتيران، ودعا الأب الأقدس الجميع للبقاء إلى جانب المراهقين وذكّرهم أنّ هذه المرحلة من الحياة هي مجرّد مرحلة صعبة وليست مرضًا.

 

 

يتمحور المؤتمر الكنسيّ الأبرشيّ هذه السّنة حول موضوع: مرافقة الأهل في تربية الأبناء المراهقين، وقال الحبر الأعظم إنّ تعقيد حياة العاصمة لا يسمح بملخّصات مُختزلة وبالتالي لا يمكن التعاطي باستخفاف مع حياة العائلات وتربية المراهقين، أنتم تعيشون توترات هذه المدينة الكبيرة: العمل، البعد عن المشاعر، الوقت المحدود على الدوام، الأجور التي لا تكفي أبدًا، لذلك وبكلّ بساطة تأمّلوا وصلّوا باللغة المحكيّة وبوجوه عائلات ملموسة وفكّروا بكيفية مساعدة بعضكم البعض في تنشئة أبنائكم داخل هذا الواقع.

 

 إنّ مدينة روما مهدّدة بخطر فقدان الجذور، وأشار البابا في هذا السِّياق إلى نمو مجتمع بلا جذور حيث تفقد العائلات روابطها رويدًا والنسيج الحيوي الذي يجعلنا نشعر أنّنا جزء من بعضنا البعض ونشارك الآخرين بمشروع مُشترك. إنّها خبرة الإنتماء للآخرين بالمعنى الإيجابيّ ولذلك من الأهميّة بمكان أن نأخذ بعين الاعتبار هذا الجوّ من فقدان الجذور لأنّه بدأ يدخل شيئًا فشيئًا في نظراتنا وحياة أبنائنا. والعائلة غير المتأصِّلة هي عائلة بلا تاريخ وذكرى وجذور.

 

ولذلك، نتطلّب من أبنائنا أحيانًا تنشئة مبالغ فيها في بعض المجالات التي نعتبرها مهمّة لمستقبلهم ونجعلهم يدرسون كميّات كبيرة من الأمور لكي يقدّموا أفضل ما عندهم ولكنّنا غالبًا ما لا نعطي أهميّة لواقع أنّهم لا يعرفون أرضهم وجذورهم وفي هذا السياق دعا البابا العائلات لعدم تهميش الأجداد.

 

 وتابع البابا فرنسيس واصفـًا مرحلة المراهقة بالزّمن القيّم في حياة الأبناء وقال صحيح أنّه زمن صعب، زمن تغيّر وعدم ثبات مرحلة مليئة بالمخاطر بدون شكّ ولكنّه زمن نمو لهم وللعائلة بأسرها، فالمراهقة ليست مرضًا ولا يمكننا أن نواجهها على أنّها كذلك.

 

 لذلك فالابن الذي يعيش مراهقته (بالرّغم من صعوبتها بالنسبة للأهل) هو ابن لديه مستقبل ورجاء. تُقلقني أحيانًا النزعة الحاليّة لتشخيص شبابنا إذ يبدو لنا أنّ كلُّ شيء يمكن حلّه بواسطة دواء ما أو من خلال السيطرة على كلّ شيء من خلال الشِّعار "استغلال الوقت بأفضل شكل ممكن" فيبدو هكذا برنامج الأولاد أسوأ من برنامج مدير عامّ.

 

المراهقة ليست مرضًا ينبغي محاربته بل هي جزء من النمو الطبيعيّ لحياة شبابنا وبالتالي يريدون ويرغبون أن يشعروا بأنّهم روَّادًا لها، ويسعون بأشكال مختلفة ليشعروا بالـ"دوار" الذي يجعلهم يشعرون بالحياة. لنعطهم إذًا هذه الحياة ولنحفّز كلّ ما بإمكانه أن يساعدهم ليحوّلوا أحلامهم إلى مشاريع... ولنقدّم لهم أهدافًا واسعة وتحديات كبيرة ولنساعدهم على تحقيقها وبلوغها.

 

لذلك ينبغي علينا أن نربّي باهتمام وأن نخلق فسحات لا يكون فيها التفكّك الاجتماعيّ المخطَّط المسيطر، ولذلك ينبغي أن نعلّم الشباب أن يفكّروا بما يشعرون به وما يفعلونه، ويشعروا بما يفكّرون به ويفعلونه ويفعلوا ما يفكّرون به ويشعرون به. إنّها ديناميكيّة قدرة موضوعة في خدمة الشّخص البشريّ والمجتمع. هذا الأمر سيساعدنا لكي يشعر شبابنا أنّهم روّاد فاعلين في عمليات نموّهم وسيحملهم على الشعور بأنّهم مدعوّين للمشاركة في بناء الجماعة.

 

 يجد شبابنا اليوم الكثير من المنافسة والقليل من الأشخاص ليساعدوهم. إنّ عالم البالغين قد قبل كنموذج ومثال نجاح "الشباب الأزليّ" ويبدو أنّ النمو والتقدّم في السنِّ هما أمران سيّئان. ويبدو أنّّه ينبغي إخفاء كلّ شيء كما ولو أنّ الحياة لا معنى لها. أمّا الخطر الثاني فهو الاستهلاك وبالتالي تصبح التربية على الاتزان غنى لا يقدّر؛ توقظ الإبداع وتولِّد إمكانيّة الخيال وتفتح على عمل الفريق والتضامن، وتفتح على الآخرين.

 

 

إذاعة الفاتيكان.