بعد ظهر السبت بالتوقيت المحلي توجّه البابا فرنسيس إلى المعهد الإكليريكي للقديسين كارلوس ومارسيلو في تروخيلّو حيث كان له لقاء مع الكهنة والرهبان والراهبات والإكليريكيين في شمال بيرو.
ألقى البابا كلمة للمناسبة استهلّها مشيرًا إلى أن هذا المعهد الإكليريكي هو من أول المعاهد التي أبصرت النور في أمريكا اللاتينيّة بغية توفير التنشئة للأجيال من المبشرين بالإنجيل. وشجّع الجميع على النظر إلى الجذور لافتًا إلى أنّ الدعوات لديها جذورًا في الأرض لكن قلبها في السّماء.
وأشار بعدها إلى أن دعوتنا مفعمة بالذاكرة التي تلتفت على الماضي بحثا عن هذه العصارة التي غذت قلوب التلاميذ، وبهذه الطريقة نتعرّف بصورة أفضل على عبور الله وسط حياة شعبه. إنّها ذاكرة الوعد الذي قطعه الله مع آبائنا.
هذا ثمّ توقف البابا فرنسيس عن قراءة الإنجيل الذي تحدث عن لقاء الربّ مع تلاميذه، كما أنّ النص الإنجيليّ يحدّثنا عن يوحنّا المعمدان الذي نظر إلى يسوع وقال لإثنين من تلاميذه "هذا هو حمل الله"، فقد ترك هذان التلميذان يوحنّا وتبعا يسوع، مع أن يوحنّا كان يتمتع بشهرة كبيرة وكان يأتي إليه الكلّ ليتعمدوا على يده، لكن يوحنّا لم يكن المسيح بل كان ينبغي أن يدلّ على عبور الرَّبّ وسط شعبه.
واعتبر البابا أنّ الكهنة والرهبان والراهبات والإكليريكيّين مدعوّون إلى الاقتداء بمثل يوحنّا والعمل من أجل الربّ دون أن يأخذوا مكانه. تمامًا مثل يوحنّا المعمدان الذي كان يعلم جيّدًا أن رسالته كانت تتمثل في الدلالة على الطريق، والإعلان عن مجيء شخص آخر يحمل معه روح الله.
وبعد أن شدّد على أهميّة التمتع بروح من الفرح والبهجة شجّع البابا الحاضرين على النظر إلى الماضي، إلى ساعة الدّعوة، لافتًا إلى أنّ القدّيس يوحنّا البشير دون السّاعة التي التقى بها التلميذان بالربِّ يسوع (وكانت الساعة العاشرة)، ذلك لأنّ اللقاء مع الرّبّ يبدّل الحياة لذلك من الأهميّة بمكان أن نتذكّر نحن أيضًا هذه السّاعة التي لامست فيها نظرة الرّبّ قلبنا.
وأكَّد البابا أنّ الرّبّ التقى بنا وضمَّد جراحنا، وكان حاضرًا إلى جانبنا في الأوقات الصَّعبة، كما لا بدّ أن يتذكّر الأشخاص المكرّسون أن دعوتهم كانت دعوة إلى الخدمة والمحبّة الرّحومة التي تنبع من الأعماق.
هذا ثمّ أشار البابا إلى أنّ شعب البيرو عرف كيف يحبّ الرّبّ وحثّ الحاضرين على عدم نسيان الأشخاص الذين علّموهم كيفيّة الصّلاة وساهموا في تربيتهم على الإيمان. إذًا ينبغي أن يستند كلّ شخص مكرّس، أي الكاهن والرّاهب والرّاهبة والإكليريكيّ، إلى هذه الركائز الثلاث: الذاكرة، الفرح والامتنان.
وتوقف البابا عند أهميّة الفرح المعدي وأشار إلى أن أندراوس، أحد تلميذيّ يوحنّا المعمدان، وبعد أن تعرّف على الرّبّ يسوع ومكث معه ذلك اليوم عاد إلى بيت أخيه سمعان بطرس وقال له "لقد وجدنا المسيح"، وقال فرنسيس إنّ هذا هو الخبر السّار الذي قدّمه لأخيه، فقاده إلى يسوع.
وأكّد البابا أنّ الإيمان بيسوع أمر معدٍ لا يُمكن احتواؤه، وهكذا نستطيع أن نرى مدى خصوبة الشهادة. إذ إن التلامذة، وبعد أن دعاهم الرّبّ، سارعوا ليجذبوا إليه تلامذة آخرين، وذكّر بأنّ أندراوس بدأ أن يشهد للرّبّ أمام أقرب المقربين منه، أي أمام أخيه سمعان، وكان هذا الفرح معديًا في قلب الرّسل إنّه فرح يحملنا على الانفتاح على الآخرين.
ولفت البابا أيضًا إلى أنّ الرّبّ يدعونا لحمل الشركة والوحدة، وهذا يتطلّب احترام الاختلافات بين الأشخاص وتعدّد المواهب مدركين أنّنا جميعنا أعضاء في الكنيسة وكلّ شخص لديه مكانته وهو يحتاج إلى الآخرين.
في ختام كلمته شدّد البابا على أهميّة الحوار مع الشبيبة ومع المسنين الذين يتمتعون بذاكرة هامّة يمكن أن نتعلّم منها الكثير. هذا ثمّ شجع الجميع على أن يتركوا الرَّبَّ يقود خطاهم، وسألهم أن يصلّوا من أجله هو أيضًا.
إذاعة الفاتيكان.