قبل أيّام معدودة على بداية أعمال سينودس الأساقفة في الفاتيكان نشرت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو الفاتيكانيّة مقالاً سلّطت فيه الضّوء على صدور كتاب جديد بعنوان "البابا بولس السّادس وسينودس الأساقفة"، في الذّكرى السنويّة الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة.
وجاء في مقدّمة الكتاب أنّه منذ بداية أعمال المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني بدأ الحديث عن إنشاء مجلس، يضمّ ممثلين عن جميع الأساقفة، يساعد البابا في إدارة شؤون الكنيسة الكاثوليكيّة. وهذا ما شاءه العديد من آباء المجمع المسكونيّ وسعوا من أجله. كما أنّ البابا الرّاحل بولس السّادس أبدى ترحيبًا بهذه الفكرة بعد انتخابه، مؤكّدا أنّه لا يعارض رغبة الأساقفة الكاثوليك، وشارك في الجمعيّة العامّة التي التأمت في الخامس عشر من أيلول سبتمبر من العام 1965 والتي تمّ التصويت خلالها على المرسوم القاضي بإنشاء سينودس الأساقفة. والهدف من إنشاء هذه الهيئة يتمثّل في توفير الأداة الملائمة للأساقفة الكاثوليك كي يتمكّنوا من التعاون بشكل فاعل مع البابا من أجل إدارة شؤون الكنيسة الكاثوليكيّة.
وتشير مقدّمة الكتاب إلى أنّ إدارة شؤون الكنيسة الكاثوليكيّة كانت وما تزال مسألة صعبة، وذلك نظرًا للامتداد الجُغرافي الواسع، واختلاف الأوضاع المحليّة، وصعوبة إدراك الضرورات والإحتياجات المحليّة والخاصّة وأخذها في عين الإعتبار. أمّا اليوم فقد زادت هذه الأمور صعوبة، لأنّ الكنيسة شهدت نموًّا كبيرًا، وانتقلنا من الثقافة المهيمنة في الماضي ـ أي تلك الأوروبية ـ إلى تعدّد الثقافات والحضارات التي تسعى الكنيسة إلى الإنخراط فيها. ومن هذا المنطلق بات البابا في عصرنا الحاليّ يحتاج إلى تعاون أكبر من قبل أساقفة الكنيسة الكاثوليكيّة.
اليوم وبفضل قرار إنشاء السينودس ـ الذي شاءه البابا بولس السادس ـ لم يعد الأساقفة يقدمون مساعدتهم للبابا بشكلٍ استثنائيّ، لأنّه بات هناك سينودس دائم، يفسح أمامهم المجال لإسماع صوتهم في روما والمساهمة في تحقيق خير الكنيسة الكاثوليكيّة برمّتها.
وفي الماضي، كانت كنيسة روما تُعطي الكنائس الخاصّة دون أن تأخذ أيّ شيء يُذكر منها، أمّا اليوم فباتت تأخذ وتُعطي، لا بل تُعطي بعد أن تكون قد أخذت. بهذه الطريقة يُصبح السينودس "سرًّا للمحبّة الكنسيّة" وتعبيرًا عن المحبّة التي توحّد الكنيسة الكاثوليكيّة كما كانت رغبة البابا بولس السّادس.
في الذّكرى السنويّة الخمسين لتأسيس سينودس الأساقفة لا بُدّ من تسليط الضّوء على ما فعله البابا بولس السادس على هذا الصّعيد والذي اعتبر أن السينودس "مفعم بالرّجاء". ولم تُخيّب آمال البابا مونتيني، لأنّ جمعيّات سينودس الأساقفة التي التأمت على مدى العقود الخمسة الماضية ساهمت في تقديم تعاون أعمق بين البابا والمجالس الأسقفيّة حول العالم. وختمت صحيفة أوسيرفاتوريه رومانو مقالها مشيرة إلى أنّ الطريق ما تزال طويلة أمام تطبيق كلّ ما صدر بهذا الشّأن عن المجمع المسكونيّ الفاتيكانيّ الثاني وفكرة السينودس النبويّة، لكنّ النّار التي أُضرمت في قلوب المؤمنين لخمسين سنة خلت ما تزال متّقدة ويبدو أنّها لن تنطفئ أبدًا.
إذاعة الفاتيكان.