بعد نهاية رتبة تبريك الشموع بدأ الاحتفال بأمسية الصّلاة المريميّة، عشيّة الثالث عشر من أيّار مايو، وذلك بتطواف أمام مزار سيّدة فاطيما ترأسه أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي احتفل بعده بالذبيحة الإلهيّة وألقى عظة للمناسبة أكّد في مستهلّها أنّ اللّقاء يُعقد في هذا المزار الذي يحفظ ذكرى الظهورات المريميّة للرّعاة الثلاثة. وقال نيافته إنّ العذراء وكأمّ تقلق على ضيقة بنيها ظهرت وحملت رسالة العزاء والرَّجاء إلى البشريّة التي كانت تعاني من الحرب وإلى الكنيسة المتألمة أيضًا، وأكّدت أنّ قلبها سينتصر في نهاية المطاف. وفي ظهورات أخرى دعت المؤمنين إلى الثقة لافتة إلى أنّ المحبَّة والسَّلام سيتنصران لأنَّ رحمة الله هي أقوى من قوَّة الشرِّ وأكّدت أنَّ ما يبدو مستحيلاً بالنسبة للبشر هو مُمكن عند الله.
هذا ثمّ أكّد الكاردينال بارولين أنَّ العذراء دعت المؤمنين إلى صلاة المسبحة الورديّة يوميًا على نيَّة السَّلام في العالم وقد أكّدت أنّه عندما يمتثل المؤمنون لكلماتها ستخلص نفوس كثيرة وتنال السَّلام. ودعا نيافته المؤمنين المشاركين في أمسية الصَّلاة إلى رفع الشكر لله على قبولهم لرسالة السَّلام التي قدَّمتها العذراء. وشدّد في هذا السياق على انتشار المحبّة في العالم خلال القرن المنصرم، لافتًا إلى أنّ المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني التأم ليغيّر وجه الكنيسة وكان بمثابة مجمع المحبّة. كما أنّ الأساقفة والبابا لم يصمّوا آذانهم أمام رسائل العذراء إذ كُرس لها العالم كلّه .
وذكّر نيافته بنداءات البابا فرنسيس العديدة لصالح السَّلام في العالم لافتًا إلى وجود ملايين الأشخاص الذين يعانون اليوم من صراعات مسلحة عبثيّة، كما أنّ مشاعر الخوف باتت تسود في مناطق كانت تُعتبر آمنة لفترة طويلة. هذا فضلاً عن انتشار صور الموت والعنف ومأساة اللاجئين والمهاجرين. وقد شاء البابا أن يسلّط الضّوء على هذا الموضوع في الخطاب الذي ألقاه أمام أعضاء السِّلك الدبلوماسيّ المعتمد لدى الكرسيّ الرَّسوليّ في التاسع من كانون الثاني يناير الماضي.
ولم تخلُ كلمات أمين سِرّ دولة حاضرة الفاتيكان من الإشارة إلى ضرورة أن يسعى كلّ شخص اليوم إلى بناء السّلام والتصدّي للشَّرِّ وقال إنّ الكائنات البشريّة تنال هذا النصر عندما تكون قادرة على التضحية التي تعوّض عن الأخطاء والزلّات. وقد قدّم لنا المسيح مثالاً على هذا الأمر من خلال محبَّـته ورحمته. وهذه المحبّة الفائقة نراها في صليب الرَّبِّ الذي حمل على كتفيه الحقد والعنف دون أن يُطالب بالانتقام بل سامح أعداءه مُظهرًا وجود محبّة أكبر من كلّ شيء.
وشجّع الكاردينال بارولين المؤمنين والحجّاج على الصّلاة في هذه الأمسية كشعب كبير سائر على خطى الرَّبِّ يسوع القائم من الموت، ويساعد الأفراد بعضهم بعضًا متكئين على الإيمان بيسوع المسيح. وسلط نيافته الضّوء في هذا السياق على ضرورة مدّ يد العون والمساعدة إلى الفقراء وملاقاة الأخوة الضعفاء، والعمل في كرمة الرَّبِّ والتفكير بالمشاريع المستقبليّة في ضوء الإنجيل، وعيش المحبَّة واتّخاذ القرارات بحسب مشيئة الله. في ختام عظته دعا أمين سِرّ دولة حاضرة الفاتيكان المؤمنين إلى ضمِّ صوتهم لصوت العذراء القدّيسة في هذه الذكرى المئويّة لظهورات فاطيما ليقولوا "تعظّم نفسي الرَّبّ.. لأنّه نظر إلى أمته الوضيعة.. رحمته من جيل إلى جيل للذين يتقونه".
إذاعة الفاتيكان.