عظة البطريرك الراعي في ميونيخ

متفرقات

عظة البطريرك الراعي في ميونيخ

 

 

 

 

 

عظة البطريرك الراعي في ميونيخ

 

 

ترأس غبطة البطريرك الكردينال مار بشارة بطرس الرّاعي قبل ظهر يَوْمَ الاحد ١٨ شباط ٢٠١٨، الذبيحة الإلهيّة في كاتدرائية مار لويس (لودفيك) في ميونيخ - ألمانيا، عاونه فيها المطران بولس صياح ورئيس الرسالة المارونيّة في ألمانيا المرسل اللبناني الأب غابي جعجع وكاهن الرَّعية اللاتينيَّة الأب ماركوس غوتسفينتر وكاهن الرَّعية الكلدانيّة الأب سامي دنكا ولفيف من الكهنة والشمامسة بحضور وزير الدفاع اللبنانيّ يعقوب الصّراف والسَّفير اللبنانيّ مصطفى أديب وقنصل لبنان الفخريّ في ألمانيا مروان كلاب وحشد من أبناء الرعيّة المارونيّة والجاليات العربية والألمان.

 

بعد الإنجيل المقدّس ألقى غبطته عظة بعنوان: "يا ربّ إن شئتَ فأنت قادرٌ أن تطهِّرني! لقد شئت، فاطهر". وجاء فيها:

 

"يسعدني أوّلاً في بداية الذبيحة الإلهيّة أن أحيّي مع سيادة أخي المطران بولس صيّاح كلّ الجماعة الحاضرة معنا، الجماعة المصليّة وعلى رأسها معالي وزير الدفاع اللبنانيّ وسعادة سفير لبنان وسعادة القنصل. أحيّي كاهن الرَّعية الأب ماركوس واشكره على استضافة قداسنا اليوم وعلى استضافة القدّاس المارونيّ كلّ ثالث أحد من الشهر، وأشكره على كلمة الترحيب في بداية القدّاس ونحمّله تحيّاتنا لنيافة الكردينال ماركس رئيس أساقفة هذه المدينة العزيزة ميونخ. أحيّي الأب غابي جعجع كاهن رعيتنا المارونيّة في هذه المدينة وسواها ومن خلاله الأباء المرسلين اللبنانيين. واحيي الجماعة من ابناء الكنيسة الكلدانية الشقيقة وكاهنهم الخوري سامي ومعاونه.

 

نحن في بدايات زمن الصوم، اتمنى للجميع مسيرة مقدّسة نحو عيد الفصح. الصّوم يقوم على اربعة ركائز: العودة الى الله بالتوبة، الصلاة، الصوم، والصدقة. واتوقف على ثلاثة افكار في انجيل اليوم: الصلاة ولقاء الابرص بيسوع الذي شفاه وعلامة لقائنا مع الرب من اجل شفائنا الشخصي. يبدأ النص الانجيلي بالقول ان يسوع قبل الفجر كان يصلي، اي انه دخل بالصلاة في صلة وعلاقة مستمرّة مع الآب وقد استمدّ من خلالها كل قوته وكل النور في رسالته.

 

نحن مدعوون ايضا ان نبدأ يومنا بصلاة ولو قصيرة لان كلمة "صلاة" باللغة العربية مستمدّة من صلة، أي علاقة مع الله. انا وكلّ واحد منّا بحاجة ان نبدأ نهارنا بهذه الصِلة مع الله لنستمدّ النّور والقوّة كي يكون نهارنا خيّرًا، عادلا ومحبًا. ثمرة صلاة يسوع كان لقاؤه مع الابرص، هذا الابرص الذي يحمل آلامه في جسده ونفسه، كان يحمل في قلبه ايمان بأنّ يسوع قادر على شفائه اذا تمكّن من الوصول اليه.

 

ووصل اليه بفعل ايمان كبير وصلّى: "يا رب، اذا شئت فأنت قادر على شفائي". قرأ يسوع ايمانه ووجعه وقال له: "شئتُ، كن طاهراً"، فزال برصه في الحال. كل الأعاجيب في الانجيل تسمّى آية، علامة.

 

فعلامة انجيل اليوم، ان مرض هذا الابرص شوّه كل جسده ووجهه، هكذا تشوه الخطيئةّ المستمرّة داخل الانسان وقلبه وعقله وإرادته. نعم يتشوّه كليّا وكأنّه أبرص في داخليّته. أمّا الفكرة الثالثة في انجيل اليوم فهي لقاء كلّ واحد منّا بيسوع في زمن الصّوم. نعم، زمن الصّوم يساعدني من خلال ما أسمع من كلام الله، من خلال العودة الى الذات، من خلال الصوم ومن خلال اعمال الرّحمة، سوف اتوصّل واكتشف انّ هناك شيء ما في داخلي يشوّه صورة الله الحقيقيّة لدي.

 

هناك شيء في عقلي وقلبي وارادتي دفعني للميل الى أمور لا تتلائم مع الانجيل، لا تتلائم مع تعاليم الربِّ وتعاليم الكنيسة، زمن الصّوم هو زمن الإقرار ببرصي الداخلي.

 

هذا اللقاء اليوم في زمن الصّوم مع يسوع، يدعى لقاء التوبة في سرّ المصالحة. مثل الابرص يجب ان أقول للربّ، هذا أنا، هذا برصي الداخلي، ألتمس منك أن تشفيني. لقائي في سرّ التوبة مع الرَّبِّ هو مثل لقاء الابرص، بكلمة يشفيني، كأنّه خلقني من جديد، قلب جديد: فكر جديد، إرادة جديدة كي أنطلق من جديد لأعيش فرح الفصح. في كلِّ مرَّة تأتون الى الكنيسة نهار الاحد، تذكّروا لقاء يسوع مع الابرص، وليكن لكلِّ واحد منكم لقاء بيسوع كي تتجدّدوا في القدّاس بنعمة الشّفاء. وعندما يشفى كلّ فرد منّا، تشفى العائلة والمجتمع، وعندها تسود في المجتمع شريعة الوحدة، شريعة المحبّة، شريعة الأخوّة التي يحتاج اليها العالم اليوم.

 

احيّيكم مجدّدًا، احيّي كلّ المؤمنيين، شعبنا وأهلنا من لبنان والشّرق وأحيّي الألمان الموجودين معنا: كلّنا نشكّل رعيّة المسيح المصليّة.

 

أطلب منكم أن نصلّي بشكلٍ خاصّ من أجل نهاية الحروب، ومن أجل السّلام والاستقرار في لبنان وفي كلّ بلدان الشّرق الأوسط".

 

 

عظة البطريرك الراعي في كاتدرائية مار لويس (لودفيك) في ميونيخ

موقع بكركي.