استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الإثنين المشاركات في المجمع العامّ لراهبات "Pie Discepole del Divin Maestro" والذي يعقد في روما من العاشر من نيسان أبريل الماضي وحتى الثامن والعشرين من أيّار مايو الجاري تحت عنوان "خمر جديد في أزقّة جديدة" وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيفاته وقال:
أتمنى أن يحمل زمن المجمع العامّ ثمارًا إنجيليّة وافرة لحياة معهدكنَّ. أوّلاً ثمار شركة، إذ تنفتحنَ على الرّوح القدس، معلّم التنوّع ومعلّم الوحدة في الاختلاف، تسرنَ في شركة فيما بينكنَّ، شركة تحترم التنوّع وتدفعكنَّ بلا كلل لنسج الوحدة في الاختلاف علمًا أنكنَّ حاضرات في بلدان وثقافات متعدّدة.
كيف تسمحنَ لكلّ فرد أن يعبّر عن نفسه ويُقبل مع عطاياه الخاصّة ويصبح شريكًا في المسؤوليّة بشكل كامل؟ من خلال تعزيز التنبّه والقبول المتبادل وعيش الإصلاح الأخويّ والإحترام تجاه الأخوات الأكثر ضعفًا، فتنمونَ في روح العيش معًا وتبعِدنَ الإنقسامات والحسد والثرثرة عن الجماعة من خلال قولكنَّ للأمور بصدق ومحبّة.
ثمار شركة مع المواهب الأخرى إذ حان وقت التعاون مع جميع المكرّسين لقبول غنى المواهب الأخرى ووضعها كلّها في خدمة البشارة في الأمانة لهويّتنا. لذلك أدعوكنَّ كي تعزّزنَ الحوار والشركة مع المواهب الأخرى وتحاربنَ المرجعيّة الذاتية. وختامًا ثمار شركة مع رجال ونساء زمننا؛ إلهنا هو إله التاريخ وإيماننا هو إيمان يعمل في التاريخ.
المجمع العامّ هو زمن إصغاء للرَّبّ الذي يحدّثنا من خلال علامات الأزمنة، زمن إصغاء متبادل وبالتالي زمن انفتاح على ما يقوله لنا الرّب من خلال الإخوة، زمن مواجهة بدون أحكام مسبّقة وهذا كلّه يتطلّب انفتاح ذهن وقلب. وبهذا المعنى يصبح المجمع العامّ زمنًا ملائمًا لعيش روح الخروج والاستقبال: الخروج من ذواتنا لنقبل بفرح الحقيقة التي ينقلها الآخر لي ونسير معًا نحو ملء الحقيقة التي تحرّرنا.
ثانيًا الإصغاء للأخوات كما لرجال ونساء اليوم والمقاسمة معهم: هذه المواقف ضروريّة من أجل مجمع عام ناجح ولحياة أخويّة وجماعيّة سليمة في نموّها يشعر الجميع بدورهم. لا تتعبنّ من أن تعشن على الدوام فن الإصغاء والمقاسمة لاسيّما في زمن التحدّيات الكبيرة هذه والتي تتطلّب من المكرّسين الأمانة المبدعة والسّعي الشغوف.
ولذلك من الضروريّ الحفاظ على جوّ من التمييز للاعتراف بما ينتمي للرّوح القدس وما يتعارض معه. ينفتح أمامنا عالم من الإمكانيّات تقدّمها لنا الثقافة التي نعيش فيها كإمكانيّات صالحة وجيّدة ولكن لكي لا نقع في ثقافة الموت ينبغي علينا أن نعزّز عادة التمييز فنربّي أنفسنا والآخرين عليها.
المجمع العامّ هو أيضًا زمن لتجديد الطاعة للرُّوح القدس الذي يحرّك النبوءة. إنّها قيّمة للحياة المكرّسة ولا يمكن التخلّي عنها بقدر ما تشكّل نوعًا من المشاركة في رسالة المسيح النبويّة. وهذا الأمر يتطلّب منكم أن تكونوا شجعانًا ومتواضعين في الوقت عينه وشغوفين بالله والبشريّة لكي تكونوا صوت الله ضدّ الشرّ وضدّ كلّ خطيئة.
كمكرّسات عِشنَ أوّلاً نبوءة الفرح، ذاك الفرح الذي يولد من اللقاء بالمسيح في حياة صلاة شخصيّة وجماعيّة وفي الإصغاء اليوميّ للكلمة واللقاء مع الإخوة والأخوات في حياة أخويّة سعيدة. يشكّل الفرح واقعًا جميلاً في حياة العديد من المكرّسين ولكنّه أيضًا تحدٍّ لنا جميعًا. فالفرح الحقيقيّ هو الشّهادة الأصدق لحياة كاملة إذ يظهر من خلالها فرح وجمال عيش الإنجيل وإتّباع المسيح.
أشجّعكنَّ لتكونوا نبيّات رجاء أعينهنَّ موجّهة نحو المستقبل حيث يدفعكنَّ الرّوح ليستمرّ في تحقيق أمور كبيرة معكنَّ. لقد كان القدّيس إيلاريو دي بواتيير في تعليقه حول المزامير يردّد صدى السّؤال الذي طرحه العديد ولا يزالون اليوم أيضًا يطرحونه على المسيحيِّين: أين رجاؤكم أيّها المسيحيّون؟ كمكرّسين نحن نعلم جيّدًا أنّه لا يمكننا أن نصمّ آذاننا على هذا السؤال لأنّنا كتلاميذ ليسوع نعرف جيّدًا أنّ الرّجاء هو مسؤوليّة بالنسبة لنا لأنّنا دُعينا لنردَّ على مَن يَطلُبُ مِنا دَليلَ ما نحن علَيه مِنَ الرَّجاء، والرّجاء الذي لا يخيّب لا يقوم على الأرقام والأعمال وإنّما على الذي لا شيء مستحيل عنده.
بهذه الثقة وهذه القوّة أكرِّر لكنَّ: لا تستسلمن لتجربة النّوم والرقاد – كالتلاميذ في بستان الزّيتون – ولا لليأس، بل عَزِّزْنَ دعوتكنَّ كـ"رقيبات للصّبح" كي تُعلِنَّ للآخرين مجيء الفجر: أيقظنَ العالم وأنرنَ المستقبل!
إذاعة الفاتيكان.