تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة "افرحي يا ملكة السّماء" مع وفود الحجّاج والمؤمنين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان، وتمحورت كلمة البابا حول إنجيل يوحنّا (14/ 23- 29) الذي يحدّثنا عن وعد يسوع للرّسل بمنحهم الرّوح القدس الذي سيعلّمهم وسيذكّرهم بكلماته، فيقول المسيح لرسله "ولكِنَّ المُؤَيِّد، الرُّوحَ القُدُس الَّذي يُرسِلُه الآبُ بِاسمي هو يُعَلِّمُكم جَميعَ الأشياء ويُذَكِّرُكُم جَميعَ ما قُلتُه لَكم".
هذا ما يفعله الرّوح القدس في قلوبنا. ففي الوقت الذي كان يستعّد فيه يسوع للعودة إلى أبيه، يعلن مجيء الرّوح القدس الذي علّم التلاميذ على فهم الإنجيل وقبوله في حياتهم وجعله حيـًّا وفاعلاً من خلال الشّهادة. وإذ أسند إلى الرّسل مهمّة حمل إعلان البُشرى السّارة إلى العالم كلّه وعدهم يسوع بأنّهم لن يبقوا لوحدهم إذ إنّ الرّوح القدس، المعزّي، سيمكث فيهم ويحميهم ويساعدهم.
البعد الآخر لرسالة الرّوح القدس التي تتمثل في مساعدة الرّسل على تذكر كلمات الرَّبّ الذي اكتمل الوحي معه، وجاء الرّوح القدس ليذكّر الرّسل بمختلف تعاليم يسوع في ظروف الحياة المتعدِّدة، وكيف يمكن ترجمتها على أرض الواقع.
وهذا ما تفعله الكنيسة اليوم التي تحمل للعالم محبّة الله ورحمته. وعاد فرنسيس ليشجِّع المؤمنين على قراءة مقطع من الإنجيل يوميـًّا والرّوح القدس يُساعد المؤمنين على فهم الإنجيل. وأكّد البابا في كلمته قبل تلاوة الصّلاة المريميّة أنّ يسوع يمكث بقربنا، إنّه حاضر بيننا وبداخل التاريخ وهذا الأمر ممكن من خلال حضور الرّوح القدس والذي يسمح لنا بإقامة علاقة حيّة مع الرَّبّ المصلوب والقائم من الموت. ولفت إلى أنّ هذا الرّوح يقودنا ويساعدنا على ممارسة محبّة يسوع، وتقدمة ذاته للآخرين، لاسيّما الأشخاص الأشدّ عوزًا.
وشدّد البابا بعدها على أنّ علامة حضور الرّوح القدس هي أيضًا السّلام الذي يعطيه يسوع لتلاميذه: "سلامي أعطيكم". إنّ سلام يسوع ينبع من الإنتصار على الخطيئة وعلى الأنانيّة التي تمنعنا من أن نحبّ بعضنا بعضًا كإخوة. وأكّد البابا في الختام أنّ كلّ تلميذ، المدعوّ اليوم إلى اتّباع يسوع وحمل الصّليب، ينال في ذاته سلام الرّبّ المصلوب والقائم من الموت في إطار الثقة بانتصاره وبانتظار مجيئه النهائي.
بعد تلاوة صلاة "إفرحي يا ملكة السَّماء" قال البابا إنّ فكره يتوجّه هذا الأحد إلى الإخوة في الكنائس الشّرقية التي تحتفل اليوم بعيد الفصح، وتمنى أن يهب الرّبّ القائم من الموت الجميع نوره وسلامه!
هذا ثمّ أطلق البابا نداء من أجل السّلام في سورية قائلاً: أتلقى بألم عميق الأنباء المأساويّة الآتية من سورية، بشأن دوامة العنف التي تزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانيّة في البلاد، لاسيّما في مدينة حلب، حاصدةً الضحايا الأبرياء، خصوصًا الأطفال والمرضى ومن يقدّمون تضحيات كبيرة لمساعدة القريب. أحثُ كلّ الأطراف المعنية بالنزاع على احترام وقف إطلاق النار وتعزيز الحوار الجاري الذي يشكّل الطريق الوحيدة المؤدية إلى السّلام.
وقبل أن يوجه تحياته المعتادة إلى وفود الحجّاج والمؤمنين القادمين من روما وإيطاليا وباقي أنحاء العالم أشار البابا إلى المؤتمر الدولي الذي سيبدأ أعماله في روما يوم غد الإثنين حول موضوع "التنمية المستدامة وأشكال العمل الأكثر هشاشة". وتمنى أن يساهم هذا الحدث في إيقاظ الوعي لدى السّلطات والمؤسّسات السياسيّة والاقتصاديّة والمجتمع المدني كيما يتمّ تطوير نموذج للتنمية يأخذ كرامة الكائن البشريّ في عين الإعتبار في إطار الإحترام التّام للقواعد المتعلّقة بالعمل والبيئة.
إذاعة الفاتيكان.