توبة ومغفرة خطايا

متفرقات

توبة ومغفرة خطايا

 

توبة ومغفرة خطايا

 

 

 

 

أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت مقابلته العامة اليوبيليّة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهل تعليمه بالقول بعد قيامته ظهر يسوع مرّات عديدة للتّلاميذ، قبل أن يصعد إلى مجد الآب.

 

إنّ نصّ الإنجيل الذي سمعناه (لوقا ۲٤، ٤٥- ٤۸) يُخبر عن أحد هذه الظهورات التي يشير فيها الربّ إلى المحتوى الأساسيّ للبشارة التي يجب على الرّسل أن يقدّموها للعالم. يمكننا أن نلخّصها بكلمتين: "توبة" و"مغفرة خطايا". إنّهما جانبان يميّزان رحمة الله الذي يُعنى بنا بمحبّة، واليوم سنتأمّل حول التّوبة.

 

 ما هي التّوبة؟ إنّها حاضرة في الكتاب المقدّس بأسره، وبشكل خاصّ في بشارة الأنبياء الذين يدعون الشّعب باستمرار "ليعود إلى الربّ" وليسأله المغفرة ويغيّر أسلوب حياته. إنّ التّوبة بحسب الأنبياء تعني تغيير وجهة السّير والتوجّه مجدّدًا نحو الربّ مُتّكلين على الثّقة بأنّه يحبّنا وبأنّ محبّته أمينة على الدّوام. إنّها عودة إلى الربّ.  

 

 

لقد جعل يسوع من التّوبة الكلمة الأولى في بشارته: "َتوبوا وآمِنوا بِالبِشارة" (مرقس ۱، ۱٥)، أي تنبّهوا وعودوا أدراجكم؛ هذه هي التّوبة. بهذا الإعلان يقدّم نفسه للشّعب ويسأله أن يقبل كلمته كالكلمة الأخيرة والنهائيّة التي يوجّهها الآب للبشريّة (مرقس ۱۲، ۱- ۱۱). بالنّسبة لبشارة الأنبياء، يشدّد يسوع أكثر على البعد الدّاخليّ للتّوبة. فهي، في الواقع، تشمل الإنسان بكُليّته، قلبًا وعقلاً، ليصبح خليقة جديدة، وشخصًا جديدًا. هي تُغيّر القلب وتُجدِّد الإنسان.  

 

 عندما يدعو يسوع إلى التّوبة فهو لا يقيم نفسه ديّانًا للأشخاص وإنّما يقوم بذلك إنطلاقًا من القرب والمقاسمة في الطبيعة البشريّة، وبالتّالي في الدّرب والبيت والمائدة... إنّ الرّحمة تجاه الذين يحتاجون لتغيير الحياة كانت تتمُّ من خلال حضوره المحبّ ليشمل كلّ شخص في تاريخ خلاصه.

 

لقد كان يسوع يُقنع الناس بلطافته ومحبّته ومن خلال هذا التصرّف كان يسوع يلمس عمق قلوب الأشخاص وهؤلاء كانوا يشعرون بأنّهم منجذبون نحو محبّة الله ومدفوعون لتغيّير حياتهم. فتوبة متى ( متى ۹، ۹- ۱۳) وزكا ( لوقا ۱۹، ۱- ۱۰)، على سبيل المثال، قد تمّت بهذا الشّكل، لأنّهما شعرا بأنّهما محبوبان من يسوع وبواسطته من الآب أيضًا. إنّ التّوبة الحقيقيّة تتمُّ عندما نقبل عطيّة النّعمة؛ والعلامة الواضحة لأصالتها هي تنبّهنا لحاجات إخوتنا واستعدادنا للذهاب للقائهم.

 

 أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، كم من مرّة نشعر نحن أيضًا بضرورة تغيّير يشمل شخصنا بكامله! كم من مرّة نقول: "يجب أن أتغيّر، لا يمكنني الإستمرار هكذا، لأنّ حياتي بهذه الطّريقة لن تكون مُثمرة، بل ستكون حياة غير نافعة ولن أكون سعيدًا". كم من مرّة تراودنا هذه الأفكار؟ كم من مرّة... ويسوع بقربنا يمدُّ لنا يده ويقول لنا: "تعال إليَّ وأنا سأفعل الباقي، أنا سأغيّر قلبك وحياتك وسأجعلك سعيدًا".

 

ولكن هل نؤمن بهذا الأمر؟ هل نؤمن أم لا؟ ماذا برأيكم: أنتم تؤمنون بهذا؟ أريد أن أسمع صوتكم: هل تؤمنون أم لا؟ (يجيب الجمع نعم!) نعم هكذا هو الأمر! يسوع معنا ويدعونا لنغيّر حياتنا، فهو بواسطة روحه القدّوس يزرع في قلوبنا هذا القلق لنغيّر حياتنا ونصبح أفضل.

 

 لنتّبع إذًا دعوة الربّ هذه بدون مقاومة، لأنّه فقط بانفتاحنا على رحمته سنجد الحياة الحقيقيّة والفرح الحقيقيّ. علينا فقط أن نشرِّع له الأبواب وهو سيفعل الباقي. هو يفعل كلّ شيء ولكن علينا أن نُشرِّع له قلوبنا لكي يتمكّن من شفائنا وحملنا قدمًا في مسيرتنا؛ وأؤكِّد لكم أنّنا سنكون سعداء أكثر. 

 

 

 

 

قَدَاسَةُ البَابَا فرنسيس

مقابلة سنة اليوبيل العامة

18 يونيو / حزيران 2016

 

موقع الكرسي الرسولي.