في اليوم العاشر من شهر آيّار 2017، عقد أصحاب السيّادة المطارنة الموارنة إجتماعهم الشَّهريّ في الكرسيّ البطريركيّ في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة مار بشاره بطرس الرَّاعي الكلِّي الطوبى، ومشاركة الآباء العامّين، وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة، وفي ختام الإجتماع أصدروا البيان التالي:
1. رحّب الآباء بزيارة قداسة البابا فرنسيس إلى مصر كرسول سلام، وبالكلمات التي ألقاها أمام الرئيس عبد الفتّاح السيسي والسلطات الرسميّة، وفي المؤتمر الدَّولي حول السلام الذي نظّمه ودعا إليه الأزهر الشريف، وفي الصلاة المسكونيّة مع قداسة البابا تواضروس ورؤساء الكنائس، وفي الإكليريكية البطريركيّة للأقباط الكاثوليك. وهم يرجون أن تكون كلماته دافعاً جديداً لتشجيع شعب مصر في صموده بالمحافظة على ثقافته وتراثه العريقَين، ولتعزيز العمل المسكوني، ولترسيخ العلاقات الإسلاميّة المسيحيّة على أسس الإعتراف بالتعدّدية والمواطنة والحرية الدينية، وحقوق الإنسان، وعلى قيم المحبّة والتسامح التي هي وحدها كفيلة بصناعة مستقبلٍ سويٍ لدول منطقتنا، وبمواجهة التعصّب والإرهاب ووضع حدّ لهما. وهم يضمّون صوتهم إلى صوت قداسة البابا أيضًا في استنكار التعدّيات على المسيحيّين وسائر المواطنين الأبرياء، ويسألون الله أن يشمل ضحاياها برحمته الأبويّة.
2. يجدّد الآباء دعوتهم القوى السياسيّة للإسراع في التوافق على قانون انتخاب جديد يجنّب البلاد شرّ أزمة دستوريّة وسياسيّة. فاللبنانيّون تعبوا من سلبهم حقَّهم الديمقراطيّ، وهم يأبون أن يكونوا رهينة المصالح السياسيّة الضيقة. ويرفضون أن تتحوّل الديموقراطيّة إلى مجالٍ لاغتصاب السّلطة.
3. ينبّه الآباء من جديد إلى آفة الفساد التي تظهر كلّ يوم في مؤسّسات الدّولة. ومع تقديرهم العميق لجهود بعض الموظّفين الكفؤ والمخلصين، وعملهم الدؤوب على إبقاء نفحة من الثقة بالدّولة لدى المواطنين، فهم يأملون بأن يكون إنشاء وزارة جديدة لمكافحة الفساد منطلقـًا للعمل الجدّي على إصلاح الإدارة العامّة بتحريرها من التدخّلات السياسيّة المبنيّة على منطق المحسوبيّات والزبائنيّة، وبإعادة الحصانة لمجلس الخدمة المدنيّة وسائر المؤسّسات الرقابيّة، واعتمادها، في مسار التوظيف، مبادئَ الكفاءة والنظافة الأخلاقيّة؛ وفي تقويم عمل الموظّف، مبادئ إخلاصه للدولة، والثواب والعقاب، ومساواة الجميع أمام القانون.
4. يعرب الآباء عن استغرابهم لجوء بعض المطالبين بحقوقٍ يرونها مُحقّة، إلى تحويل المطالبة إلى شغبٍ وفوضى، وتعدٍّ على حقوق المواطنين الآخرين، وذلك تحت نظر بعض المسؤولين السياسيّين، إن لم يكن بتحريضٍ وتغطيةٍ منهم. وهم يهيبون بالسلطات المعنيّة أن تقوم بواجبها الذي تنصّ عليه القوانين. فحقّ التظاهر وإبداء الرأي مقدّسٌ، شرط ألاّ يخلّ بالأمن وبالإنتظام العامّ، وألاّ يتعدى على مصالح المجتمع، وحقوق سائر المواطنين وكراماتهم.
5. يُحيِّى الآباءُ الجيش اللبناني وسائرَ القوى الأمنيّة، على الجهوزيّة الدّائمة والتضحيات التي يقدّمونها، في الداخل وعلى الحدود، للتصدّي للإرهاب والجريمة. وهم يعربون عن تضامنهم مع أهل الشّهداء الذين سقطوا عند قيامهم بالواجب، ويذكّرون بالجنود المحتجزين لدى بعض المنظمات الإرهابيّة، وبضرورة بذل كلّ الجهود لاسترجاعهم سالمين.
6. في هذا الشّهر المكرّس لإكرام أمّنا العذراء مريم، وفي ذكرى مرور عشرين سنة على زيارة البابا القدّيس يوحنّا بولس الثاني إلى لبنان، يدعو الآباء أبناءهم إلى المشاركة في الحجّ إلى المزارات المريميّة، وإلى تكثيف الصّلوات والتقشّف، والتوبة وأعمال الخير، سائلين الله بشفاعة أمّه سيّدة السّلام والقدّيس يوحنّا بولس الثاني، أن يشفق على شعوب هذه المنطقة المعذّبة، وينير عقول المسؤولين فيها، وعلى المستوى الدّولي، كي يعملوا على إيقاف الحروب والتقتيل والتدمير، ووضع حدٍّ لجنون الإرهاب المتفلّت من كلّ قاعدة أخلاقيّة دينيّة أو إنسانيّة.
موقع بكركي.