في مداخلته في تقديم الإرشاد الرّسولي "فرح الحبّ" قال أمين عام سينودس الأساقفة الكاردينال لورينزو بالديسيري: يسعدني ويشرّفني أن أقدّم اليوم الإرشاد الرّسولي لما بعد السينودس "فرح الحبّ" الذي وقّعه قداسة البابا فرنسيس في التاسع عشر من آذار مارس الماضي في عيد القدّيس يوسف والذي سيتمّ نشره اليوم.
إنّ العنوان "فرح الحبّ" هو في تتابع كامل مع الإرشاد الرّسولي "فرح الإنجيل". من فرح الإنجيل إلى فرح الحبّ في العائلة: في هذه الوثيقة يُعمّق الأب الأقدس "إنجيل الزواج والعائلة" ويقدّم توجيهات راعويّة ملموسة تكتسب في الاستمراريّة قيمة وديناميكيّة جديدة.
وبالتوافق الكامل مع السنة اليوبيليّة التي تعيشها الكنيسة إنّ المفتاح المناسب لقراءة وفهم هذه الوثيقة هو منطق الرّحمة الراعويّة، وبالتالي يؤكّد الأب الأقدس بوضوح على عقيدة الزواج والعائلة لاسيّما في الفصل الثالث ويقدّمها مجدّدًا كنموذج أساسيّ. من جهّة أخرى لا ينسى الأب الأقدس أن يوجّه اهتمامه أيضًا إلى هشاشة العائلات وفشلها.
تابع أمين عام سينودس الأساقفة يقول يتألّف الإرشاد الرّسولي من تسعة فصول مقسمّة إلى 325 عددًا مع 391 مرجعًا وصلاة ختاميّة للعائلة المقدّسة. يشرح الأب الأقدس مسيرة هذه الوثيقة: الافتتاحيّة، مستوحاة من الكتاب المقدّس (الفصل الأوّل)، تعطي الطابع المناسب للوثيقة لينتقل بعدها إلى الوضع الحالي للعائلات (الفصل الثاني) في ضوء تعليم الكنيسة حول الزواج والعائلة (الفصل الثالث). إلى الحبّ في الزواج (الفصل الرابع) الذي يصبح خصبًا في العائلة (الفصل الخامس) والذي يشكّل محور هذه الوثيقة.
تتبع بعدها بعض التوجيهات الراعويّة لبناء عائلات ثابتة وخصبة بحسب مخطّط الله (الفصل السادس) ولتعزيز وتقوية تربية الأبناء (الفصل السابع). أمّا الفصل الثامن فيشكّل دعوة إلى الرّحمة والتمييز الرّاعويّ إزاء الأوضاع التي لا تُجيب بالكامل على النموذج الذي يقدّمه الربّ. ويُختتم الإرشاد الرسوليّ ببعض الخطوط حول الروحانيّة الزوجيّة والأسريّة (الفصل التاسع).
أضاف الكاردينال لورينزو بالديسيري يقول يشكِّل الإرشاد الرّسوليّ "فرح الحبّ" تعبيرًا مهمًّا إضافيًّا عن حبريّة البابا فرنسيس ويمثل ملخصًا رائعًا وامتدادًا نحو آفاق جديدة. يرتكز "فرح الحبّ" على التقريرين الختاميين للجمعيّتين العامتين لسينودس الأساقفة حول العائلة وبهذا الشّكل يُعطي الأب الأقدس أهميّة كبيرة للعمل المجمعي والسينودسيّ.
تابع أمين عام سينودس الأساقفة يقول يقدّم الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ" نظرة إيجابيّة عن الحبّ الزوجي والعائلة في زمن أزمة عالميّة تعاني منها العائلات بشكلٍ خاصّ. إنّ الفسحة المخصّصة للحبّ وخصوبته ولاسيّما في الفصلين الرابع والخامس تشكّل إسهامًا مميّزًا إن كان من حيث المُحتوى العامّ وإن كان من حيث طريقة تقديمه.
وكأي راع يوجّه البابا فرنسيس عنايته الوالديّة إلى مختلف الأوضاع الملموسة لكنّه يؤكّد أن هذا الإرشاد الرسوليّ لا يقدّم قاعدة جديدة عامّة في الشّرع الكنسيّ يمكن تطبيقها على جميع الحالات. وبالتالي يؤكّد الأب الأقدس على ضرورة إدماج المعمّدين الذين تزوجوا مجدّدًا وعدم إقصائهم؛ وعلى مرافقة الأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا غير نظاميّة ويشدّد في هذا السّياق على أهميّة أن ينظر الرّعاة إلى كلّ شخص بمفرده، وفي هذا التمييز ينبغي أن يصار إلى فحص ضمير من خلال أوقات تأمل وتوبة. هذا ويعطي "فرح الحبّ" أهميّة كبيرة لمسيرة تحضير المخطوبين للزواج لمساعدتهم على اكتشاف قيمة هذا السرّ وغناه ويشير إلى ضرورة مرافقة الزوجين في أولى سنيّ الحياة الزوجيّة.
أضاف الكاردينال لورينزو بالديسيري يقول أمّا فيما يختص بمرافقة الضعف ومداواة الجراح يشدّد الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ" على انعكاس التربية الإلهيّة في تطبيق راعويّ تدريجي يتمّ على مثال اهتمام الله بأبنائه بدء من الأبعد والأكثر ضعفـًا فبهذه الطريقة تتوجّه الكنيسة بمحبّة تجاه الذين يشاركون في حياتها بشكلٍ غير كامل.
وإذ لا يتوقـّف فقط عند الأوضاع غير النظاميّة يفتح الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ" آفاقـًا واسعة على النعمة غير المُستحقة والرّحمة غير المشروطة للجميع مهما كانت الأوضاع التي يعيشونها. وبالتالي وإزاء الأحداث الكبيرة التي تعصف بعالم اليوم نكتشف عظمة الله ومحبّته للإنسان المجروح الذي يحتاج لأن يقبله ويعتني به المسيح السّامري الصّالح للبشريّة.
فمن الإدراك بأنّ الله يقدّم الرّحمة تولد ضرورة تخطّي أفق العدالة البشريّة والقيام بقفزة إلى الأمام. وهذا الأمر يولد فقط من الحبّ الذي يصبح رحيمًا إزاء الهشاشة البشريّة وقادرًا على بعث الشجاعة والرّجاء. في هذا الإطار يأتي الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ" الذي وبهذه الجملة يلمس قلب الإنجيل ويشفي قلب الإنسان المجروح: "الرّحمة هي ملء العدالة والظهور المنير لحقيقة الله" (فرح الحبّ، 311).
مداخلة الكاردينال لورينزو بالديسيري في تقديم الإرشاد الرسوليّ "فرح الحبّ"