بدعوة من صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشاره بطرس الراعي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للموارنة، اجتمع في الكرسي البطريركي في بكركي، يوم الاثنين، في الرابع من شهر نيسان 2016، أصحاب القداسة والغبطة بطاركة الكنائس الشرقية:
ارام الأول كاثوليكوس الأرمن لبيت كيليكيا، ومار اغناطيوس افرام الثاني بطريرك انطاكية وسائر المشرق للسريان الارثوذكس، وغريغوريوس الثالث لحام، بطريرك انطاكية وسائر المشرق والاسكندرية واورشليم للروم الملكيّين الكاثوليك، ومار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الكاثوليك الانطاكي، ومار غريغوار بطرس العشرين غبرويان بطريرك كاثوليكوس كيليكيا للأرمن الكاثوليك، والسفير البابوي المطران Gabriele Caccia والقس سليم صهيوني رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا، والمطارنة ميشال قصارجي رئيس الطائفة الكلدانية في لبنان، وبولس دحدح النائب الرسولي للاتين،والارشمندريت رويس الاورشليمي ممثلا الكنيسة القبطية الارثوذكسية، والخورسقف يترون كوليانا ممثلاً الكنيسة الاشورية، وتباحثوا في شؤون كنسية ووطنية. وقد اعتذر بالأمس عن عدم الحضور غبطة البطريرك يوحنا العاشر اليازجي، بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس لأسباب قاهرة. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
1 – يعبّر الآباء عن فرحهم في هذا اليوم بالاحتفال بالعيد الوطني عيد بشارة العذراء مريم، العيد الوطني الذي يجمع المسيحيين والمسلمين، ويعلنون تمسّكهم بالقيم الدينية الروحية والأخلاقية، التي تدعو الى محبة الله وقبول الآخر في الإنسانية دون تمييز، وبتعزيز الوحدة الوطنية بالمواطنة الحقّة، إذ من دونهما لا يمكن مواجهة المعضلات التي يعاني منها لبنان.
2 – يؤكّد المجتمعون على ضرورة إعطاء أولوية قصوى لانتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية، بموجب الدستور، بعد شغور هذا المنصب منذ اثنَين وعشرين شهرًا، وما نتج عنه من تبعات خطيرة على كلّ مؤسّسات الدولة اللبنانية، وعلى أمنها بالذات.
3 - يناشد الآباء المسؤولين في لبنان إيلاءَ سلامة البيئة، بكلّ مكوّناتها، أهمية كبرى، إذ يشكّل إهمالها خطرًا داهمًا على صحة جميع المواطنين.
4. يطالب الجتمعون جميع المعنيّين بالشأن العام أن يعملوا بجدٍّ ونزاهةٍ على مجابهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، والتي تطول بسلبياتها معظم المواطنين، ولا سيّما الشباب منهم الذين لا يجدون سبيلاً الى العيش الكريم سوى الهجرة. كما يصرّون على ضرورة تحقيق الشراكة الحقيقية في إدارة شؤون الدولة والتي توحي بالاطمئنان لجميع المواطنين.
5- يذكّر المجتمعون بضرورة العمل على الخروج من الإرباك الحاصل، على مستوى علاقات لبنان بعدد من الدول العربية، وتأثير ذلك على شريحة كبيرة من المواطنين في لقمة عيشهم.
6- يعرب المجتمعون عن رفضهم للحروب التي فُرضت على عدّة بلدان في المنطقة منذ سنوات، ويستنكرون التدخّل الإقليمي والدولي في هذه الحروب، ولاسيّما في سوريا والعراق، وذلك بتغذية الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح والتغطية السياسية والإعلامية. وهم يخشون ارتدادات هذه الصراعات المخيفة على سائر بلدان المنطقة، بما فيها لبنان، ويرفضون الكلام عن إعادة ترسيم الحدود في بعض هذه البلدان. كما يستهجن الآباء استخدام الخطاب الديني المتطرّف لإذكاء الصراعات وتبرير القتل وتكفير المواطنين، إلى أيّ دينٍ انتموا، وفي أيّ بلدٍ وقع ذلك، في الشّرق أو الغرب.
7- يناشد الآباء جميع المسؤولين العمل الجدّي على درء موجات التطرّف والإرهاب، وعلى دعم الجيش الوطني في لبنان والبلدان المعنيّة، للتصدّي لها ومعالجتها بكلّ الوسائل المتاحة. وهم يندّدون بشدة بجريمة اقتلاع المسيحيّين وغيرهم من المكوِّنات المستضعَفة من أرضهم في العراق وسوريا، وبما سبق ولحق ذلك من قتل وتهجير وتشريد لهؤلاء الأبرياء، ممّا يرقى إلى درجة "الإبادة" للشعوب والحضارات العريقة في الشّرق الأوسط، على غرار ما حصل منذ مئة عام في الأمبراطورية العثمانية.
8 – يدعو الآباء المجتمع الدولي إلى العمل جدِّيًا على حلّ القضية الفلسطينية، بإقرار وتنفيذ مبدأ الدولتَين وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم؛ وعلى إيجاد حلٍّ سلميٍّ للحروب الدائرة في المنطقة، ولاسيّما في سوريا والعراق، والتي تسبّبت بنزوح أكثر من مليون ونصف مليون سوري إلى لبنان، بالإضافة إلى النازحين العراقيّين، واللاجئين الفلسطينيّين الموجودين فيه منذ سنة 1948. وهذا ما يزيد الأزمة اللبنانية خطورة، إذ لا يملك لبنان القدرة على توفير الملجأ والعيش الكريم للنازحين. ويشدّد الآباء على أنّ الحلّ السياسيّ للصراعات القائمة في المنطقة هو الوحيد المتوخّى، كي يعود جميع النازحين إلى ديارهم. وبانتظار ذلك يحتاج لبنان إلى الدعم القويّ من قِبل الدول والمنظّمات الدولية، كي يتمكّن من مواجهة هذه المعضلة المصيرية.
9- يذكّر المجتمعون بأنّ الكنيسة ستبقى أمًّا روحية أمينةً لدعوتها، فتبذل كل جهدها، مع ذوي الإرادات الحسنة، من أجل المحافظة على العيش معًا، مسيحيين ومسلمين، بالاحترام المتبادل لحقوق جميع المواطنين وواجباتهم، والتعاون في إعادة بناء الوطن الواحد، وإغناء الحضارة التي كوّنوها معًا، بالرغم من الصعوبات التي تنشأ من وقت إلى آخر. كما يدعون أبناءهم وبناتهم الروحيّين الى تفعيل الحضور المسيحي ودوره في بلدان الشّرق الأوسط، بحكم المواطنة والتاريخ، من أجل مواصلة الإسهام الفاعل في تقدّم بلدانهم.
وإذ يشكر الآباء المجتمعون أخاهم البطريرك الكردينال مار بشاره بطرس الراعي على ضيافته، يودّون أن يعبّروا له عن تهانيهم بالذكرى الخامسة لاعتلائه الكرسي البطريركي، داعين له وللكنيسة الانطاكية السريانية المارونية بفيض النعم والبركات، يغدقها الربّ المنبعث ممجَّداً من الموت، بشفاعة أمّنا السماوية مريم العذراء سيدة البشارة. المسيح قام، حقاَ قام!
موقع بكركي