بدأ قداسة البابا فرنسيس صباح يوم السبت زيارته الرسولية الخامسة والعشرين والتي تحمله إلى دول البلطيق ليتوانيا، لاتفيا وإستونيا. وصل الأب الأقدس إلى مطار فيلنيوس الدولي في ليتوانيا في تمام الساعة الحادية عشرة والنصف حيث كانت في استقباله رئيسة الجمهوريّة السيّدة داليا غريبوسكايتيه مع رئيس أساقفة فيلنيوس المطران جينتاراس غروشاس وحشد كبير من السلطات المدنية والدينيّة في البلاد وبعد مراسم الاستقبال الرسميّة توجّه الحبر الأعظم إلى القصر الجمهوري حيث قام بزيارة مجاملة إلى رئيسة البلاد في القصر الرئاسي والتقى السلطات والمجتمع المدني والسلك الدبلوماسي.
وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها:
إنّه دافع فرح ورجاء أن أبدأ هذا الحج في دول البلطيق في ليتوانيا التي وكما كان القديس يوحنا بولس الثاني يحب أن يقول هي "الشاهد الصامت لمحبّة شغوفة للحريّة الدينيّة". تأتي هذه الزيارة في مرحلة مهمّة من حياة أمّتكم التي تحتفل بالمئويّة الأولى على إعلان الاستقلال. إنَّ الاحتفال بمائة سنة للاستقلال يعني التوقّف لبرهة من الزمن لاستعادة ذكرى ما عشتموه لتتواصلوا مع كلِّ ما صاغكم كأمّة وتجدوا فيه المفاتيح التي تسمح لكم بالنظر إلى تحديات الحاضر وتنبسطوا نحو المستقبل في جوٍّ من الحوار والوحدة بين جميع السكان لكي لا يتمَّ تهميش أحد.
خلال تاريخها عرفت ليتوانيا كيف تستضيف وتستقبل شعوبًا من إثنيات وديانات مختلفة، وقد وجدوا جميعًا في هذه الأراضي مكانًا ليعيشوا... فأقاموا معًا بسلام حتى وصول الإيديولوجيات التوتاليتاريّة التي كسرت القدرة على الاستقبال وتناغم الاختلافات إذ زرعت العنف والشك. أن تستمدّوا القوّة من الماضي يعني أن تستعيدوا الجذور وتحافظوا على ما هو أصيل وحقيقيّ حيًّا فيكم والذي سمح لكم بأن تنموا كأمّة أي التسامح والضيافة والاحترام والتضامن.
بالنظر إلى السيناريو العالمي الذي نعيش فيه وحيث تنمو الأصوات التي تزرع الانقسام والتناقض أو تعلن أن الأسلوب الوحيد الممكن لضمان أمان واستمرار ثقافة ما يقوم على إزالة ومحو وإقصاء الثقافات الأخرى؛ لديكم أنتم في ليتوانيا كلمة مميّزة تقدّموها وهي "قبول الاختلافات". يمكن للحوار والانفتاح والتفهُّم أن يتحوّلوا إلى جسر وحدة بين شرق وغرب أوروبا، ويمكن لهذا الأمر أن يكون مستقبلاً لتاريخ ناضج تقدّموه أنتم كشعب للجماعة الدوليّة ولاسيما للاتحاد الأوروبي.
ش
أن تستمدّوا القوّة من الماضي يعني أن تتنبّهوا للشباب الذين ليسوا المستقبل وحسب بل حاضر هذه الأمّة أيضًا إن ثبتوا متّحدين بجذور الشعب. إنَّ الشعب الذي يجد فيه الشباب فسحة لينموا ويعملوا يساعدهم على أن يشعروا أنّهم روادًا لبناء النسيج الاجتماعي والجماعي؛ وهذا الأمر سيسمح للجميع بأن يرفعوا نظرهم برجاء نحو الغد. إنّ ليتوانيا التي يحلمون بها تقوم على السعي الدائم لتعزيز تلك السياسات التي تُحفِّز المشاركة الفعالة للشباب في المجتمع. لا شك أنَّ هذا الامر سيكون بذرة رجاء لأنّه سيحمل على ديناميكيّة تتابع من خلالها روح هذا الشعب خلق الاستقبال: استقبال تجاه الغريب، استقبال تجاه الشباب والمسنّين، تجاه الفقراء ولاسيما استقبال للمستقبل.
إذاعة الفاتيكان.