عبادة المال

متفرقات

عبادة المال

 

 

 

 

عبادة المال

 

 

 

 

"في هذا الزمن الذي تحمل فيه إلينا وسائل الإعلام كوارث عديدة والكثير من الظلم الذي يطال الأطفال بشكل خاص نرفع صلاة قويّة إلى الله لكي يحوِّل قلوب البشر فيعرفوا الرب ولا يعبدون المال" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح يوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

 

استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من إنجيل القديس لوقا (12 / 13 - 21) والذي يخبرنا عن الرجل الغني الذي كانت أمواله إلهه وقال هذا الأمر يحملنا على التأمُّل حول الذين يتّكلون على الخيور الأرضيّة مشدِّدًا في هذا السياق على أن الكنز الحقيقي هو العلاقة مع الرّبّ. فإزاء وفرة المحصول لم يتوقّف ذلك الرجل بل فكّر بتوسيع أهرائه وبإطالة عمره – في خياله – راغبًا بتكديس المزيد من الخيور كمن لا يعرف الشبع وبالتالي دخل في حركة الاستهلاك الثائر.

 

الله هو الذي يضع الحدَّ لهذا التعلُّق بالمال عندما يصبح الإنسان عبدًا للمال. وهذه ليست حكاية اختلقها يسوع وإنّما الواقع، إنّه واقع اليوم أيضًا. هناك أشخاص يعيشون ليعبدوا المال وقد جعلوا من المال إلهًا لهم؛ كثيرون هم الذين يعيشون لأجل هذا فقط، وحياتهم تكون بلا معنى، "هَكَذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفسِهِ وَلا يَغتَني عِندَ الله"؛ هم لا يعرفون كيف يغتنون عند الله.

 

بعدها تحدّث البابا عن حدث حصل لبضعة سنوات خلت في الأرجنتين – في الأبرشيّة الأخرى كما يطيب له أن يصف بوينوس آيرس – عندما قام رجل أعمال غنيٍّ، بالرّغم من مرضه الخطير، بشراء قصر بدون أن يفكّر أنّه سيتوجّب عليه قريبًا أن يمثل أمام الله. واليوم أيضًا نجد هؤلاء الأشخاص الجشعين للمال والخيور الأرضيّة، أشخاص يملكون الكثير أمام أطفال جياع متروكين لا يملكون أدوية، إنها عبادة أصنام تقتل وتقدّم تضحيات بشريّة.

 

 إن عبادة الأصنام هذه تتسبَّب بموت العديد من الأشخاص من الجوع. لنفكِّر بحالة واحدة وحسب: بالمائتي ألف طفل من شعب الروهينغا في مخيمات اللاجئين الذين يعانون من سوء تغذية ولا يملكون الأدوية. هذا الأمر يحصل اليوم، ولا في أيام غابرة، ولذلك ينبغي أن تكون صلاتنا قويّة: من فضلك يا أرب ألمس قلوب هؤلاء الأشخاص الذين يعبدون المال، وألمس قلبي أيضًا لكي لا يسقط فيها ولكي أتحلى بالرؤيا والبصيرة.

 

هناك تبعيّة أخرى وهي الحرب، حتى الحرب بين العائلات. جميعنا نعرف ماذا يحصل عندما تتعلّق الأمور بالميراث تنقسم العائلات وينتهي الأمر بالكره بين الأشخاص. والرّبّ يسلّط الضوء على هذا الأمر عندما يقول: "هَكَذا يَكونُ مَصيرُ مَن يَكنِزُ لِنَفسِهِ وَلا يَغتَني عِندَ الله"، هذه هي الدرب الوحيدة، الاغتناء عند الله؛ ليس الأمر ازدراء للمال وإنما للجشع وللعيش متعلّقين بالمال. لذلك على صلاتنا أن تكون قويّة وأن نسعى كي يكون الله أساس حياتنا الثابت.      

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.