رسالة البابا للمشاركين في الجمعيّة العامة لاتحاد الرهبانيات

متفرقات

رسالة البابا للمشاركين في الجمعيّة العامة لاتحاد الرهبانيات

 

 

 

 

 

 

بمناسبة انعقاد الجمعيّة العامة الخامسة والعشرين لاتحاد الرهبانيات الرجاليّة والنسائية في إسبانيا "CONFER" من الثالث عشر وحتى الخامس عشر من تشرين الثاني نوفمبر الجاري وجّه قداسة البابا فرنسيس رسالة للمشاركين كتب فيها:

 

 

 

أدعوكم للنظر بثقة إلى مستقبل الحياة المكرّسة في اسبانيا في إطار الموضوع الذي اخترتموه لهذه الجمعية العامة "لأمنَحَكم مستقبلاً مليئًا بالرجاء" (راجع إرميا ٢۹، ١١).

 

 

 

 

 إنَّ الرب يعطينا الرّجاء من خلال رسائل المحبة الدائمة ومفاجآته التي قد تتركنا أحيانًا مربكين ولكنّها تساعدنا على الخروج من انغلاقنا الفكري والروحي. إنَّ حضوره هو حضور حنان يرافقنا ويُلزمنا ولذلك يقول لنا: "لأنّي أعلم أن أفكاري التي أفكّرها في شأنكم، هي أفكار سلامٍ لا بلوى، لأمنحكم بقاءً ورجاءً. فتدعونني وتذهبون وتصلُّون إليَّ فأستمع لكم، وتلتمسونني فتجدونني، إذا طلبتُموني بكلِّ قلوبكم، وأدعكم تجدونني، وأُرجع أسراكُم وأجمعكم من بين كلِّ الأمم ومن جميع الأماكن التي دفعتُكم إليها، وأُرجعكم إلى المكان الذي جلوتُكم منه" (إرميا ٢۹، ١١- ١٤).

 

 

 

 

 

 إنَّ المسيرة التي قمتم بها كـ "CONFER" تملك تاريخًا خصبًا محمّلاً بأمثلة التكرُّس والقداسة الخفيّة والصامتة. لا يجب أن نُهمل أي جهد لنخدم ونحيي الحياة المكرّسة في اسبانيا لكي لا تنقصها ذكرى الامتنان ولا النظرة نحو المستقبل. إنَّ الكنيسة تحتاج إلينا كأنبياء أي كرجال ونساء رجاء؛ وأحد أهداف سنة الحياة المكرّسة هو الحث على معانقة المستقبل برجاء. نعرف الصعوبات التي تواجهها الحياة الرهبانية اليوم كنقص الدعوات وتقدّم أفرادها بالعمر، المشاكل الاقتصاديّة وتحدّي العولمة والنسبية والتهميش... ولكن وفي هذه الأوضاع بالذات يرتفع رجاؤنا بالرب وحده القادر على إنقاذنا وتخليصنا.

 

 

 

 

 

هذا الرجاء، يحملنا لكي نطلب من رب الحصاد أن يرسل فعلة لحصاده ونعمل في بشارة الشباب لكي ينفتحوا على دعوة الرب. إنّه لتحدٍّ كبير أن نكون إلى جانب الشباب لكي نعديهم بفرح الإنجيل والانتماء للمسيح. نحن بحاجة لمكرّسين شجعان يفتحون دروبًا جديدة ومنهجًا لمسألة الدعوة كخيار مسيحي أساسي. إنَّ كلَّ مرحلة من التاريخ هي زمن لله ولنا أيضًا لأنَّ روحه يهب حيث يشاء ومثل ما يشاء وعندما يشاء. يمكن لأي لحظة أن تتحوّل إلى اللحظة الصحيحة يكفي فقط أن نكون متنبّهين لنعرفها ونعيشها.

 

 

 

 

 

 إن مريم، أمنا، التي "كانت تَحفَظُ جَميعَ هذهِ الأُمور، وتَتَأَمَّلُها في قَلبِها" ستساعدنا على تأمُّل وحفظ كل ما لا نفهمه من الحاضر، فنقبله بانتظار مستقبل سيكون خصبًا للحياة المكرّسة. إن الحياة المقدّسة تسير في القداسة؛ وكمكرّسين علينا أن نجتهد ونبذل ذواتنا في عيش أعمال الرحمة التي هي برنامج حياتنا. إن الأمر لا يتعلّق بأن نكون أبطالاً ونقدّم أنفسنا كمثال للآخرين وإنما بأن نكون إلى جانب الذين يتألّمون ونرافقهم ونبحث عن دروب بديلة مدركين فقرنا وإنما واثقين بالرب وبمحبته التي لا تعرف الحدود. من هنا تأتي ضرورة العودة إلى الإصغاء لدعوة أن نعيش مع الكنيسة وفي الكنيسة ونخرج من مخططاتنا ورفاهيتنا لنكون بالقرب من أوضاع الألم واليأس البشري التي تنتظر نور الإنجيل. إنّ التحديات التي تواجهها الحياة الرهبانية اليوم هي كثيرة جدًّا؛ والواقع الذي نعيشه يتطلّب منا أجوبة وقرارات شجاعة أمام هذه التحديات.

 

 

 

 

 

 أشجّعكم لكي تعطوا أجوبة للأوضاع الهيكليّة التي تتطلّب أشكال تنظيم جديدة كضرورة الخروج والبحث عن أشكال حضور جديدة لنكون أمناء للإنجيل وقنوات لمحبّة الله. لنعش إذًا بشجاعة متواضعة محدقين النظر نحو المستقبل وفي موقف إصغاء للروح القدس الذي يجعلنا أنبياء رجاء. ليبارككم الرب ولترافقكم العذراء القديسة وتساعدكم على اكتشاف المسيرة التي ينبغي عليكم اتباعها، ولا تنسوا من فضلكم أن تصلّوا من أجلي.     

 

 

 

إذاعة الفاتيكان.