في اليوم الخامس من شهر كانون الأول 2018، عقد أصحاب السّيادة المطارنة الموارنة اجتماعهم الشّهري في الكرسي البطريركي في بكركي، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة الكردينال مار بشاره بطرس الراعي الكلّي الطّوبى، ومشاركة الآباء العامّين للرهبانيّات المارونيّة. وتدارسوا شؤونًا كنسيّة ووطنيّة. وفي ختام الاجتماع أصدروا البيان التالي:
1. يُعبِّر الآباء تكرارًا عن سعادتهم باللقاء الذي جمعهم وقداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، خلال زيارتهم الأعتاب الرسولية في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني المنصرم، ودام حوالي ثلاث ساعات. وقد شاءه قداسته حواريًّا حول كلّ ما رغب السادة المطارنة أن يطرحوه عليه من مواضيع كنسيّة عامّة وخاصّة، وتلك التي تهمّ لبنان في ضوء الأوضاع الإقليميّة والدوليّة المُؤثِّرة.
وحمّل الآباء رسالته إلى أبناء الكنيسة المارونية، ودعاهم فيها إلى الحفاظ على دعوتهم إلى القداسة والشهادة لإيمانهم بالصلاة والفقر والجرأة والرجاء. كما عبّر قداسته عمّا يكنّه للبنان واللبنانيّين من محبّةٍ وتقدير لدورهم في المنطقة. وهذا أظهره أيضًا في استقباله، خلافًا للعادة، الوفدَ اللبناني المؤلَّف من نوّاب من مختلف الطوائف مع المؤسسة المارونية للانتشار، بالإضافة إلى الإكليروس الماروني، وقد رافقونا جميعهم بمبادرة خاصّة منهم.
2. التقى الآباء أيضًا الكرادلة والأساقفة رؤساء الدوائر الفاتيكانية، ولاسيّما في مجمع الكنائس الشرقية وأمانة سرّ دولة الفاتيكان حيث تمّ التداول بمجريات الأمور في منطقة الشرق الأوسط وأبعادها الكنسيّة والسياسيّة، إقليميًّا ودوليًّا، وكانت مناسبة اطّلع فيها الآباء على قراءة أمانة سرّ الدولة لهذه المجريات.
3. يُقلق الآباء غيابُ أيّ بصيص أمل بتشكيل الحكومة، بسبب تمسّك كلّ فريق بمطلبه وموقفه، وبسبب الأحداث الداخلية المستجدّة، فيما تتفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية. لذا يُجدِّد الآباء دعوتهم المسؤولين السياسيّين إلى اتّقاء الله في وطنهم وشعبه ومؤسساته. فما من مبرّر لتأخُّر تشكيل الحكومة يتقدّم وجوب إقبالهم على العمل لإنقاذ البلاد ممّا هي فيه ويمكن أن يدهمها ويزيد من محنتها، وقد بدت علاماته المشبوهة تظهر في هذه الأيام الأخيرة. ويتّكل الآباء على حكمة فخامة رئيس الجمهورية المؤتمن على مؤسّسات الدولة وخير شعبها، كي يجد الحلّ المناسب للمعضلة التي تحول دون ولادة الحكومة الجديدة، من أجل خلاص الوطن من الأخطار المحدقة به داخليًّا وخارحيًّا.
4. إن وضع النازحين السوريين في لبنان يزداد تعقيدًا. من دون إهمال الواجب الإنساني الذي يُحتِّم الوقوف إلى جانبهم، لا بدّ من الإشارة بأن البلاد لم تعدْ تحتمل أعباء هذا النزوح على اقتصادها وأمنها وحقوق اللبنانيين. لقد طالب لبنان ولا يزال المجتمع الدولي بتبنّي سياسةٍ واضحة وعادلة في هذا الشأن، تقوم على فصل الحل السياسي في سوريا عن ضرورة عودة النازحين إلى أرضهم ووطنهم، حفاظًا على حقوقهم وتاريخهم. فلا بدّ من التنسيق بين المنظمات الدولية والعواصم الكبرى والسلطات المحلية، لرسم خطةِ العودة إلى المناطق السورية الآمنة، وهي كثيرة، وتأمين موجبات الحياة الكريمة لهم في وطنهم.
5. فيما نحن على مشارف عيد سيدة الحبل بلا دنس الذي يحييه العديد من أخوياتنا، فإنّا نهنّئها به ونتمنّى لها المزيد من الازدهار في تقديس أعضائها ونجاح رسالتها وشهادة الإيمان والصلاة فيها. وفي زمن الاستعداد لعيد الميلاد المجيد، نرجو أن يكون غنيًّا بالنعم الإلهيّة والتوبة وأعمال الرحمة تجاه العائلات ولاسيّما الأطفال الذين يُحرمون بهجة العيد. إنّنا نكون في الميلاد حقًّا عندما يولد المسيح في قلوبنا، ونشهد له بالفرح والرجاء في خدمة الحقيقة والمحبة، فيتواصل نشيد الملائكة ليلة ميلاده في بيت لحم: "المجدُ لله في العلى، وعلى الأرض السلام، والرجاءُ الصالح لبني البشر" (لو2: 14).
موقع بكركي.