في الحب الحقيقي لا مكان للشهوة وسطحيّتها

متفرقات

في الحب الحقيقي لا مكان للشهوة وسطحيّتها

 

 

 

 

 

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الأربعاء مقابلته العامّة مع المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس واستهلَّ تعليمه الأسبوعيّ بالقول أريد اليوم أن أكمّل التعليم حول الكلمة السادسة من الوصايا العشرة – "لا تزنِ" – مسلطًّا الضوء على أنَّ المحبّة الأمينة للمسيح هي النّور لعيش جمال العاطفة البشريّة. إنَّ بعدنا العاطفي في الواقع هو دعوة للحبّ تظهر في الأمانة والقبول والرّحمة.

 

 

 

لكن لا يجب أن ننسى أن هذه الوصيّة تشير بوضوح إلى الأمانة الزوجيّة وبالتالي من الجيّد أن نتأمّل بشكل أعمق حول معناها الزوجي. إنَّ هذا المقطع من الكتاب المقدّس من رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس (6/ 1 -9) هو ثوروي! إنّ التفكير في أنتروبولوجيا ذلك الزمن والقول إنّ على الزوج أن يحبَّ امرأته كما أحبَّ المسيح الكنيسة هو ثورة بحدِّ ذاتها! ربما هذا أكثر أمر ابتكاريٍّ قيل عن الزواج في ذلك الزمن. يمكننا أن نسأل أنفسنا: لمن تتوجّه وصيّة الأمانة هذه؟ هل هي للأزواج فقط؟ في الواقع هذه الوصيّة هي للجميع، إنّها كلمة أبويّة من الله موجّهة لكلِّ رجل وامرأة. لنتذكّر أنَّ مسيرة النضوج البشريّة هي مسيرة الحبّ الذي يبدأ بنوال العناية وصولاً إلى القدرة على تقديمها؛ وبنوال الحياة وصولاً إلى القدرة على إعطائها. أن نصبح رجالاً ونساء بالغين يعني أن نبلغ إلى عيش الموقف الزوجيّ والوالدي الذي يظهر في مختلف حالات الحياة كما في القدرة على أخذ شخص ما على عاتقنا ومحبّته بدون التباس وغموض. وبالتالي هو موقف الشخص الذي يعرف كيف يقبل الواقع ويدخل في علاقة عميقة مع الآخرين.

 

 

 

من هو إذًا الزاني والشهواني وغير المُخلص؟ إنّه شخص غير ناضج يتمسّك بحياته ويفسّر الأوضاع بحسب رفاهيّته واكتفائه الذاتي. لذلك لكي يتزوج المرء لا يكفي أن يتمّ الاحتفال بالزواج! بل عليه أن يقوم بمسيرة من الأنا إلى الـ نحن؛ أي أن ينتقل المرء من التفكير لوحده للتفكير مع شخص آخر ومن العيش وحده إلى العيش مع شخص آخر: إنّها مسيرة جميلة. وبالتالي عندما نتمكّن من إلغاء المركزيّة الذاتية يصبح عندها كلّ عمل زوجيّ: فنعمل ونتكلّم ونقرّر ونلتقي بالآخرين بموقف قبول وبذل ذات.

 

 

 

 إنَّ كلَّ دعوة مسيحيّة، بهذا المعنى، - ويمكننا الآن أن نوسِّع المنظار ونقول إنَّ كلَّ دعوة مسيحيّة، بهذا المعنى، - هي زوجيّة. الكهنوت لأنّه الدّعوة في المسيح وفي الكنيسة لخدمة الجماعة بالمحبّة والعناية الملموسة والحكمة التي يعطيها الرَّب. إنَّ الكنيسة لا تحتاج لأشخاص يطمحون ليلعبوا دور الكاهن – هي لا تحتاج لهم أبدًا؛ لا بل من الأفضل لهم أن يبقوا في بيوتهم – ولكنّها تحتاج لأشخاص لمس الرّوح القدس قلوبهم بمحبّة وبدون تحفُّظ من أجل المسيح العروس. في الكهنوت يُحبُّ الكاهن شعب الله بكلِّ أبوّة وحنان وقوَّة الزوج والأب. هكذا أيضًا هي العفّة المكّرسة في المسيح إذ تُعاش بالأمانة والفرح كعلاقة أمومة وأبوّة زوجيّة وخصبة.

 

 

 

 

أكرِّر، كلّ دعوة مسيحيّة هي زوجيّة لأنّها ثمرة علاقة حبّ ولدنا فيها من جديد وهي علاقة الحبّ مع المسيح كما ذكّرنا نصُّ القدّيس بولس الذي قرأناه في البداية. إنطلاقًا من أمانته وحنانه وسخائه ننظر بإيمان إلى الزواج وإلى كلِّ دعوة ونفهم المعنى الكامل للجنس. إنَّ الكائن البشريّ في وحدته المترابطة كروح وجسد، وفي قُطبيه الذكوريّ والأنثويّ هو واقع صالح، مقدّر له أن يُحِبَّ ويُحَبّ. والجسد البشريّ ليس أداة لذّة بل هو مكان دعوتنا إلى الحبّ وفي الحبِّ الحقيقيّ لا مكان للشهوة وسطحيّتها. إنّ الرّجال والنساء يستحقّون أكثر من ذلك!

 

 

 

 إن كلمة "لا تزنِ" إذًا حتى في توجّهها السلبيّ توجّهنا نحو دعوتنا الأصليّة أي إلى الحبّ الزوجيّ الكامل والأمين الذي أظهره لنا يسوع المسيح ومنحنا إيَّاه.

 

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.